بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أسرار التفوق متوفرة فينا جميعا .
وهنا خمسة مبادئ تتيح لنا استغلالها
عام 1967 كان في عداد فريق ( غرومن ) الفضائي بصفة مبرمج مبتدئ للدماغ الالكتروني . وهو الفريق الذي أوكلت لة مهمة تصميم وصنع العربة القمرية التي حملتها المركبة الفضائية
( ابولو – 11 ) وتلك المركبة هي الأولى التي حملت على متنها إنسانا وهبط بة على سطح القمر .
وعندما بدا العمل حدث أمر مفاجئ وغريب إذ تحول ألوف الرجال والنساء العاملين في المشروع – مديرين وسكرتيرات وتقنيين – موظفين أعطوا أفضل إنتاج في حياتهم .
في غضون 18 شهرا حققت شعبتة أداء متقدم جدا بعدما كان ضعيفا نسبيا وسأله المدير : ( هل تريد أن تعرف السبب ؟) وأشار إلى القمر الشاحب الذي كاد يحتجب في السماء الشرقية وقال :
( يا فتى الإنسان منذ ألاف السنين يحلم بالوصول إلى هناك ونحن سنحقق لة حلمة ) .
أراد تعلم المزيد عن الدوافع التي تحض الناس على بذل جهود خارقة فأصبح محلل نفسي بعدئذ عمل فترة مع مرضى مصابين بالسرطان في مراحلة المتقدمة . وعلى الرغم إن حالاتهم كانت أكثر تعقيدا مما يتطلبة العمل العادي فان الناجيين مثل زملائة القدامى في غرومن تكلمو عن مهمة خارقة ألهمتهم واخبرة احدهم وهو عازف بيانو انه كان يعتمد على طاقات جسدية وفكرية وعاطفية لم يعلم بوجودها لدية من قبل وأضاف : ( إن بقائي حيا في هذه الأيام أصعب بكثير من عزف مقطوعات موزار أو شوبان وهو أصبح أنجازي الأهم ) .
وبعد الإنجازات التي شاهدها في مجال الرياضة وفي المجالات الأخرى اقتنع إن الحافز على التفوق يأتي في الدرجة الأولى من داخل الإنسان وتسائل هل في الامكان اكتشاف سبل تتيح السيطرة الإرادية على الأداء المتميز وتستهل العمل الذي يحقق إنجازا مميزا ؟
وعقد العزم على معرفة الجواب وعلم خلال السنوات الثمانية عشر التي قضيتها في دراسة المتفوقين إن هؤلاء ليسوا فوق البشر ولا يتمتعوا بموهبة فردية مشتركة أو ببراعة مكتسبة فما يجمع بينهم براعة مميزة في تعزيز النقاط الايجابية بواسطة أساليب بسيطة يمكن أي شخص ممارستها وهنا أهم المبادئ :
1. تطلع إلى هدف ما . يطمح المتفوقون إلى أكثر من الفوز في المباراة المقبلة إنهم يتطلعون إلى نيل البطولة ولديهم هدف بعيد المدى يلهمهم التزامة والعمل لآجلة .
كان السير توماس واطسون في الأربعين عندما أصبح مديرا عاما لشركة صغيرة تصنع مشرحات اللحم وساعات ضبط الدوام وآلات تثقيب البطاقات وهو أدرك امكانات الآلة في استيعاب المعلومات وخزنها قبل عشر سنين من إنزال الدماغ الالكتروني إلى الأسواق وتماشيا مع تطلعاتة أطلق على شركتة اسم ( الشركة الدولية للآلات التجارية ) ( IBM ) ولدى سؤالة في نهاية حياتة عن المرحلة التي توقع فيها لشركتة أن تصبح بهذا الكبر أجاب : (منذ البداية ) عندما يزمع المتفوق على الشوارع في العمل يسئل نفسة ( ماذا أحب أن افعل ؟ ما هو العمل الذي أحسنة ؟ ) المتفوق قليل الاهتمام بإظهار جدارتة في كل شئ ويفضل استخدام مهاراتة في سبيل هدف معين والمبدأ الأساسي يتمثل في ألا تكون اينشتاين بالضرورة بل أن تكون ذاتك الأكثر إنتاجا .
2. ضع النتائج نصب عينيك . إن مدمني العمل يكرسون أنفسهم للعمل النشيط والمتفوق تهمهم النتائج وهم يعملون من اجل أهداف تساهم في تحقيق دواتهم وفي امكانهم رؤية النهاية التي ينشدون إليها . كان جيم غراي عامل أسلاك في مصلحة الهاتف ورغب في أن يصبح مشرفا على الصيانة إلا أنة كان يفتقر إلى الأقدمية ولا أمل له في الترقية وبغية لفت نظر رؤسائه ركز طاقتة ليكون أفضل حرفي في مجموعتة وهو يقول : ( جل ما توجب علي فعلة أن اثبت إن جيم غراي والعمل الجيد صنوان ) لاحظ الموظفون الكبار في الشركة إنجازات جيم وعرفوا أنة حتى حين يعمل في فتحة أرضية للهاتف فلم يكن يدخل احد لمساعدتة لأنة يقوم بعملة على أكمل وجة وهكذا نقل جيم من قسم التركيب إلى قسم الصيانة ثم عين مدربا لتقنيين جدد وسرعان ما ترقى إلى رتبة مشرف على الصيانة فحقق حلمة الذي كان يدغدغ مخيلتة منذ وقت بعيد إن المتفوقين لا يعيلون أهمية للثغرة المثبطة بين ما هم علية وما يرغبون في الوصول إليه وهم مثل جيم يضعون نصب أعينهم أهدافا تتماشى مع تطلعاتهم وهذا يدعوه احد أصحاب شركة كبرى للمحاسبة ( أحلاما لها مواعيد قصوا للتحقق )
3. استغل قدراتك الكامنة . يعتقد عالم اغلنفس أبراهام ماسلو إن ثمة نزوعا في كل فرد إلى تحقيق ذاته ويشير إلى طاقة تطالب باستغلالها والى عزم متواصل على تطوير الذات واحترامها وتحقيق الإنجازات وان طاقة الفرد الكامنة لا تبرز من خلال تعود المهارات بل من خلال تشريع الأبواب أمام لقدرات التي تنتظر استغلالها . لقد ظن خبراء كثيرون في العام 1953 ان اجتياز 1600 متر ركضا في أربع دقائق أمر مستحيل جسديا لكن البريطاني روجر بانيستر امتلك قدرات كامة دعتة الى عدم الاخد بالاعتقادات الشائعة وفي العام 1954 حطم بانستير الرقم العالمي وقطع المسافة في ثلاث دقائق وتسعة وخمسون ثانية وأربعة أعشار وبعد العمل البطولي الذي حققة أخد عداؤون في أنحاء العالم يقطعون مسافة الـ1600 متر في اقل من أربع دقائق .
4. نم روح العمل الجماعي . الإنجازات العالية المستوى خصوصا في مواقف تنافسية داخل مؤسسة ما يمكن ان تبرز من خلال دعوة المرء الآخرين الى المشاركة في عملة الخاص وتقديم قدراتهم الفنية . احد المشرفين على العمل في مصنع حراري أعطى تفسيرا لتميز وحدة من التقنية بأدنى نسبة من الصرف أو التخلي عن العمل وبسجل ممتاز للفاعلية ومهمة تلك الوحدة التحقق من درجات الحرارة والضغط في الآلات الدقيقة وهو عمل رتيب تسم بالتكرار فأشار قمصانهم الخضر التي تشبة قمصان الجراحين وقال : ( لقد جئت بالقمصان من عند ابني وهو جراح قلب واخبرت عمالي : إننا نهتم بهذه الأنابيب مثلما يهتم الطبيب بقلوبكم ولن تكون ثمة سقطات في هذا المصنع ما دمنا نحن نعمل على الصيانة شرايينة ) وبمزيج من ينادي الأخر بكلمة ( دكتور ) . ثمة شركات عدة تبرز وتتفوق لأنها تدع موظفيها يشعرون وكأنهم شركاء في مشروع . وعندما يمنح هؤلاء الموظفون مزيدا من الاستقلالية والمسؤولية وفرص التقدم يتحقق ارتفاع في الإنتاج وتحسين في نوعيته .
5. انظر الى العقبات وكأنها مواطئ قدم في طريق النجاح . خرجت المركبات الفضائية (ابولو) عن مسارها الصحيح أكثر من 90 في المئة من الوقت أثناء رحلاتها من الأرض الى القمر وكان على طواقمها تصحيح المسار على الدوام فهل تعلم ان الخروج عن المسار أمر لم يحفل بة الرواد ؟ ان التقدم في المسار الصحيح لا يعني الكمال بل يعني انك تتقدم في الاتجاه الصحيح وان لم تسير أمورك على الطريق الكمال . وفي دراسة عن 90 طليعيا في مجالات التجارة والسياسة والرياضة والفنون وذكر كثيرون منهم بدايات خاطئة من دون التكلم عن إخفاق أبدا والخيبات التي يواجهها الإنسان تحض على بدل مزيد من العزيمة وتحقيق مزيد من التطوير أو التغيير . ومهما ساءت الأمور يشعر المتفوقون دائما بان ثمة سبلا أخرى يستطيعون سبر أغوارها وان لديهم فكرة أخرى لاختبارها . حين أصبح توم فاتجو في السادسة والثلاثين كان حول مبلغ 500 دولار وشاحنة مستعملة للقمامة اكبر شركة للتخلص من النفايات في الولايات المتحدة لكنة عرف أيضا مدى التعب الذي نهك صحته فعمد الى ممارسة رياضة الهرولة ومن ثمة أخد يشترك في مباريات الركض وفي غضون سنة عادت قوته إليه وباع شركتة لتمويل بناء مركز للمؤتمرات وناد صحي لكبار الموظفين في مدينة هيوستن بولاية تكساس وبعد ذلك أسس شركة دعاها
( شركة العيش الهنيء ) وهي توفر تسهيلات صحية وبدنية للشركات والجمهور على السواء
مهمتة الخاصة كانت البحث المستمر في الدافع الى نجاح المتفوقين . وهي أدت الى استنتاج حتمي : فما يفعله هؤلاء المتفوقين ليس شانا غير عادي إنهم في غالب الأحوال أشخاص عاديين أصبحوا متفوقين بعدما بدلوا جهودهم لاستخدام ما دعاه الكاتب الألماني غوتة ( العبقرية والقوة والسحر ) الموجود فينا جميعا .
هذا و الله أعلم
المصدر : al mukhtar min reader,s digest فبراير 1988