هو عبدالله بن حمود بن سبيّل الباهلي . . . شاعر علم (( من قبيلة باهلة )) ولد ابن سبيّل في قرية ((نفي)) بنجد حوالي سنة 1277هـ وفيها توفي سنة 1357هـ . . . عاش ابن سبيل ما يقارب ثمانين سنة . . . وبعد تولي المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود ولاه إمارة ((نفي)) حتى توفي ولا تزال إمارة هذه البلدة في ((آل سبيّل)) حتى الآن . . . للشاعر من الأولاد اثنان هما ((عبدالعزيز)) و ((ناصر)) وكان عبدالعزيز شاعراً ولكنه لا يظهر شعره ولا يذيعه لتدينه
ويعد ابن سبيّل قمة من أعلى قمم الشعر النبطي ولا زال ابن سبيّل شاعراً فيلسوفاً راقي الشعر متين الاسلوب . . . شعره منتشر بين الناس يضرب به المثل بالإجادة والإبداع فقد برع في فنون الغزل بصفة خاصة ومختلف فنون الشعر النبطي عامة وشهرته بالغزل فاقت جميع الشعراء وعرف كشاعر غزل يقاس بشعره شعر الشعراء وقد أثَّر بشعراء عصره فقلدوه وتبعوه وأصبح الغزل فن ذلك العصر
لم يكن ابن سبيّل مستجدياً بشعره أبداً بل كان عفيفاً رفيع النفس لم يمتدح بحياته قط أحداً من الملوك أو الأمراء طمعاً بهباته . . . فلم يذكر له الرواة سوى قصيدة واحدة امتدح بها ((محمد بن رشيد)) أحد حكام حائل اتقاء شره لا طعماً بكرمه
تأثر شاعرنا بلهجته وألفاظ شعره ومفرداته بلهجة قبيلة ((عتيبة)) لاحتكاكه بهم ولم يكن شاعرنا عتيبياً بل كان باهلياً ((من قبيلة باهلة)) ولكن لمعايشته ((للعتبان)) دوراً في لهجته
كان شاعرنا حضرياً يسكن المدينة ولكنه أولع بالبدو ولوعاً حيث كانوا يقطنون حول قريته بالصيف فتوطدت العلاقة بينهم وازدادت محبيه لهم ومحبتهم له حتى كانوا بحكاياتهم وطرائفهم القاسم المشترك بجل شعره كقوله
ربيع قلبـي صكـت البـدو حولـه=وتقيـرب المقطـان وأحبنــي لـه
وقوله برحيلهم
يتلـون مشـهاة البكـار المشاعيـف=.وكلـن يبي قفـره قـدم يسهجونـه
وقوله أيضاً في البدو حين وجد مكانهم خالياً بعد رحيلهم
يا عين وين أحبابـك اللـي توديـن.=اللي ليا جـوا بالوطـن ربعـوا بـه
أهل البيوت اللي على الجو طوفيـن.=عـدٍ خـلا مكـانهـم وقفـوا بـه
منزالـهم تـذري عليـه المعاطيـن=تذري عليـه من الـذواري هبوبـه
قلَّت جهامتـهم مـع الجـو قسميـن.=الزمل حدر والضغـن سنـدوا بـه
ولم تخلوا روائع ابن سبيّل من الحكم والأقوال المأثورة التي راحت أمثالاً بين الناس كقوله
لا تأخذ الدنيـا خـراصٍ وهقـوات=يقطعك كل من نقل الصميل البـرادي
لك شوفةٍ وحـده وللنـاس شوفـات=ولا وادي سيلـه يحــدر لــوادي
ومن مقومات نجاح شعر ابن سبيّل وانتشاره كونه يصوّر بتعبيره حتى يخيل للسامع أنه يشاهد شريطاً يعرض أمامه فقد كان ابن سبيّل قصصي الاسلوب بشعره يرسم الموقف ويحرك الشخصيات بداخل القصيدة كقوله من قصيدة يحاور بها عذاله متمسكاً بمحبوبته
قالوا نـدور لك من البيـض حليـاه=قلـت آه لـو غيـره بكفـي رميتـه
قالوا نشـاش العـود وشـلك بلامـاه=قلت آه عـود المـوز بيـدي لويتـه
قالـوا تـزوج كـود تدلـه وتنسـاه=قلت آه لـو خـذت أربـعٍ ما نسيتـه
قالوا من أقصى الناس وين أنت ويـاه=قلت آه ما أنسا يـوم جانـي وجيتـه
وعلى هذا المنوال سار شعر ابن سبيّل واستمر حتى كانت له مدرسته الشعرية ومن آثارها بدأ شعراء الغزل يتحولون في طريقة نظمهم حيث فتح أمامهم شاعرنا آفاقاً رحبة جديدة بأساليب حديثة متطورة بطريقة النظم والمعالجة فتأثر به من عاصره وقلده من أتى بعده
وقد أجمع النقاد على أنه شاعر غزل وهذا لا ينفي كونه مبدعاً بكل معنى يطرقه وهو الأبيات من قصيدته في مدح محمد بن رشيد
كثيـرات رثعاتـه قليـلٍ سليمــها=اليـا طنـا مـا يسمــع للعـذايـل
واليا بغـا أمـرٍ ما يـداري عواقبـه=يجـي له وجـرانٍ من الغيـظ شايـل
اليا شال غيظه يرذي الخيـل والنضـا=بواريدهـم طالـت بعيـد المخـايـل
أما في الحكمة فهذه أبيات من قصيده لابن سبيّل
لا تسمـع في هـرج نقـال ولا قـال=خلـه يقـل الحكـي بينـه وبينــك
وسـدك فلا تعطيـه عـمٍ ولا خـال=كـم واحـدٍ بالهـرج يبحـث كنينـه
مقعـدك مع ناسٍ لهـم عنك منـزال=.لا هـم بـراجينـك ولا خـايفينـك
معهـم خبـرك وكايلينـك بمكيـال=على العسر واليسـر هـم عارفينـك
في مجلـسٍ مـالك مقـامٍ وتفضـال=أخيـر مـا تفعـل مقامـك بحينـك