نبذة عن أمهات المؤمنين
قال تعالى ( النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم ) الاحزاب تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الحافظ البيهقي بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة، واجتمع عنده إحدى عشرة، ومات عن تسع، وكان له جاريتان.
نساؤه التسع اللاتي مـات عنهن هن سـودة بنت زمعـة، وعائشـة، وحفصـة، وأم حبيبـة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وصفية بنت حُيَيّ الهارونية رضي الله عنهن جميعاً.
واللاتي دخل بهن صلى الله عليه وسلم التسع هؤلاء زائداً زينب بنت خزيمة، وأم شريك.
والمرأتان اللتان لم يدخل بهما هما عمرة بنت يزيد الغفارية والشنباء، والجاريتان اللتان لم يضرب عليهما الحجاب هما مارية القبطية وريحانة رضي الله عنهن جميعاً.
نبذة عن أزواجه اللاتي دخل بهن
حسب ترتيب زواجه صلى الله عليه وسلم بهن:
1. خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
كانت خديجة امرأة حازمة، شريفة، لبيبة، عاقلة، تاجرة، وكانت تستأجر الرجال على مالها مضاربة.
فلما سمعت بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمانته عرضت عليه أن يخرج في تجارتها إلى الشام مع غلامها مَيْسرة.
فلما عاد من الشام بأرباح كثيرة، وأخبرها ميسرة ببعض ما رآه عليه من الكرامات، وبصدقه وأمانته، رغبت في زواجه، فذكر ذلك لأعمامه، فذهب معه حمزة إلى أبيها خويلد بن أسد، فخطبها وتزوجها، فأصدقها عشرين بَكْرَة.
وكانت خديجة أولى وأفضل زوجاته صلى الله عليه وسلم.
وكان عمره صلى الله عليه وسلم عندما تزوجها خمساً وعشرين سنة، وكان عمرها أربعين سنة، وجلس معها اثنتين، وقيل أربعاً وعشرين سنة، لم يتزوج عليها غيرها وفاء وتقديراً لها، فعافاها الله من نكد الضرائر، وماتت وعمرها أربع وستون سنة، قبل الهجرة بثلاث سنين.
لقد واست خديجةُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعقلها، ومالها، وحسن خلقها وتدبيرها، وقد رزقه الله جميع أولاده منها، وهم ولدان: القاسم وكان أكبر أولاده فكني به، وعبد الله الذي كان يلقب بالطاهر والطيب، وقد ماتا صغاراً؛ أما بناته منها فأربع، وهن: زينب وكانت تحت العاص بن الربيع ابن خالتها هالة، ورقية وأم كلثوم وكانتا تحت عثمان، حيث عوضه أم كلثوم بعد وفاة رقية، وكانتا قبل بعثته صلى الله عليه وسلم متزوجتين من ابني عمه أبي لهب، وعندما بُعِث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفر أبولهب أمر ابنيه أن يطلقا بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم لينشغل عن دعوته، أما فاطمة فكانت تحت علي رضي الله عنه.
وكلهن أدركن الإسلام وأسلمن، ومات كلهن قبله إلا فاطمة ماتت بعده بستة أشهر.
أما ابنه إبراهيم فإنه كان من مارية القبطية التي هداها له المقوقس ملك مصر، ومن أهل السير من عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة من الولد، منهم الطاهر والطيب، وهما لقبان لعبد الله.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكر خديجة بعد وفاتها، وكانت عائشة تغار منها ولم ترها.
وكانت خديجة رضي الله عنها قبل أن تتشرف بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم متزوجة برجلين قبله هما: عتيق بن عائذ بن مخزوم فولدت منه بنتاً، وبعد هلاكه تزوجت بأبي هالة التميمي، فولدت له هند بن هند، وكان ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضائل خديجة
1. كانت في الجاهلية تلقب بالطاهرة.
2. أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء.
3. أن الله أقرأها السلام بواسطة جبريل: "يا خديجة، هذا جبريل يقرئك السلام من ربك"، فقالت خديجة: الله هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام.2
4. من النساء الكمل، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خير نساء العالمين مريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد"3، و"كمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع، هن: مريم ابنة عمران، وآسيا بنت مزاحم، وخديجة، وفاطمة".
5. وروي عنه أنها سيدة نساء الجنة بعد مريم.
6. وروي عنه أنه قال: "خير نسائها خديجة، وخير نسائها مريم".
7. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة ذات يوم فتناولتها، فقلت: عجوز كذا وكذا، قد أبدلك الله بها خيراً منها؛ قال: "ما أبدلني الله خيراً منها، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها"5، فقلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم.
2. سودة بنت زمعة العامرية رضي الله عنها
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد موت خديجة بأيام قلائل، قبل أن يعقد على عائشة في أرجح قولي العلماء، وهاجر بها إلى المدينة، وكانت قبـل ذلك تحت ابن عم لهـا يقـال له السَّكران بن عمرو، أخو سهيل بن عمرو، وكانت امرأة ثقيلة سبطة، وقد أسنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فخشيت أن يطلقها، فوهبت ليلتها لعائشة، وأحبت أن تكون زوجة له في الجنة، فقالت: لا تطلقني وأنت في حل من شأني، فإنما أود أن أحشر في زمرة أزواجك، وإني قد وهبت يومي لعائشة، وإني لا أريد ما تريد النساء؛ فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها مع سائر أزواجه.
وفيها نزل قوله تعالى: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أوإعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير".6
توفيت سودة في آخر خلافة عمر رضي الله عنه.
ما ورد في فضلها
1. حرصها أن تكون إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة.
2. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما من الناس أحدٌ أحب إلي أن أكون في مسلاخه من سودة بنت زمعة، إلا أن بها حِدَّة.
3. من السابقات إلى الإسلام، والمهاجرات إلى الحبشة مع زوجها، فلما قدما مكة مات زوجها.
4. كانت عاقلة راجحة الرأي.
5. عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه بعد حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر"، لم تخرج سودة ولا زينب إلا حين أخرجتا إلى المقبرة.
3. عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها
أمها أم رومان بنت عامر، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بسنتين، وهي بنت ست سنين، وابتنى بها بالمدينة وهي بنت تسع في شهر شوال بعد مُهاجره بثمانية أشهر، وكانت مسماة لجبير بن مطعم فلما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: يا رسول الله دعني أسلها من جبير سلاً رفيقاً.
بقيت عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنوات، ولم يتزوج بكراً غيرها، وكانت من أخظى نسائه عنده، وتوفيت سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين، ولها أربع وستون سنة، فعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة؛ لم يولـد لهـا، واستأذنت رسـول الله صلى الله عليه وسلم في الكنيـة فقـال لها: "اكتني بابنك عبد الله بن الزبير"7، يعني ابن أختها أسماء.
فضائل عائشة رضي الله عنها
1. أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام قبل زواجه منها في سَرَقة من حرير، فتوفيت خديجة فقال: "إن يكن هذا من عند الله يمضه".
2. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".8
3. سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب النساء إليه فقال: "عائشة"، وعن أحب الرجال إليه فقال: "أبوها".
4. وقال مسروق: رأيتُ مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض.
5. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة.
6. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول: حدثتني الصادقة بنت الصديق البرية بكذا وكذا.
7. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيتُ أحداً أعلم بفقه، ولا بطب، ولا بشعر من عائشة.
8. وفيها قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تـزن بريبة وتصبح غرثى* من لحوم الغوافل
عقيلة أصل من لؤي بن غالب كِرام المساعي مجدهم غير زائـل
مهذبة قد طهــر الله خيمها وطهـرها من كل بغي وطائــل
اتهمت عائشة رضي الله عنها ظلماً وعدواناً بحادثة تعرف في التاريخ بحادثة الإفك، وقد برَّأ الله ساحتها من فوق سبع سموات، فمن رماها بذلك بعد تبرئة الله لها فقد كفر.
كما أخذ على عائشة رضي الله عنها خروجها في موقعة الجمل، وقد خرجت تريد أن تصلح بين الطائفتين، ولكن دعاة الفتنة هم الذين أشعلوا نار الحرب، حيث لم تخرج لطلب زعامة ولا لنيل رئاسة.
4. حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها
كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت خنيس بن حذافة السهمي، فلما تأيمت عرضها عمر على أبي بكر فلم يرد عليه، ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان: ما أريد أن أتزوج اليوم؛ فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة"، ثم اعتذر إليه أبوبكر بَعْدُ بأنه ما كان له أن يفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة في السنة الثالثة من الهجرة، ثم طلقها فأمره الله بردها فردها.
توفيت في شعبان 45هـ، في خلافة معاوية وهي ابنة ستين سنة.
فضلها.....
عندما طلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال له: "إن الله يأمرك أن تراجع حفصة، فإنها صوامة قوامة".
5. أم سلمة هند بنت أبي أمية – المعروف بزاد الراكب – المخزومية رضي الله عنها
كانت متزوجة من ابن عمها أبي سلمة.
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال في السنة الرابعة من الهجرة، عندما خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم اعتذرت له بأنه مُصْبية وبأنها غيرى، فقال لها: أما أولادك فأولادي، وأما غيرتك فنسأل الله أن يُذهبها عنك؛ فأمرت ابنها سلمة أن يزوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل زوجها عمر، والراجح الأول؛ وهذا يدل على خطورة الولي في النكاح، فلا نكاح إلا بولي.
كانت أم سلمة من أجمل نساء العرب، قالت عائشة: حُدثت عن جمالها، فلما رأيتها كانت فوق ما وُصِفَ لي.
وكانت من عاقلات النساء، وقد أشارت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل عليها في الحديبية ولم تطب نفوس أصحابه بالتحلل بأن يخرج فيحلق ويذبح، فإذا رآه أصحابه تابعوه على ذلك، فكان ما تنبأت به.
توفيت أم سلمة رضي الله عنها سنة تسع وخمسين، وصلى عليها سعيد بن زيد، وقيل أبوهريرة، ودفنت بالبقيع وهي ابنة أربع وثمانين سنة.
6. أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها
كانت من السابقات للإسلام، وقد هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصَّر هناك فانفصلت عنه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضَّـمْري إلى النجاشي ليخطب له أم حبيبة، وذلك في السنة السابعة من الهجرة، وأصدقها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة.
توفيت سنة أربع وأربعين للهجرة.
فضائلها
جاءها أبوها زائراً قبل إسلامه، فعندما أراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته منه رغبة به عن أبيها.
7. زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية رضي الله عنها
أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي ابنة عمته صلى الله عليه وسلم، زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة، فنشزت عنه وترفعت عليه، فطلقها زيد.
فتحرَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم في زواجها لعادة جاهلية، وهي أن الرجل ما كان يتزوج زوجة ابنه من التبني، فأراد الله إبطال هذه العادة، وهي التي كان يخفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه: "وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه"، لا كما يزعم أهل الزيغ والنفاق أنه شببها على زيد وأنه كان يخفي حبها.
قال تعالى: "فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها".
وقال: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين".
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة من الهجرة.
كانت زينب بنت جحش أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به، حيث توفيت في سنة عشرين في خلافة عمر رضي الله عنه.
فضلها
1. زوَّجها ربُّها ولم يزوجها أولياؤها، ولهذا كانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: إن آباءكن أنكحوكن، وإن الله أنكحني إياه من فوق سبع سموات".
2. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لنسائه: "أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً"، قالت عائشة: "فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق".
3. قالت عنها عائشة: لم تكن امرأة خيراً منها في الدين وأتقى لله تعالى، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد تبذلاً لنفسها في العمل الذي تتصدق به وتتقرب به إلى الله عز وجل.
4. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "إن زينب بنت جحش أواهة".
5. كانت تسامي عائشة في حسن المنزلة عنده صلى الله عليه وسلم، كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم طائفتان، طائفة بزعامة عائشة ومعها حفصة وغيرها، وطائفة بزعامة زينب بنت جحش ومعها أم سلمة وغيرها.
6. عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه بعد حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر" الحديث، قالت سودة وزينب بنت جحش: والله لا تحركنا بعدك دابة؛ فلم تخرجا إلا إلى المقبرة.
8. زينب بنت خزيمة رضي الله عنها
كانت تسمى في الجاهلية بأم المساكين، لكثرة إطعامها وإحسانها إلى المساكين، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان على رأس واحد وثلاثين شهراً من الهجرة.
مكث معها ثمانية أشهر، وتوفيت في حياته صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة من هجرته في شهر رمضان، ودفنت بالبقيع.
9. جويرية بنت الحارث المصطلقية رضي الله عنها
أصابها في غزوة بني المصطلق، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها فقضى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها، وكان ذلك في شعبان سنة ست من الهجرة.
كان اسمها بَرَّة، فغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها إلى جويرية، توفيت في ربيع الأول سنة ست وخمسين من هجرته، وكان عمرها خمساً وستين سنة.
10. صفية بنت حُيَي بن أخطب الهارونية رضي الله عنها
سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر في السنة السابعة، واصطفاها لنفسه، وأسلمت فأعقتها، وجعل عتقها صداقها.
وفي الصحيح أنها وقعت في سهم دِحْية الكلبي، فاشتراها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ماتت في سنة خمسين، وقيل اثنين وخمسين، ودفنت في البقيع رضي الله عنها.
فضلها
1. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على صفية وهي تبكي، فقال لها: "ما يبكيك؟ قالت: بلغني أن عائشة وحفصة تنالان مني وتقولان: نحن خير من صفية، نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه؛ قال: ألا قلتِ لهن: كيف تكن خيراً مني، وأبي هارون، وعمي موسى، وزوجي محمد صلى الله عليه وسلم".
2. كانت صفية رضي الله عنها حليمة عاقلة.
3. روى ابن عبد البر أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب فقالت: إن صفية تحب السبت، وتصل اليهود؛ فسألها عمر عن ذلك فقالت: أما السبت فإني لم أحبه منذ أن أبدلني الله به يوم الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحماً، وأنا أصلها؛ قال: ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعتَ؟ قالت: الشيطان؛ قالت: اذهبي فأنت حرة.
4. لقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من أجل أنها نالت من صفية، وقالت: "أعطي راحلتي لهذه اليهودية؟!" ثلاثة أشهر.
11. ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام سبعة من الهجرة، وهو خارج لعمرة القضية بسَرَف – قرب مكة - وقد خطبها له حمزة بن عبد المطلب، وأوكلت العباس لزواجها منه صلى الله عليه وسلم.
وهي آخر من تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ماتت في نفس المكان الذي ابتنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه في سنة إحدى وستين وقيل ثلاث وقيل ثمان وستين، كان اسم ميمونة برة، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان لميمونة عدد من الأخوات الشقيقات ولأم تحت نفر كرام من أعمام وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهن:
أ. أخواتها الشقيقات:
1. أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب.
2. لبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة أم خالد بن الوليد.
3. وعصماء بنت الحارث كانت تحت أبَيّ بن خلف الجمحي.
4. وعزة بنت الحارث كانت تحت زياد بن عبد الله بن مالك الهلالي.
5. فهؤلاء أخوات ميمونة بنت الحارث الأشقاء، وأمهن هند بنت عوف كما قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستيعاب.
ب. أخواتها لأمها:
1. أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فولدت له عبد الله، وعوناً، ومحمداً، ثم خلفها عليه أبوبكر، فكان نعم الخلف، فولدت له محمداً، ثم خلف عليها علي، فأنعم به وأكرم، فولدت له يحيى، وقيل كانت تحت حمزة ولا يصح، ولهذا كانت تعرف بزوجة الشهداء.
2. سلمى بنت عميس الخثعمية، وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب، فولدت له أمة الله بنت حمزة، ثم خلف عليها بعده شداد بن أسامة بن الهادي الليثي فولدت له عبد الله وعبد الرحمن.
3. وسلامة بنت عميس أخت أسماء.
4. وسُليمى، كانت تحت عبد الله بن كعب بن منبه الخثعمي.
5. زينب بنت خزيمة – زوج النبي صلى الله عليه وسلم – التي كانت تلقب بأم المساكين.
فعبد الله بن عباس، وخالد بن الوليد، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا الهادي أبناء خالات.
خصائص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن
لقد خصَّ الله عز وجل أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بخصائص لم يخص بها واحدة من النساء إكراماً وإجلالاً لهذا النبي الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه.
والخصائص هي:
أ. أن أزواجه أمهات المؤمنين
لقوله عز وجل: "وأزواجه أمهاتهم"15، وهل هن أمهات للمؤمنات قولان لأهل العلم، أرجحهما أنهن أمهات للمؤمنات كذلك.
وهذه الأمومة تكون في الآتي:16
1. وجوب التعظيم والإجلال والمبرة.
2. حرمة النكاح على الرجال.
وتختلف عن حق الأم من النسب في الآتي:
1. الاحتجاب عنهن.
2. عدم الإرث.
قال القرطبي: (واختلف الناس هل هن أمهات الرجال والنساء، أم أمهات الرجال خاصة، على قولين: فروى الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت لها: يا أمة؛ فقالت لها: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم؛ قال ابن العربي: وهو الصحيح.
قلت: لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات للرجال والنساء، يدل عليه صدر الآية: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة، فيكون: "وأزواجه أمهاتهم" عائد إلى الجميع).17
ب. أزواجه في الدنيا هن أزواجه في الآخرة
لقوله صلى الله عليه وسلم: "أزواجي في الدنيا هن أزواجي في الآخرة"، ولهذا حرم على أحد زواجهن، وهذه من خصائصه التي لا ينبغي أن يشاركه فيها أحد، وما يفعله بعض أتباع المشايخ الطرقية من تحريم زواج من طلقها أحد المشايخ أومات عنها لا أصل له ولا دليل، وكذلك الترخص في الدخول عليهن والانبساط معهن.
ج. اختلف العلماء في كونهن كالأمهات في المَحْرَم وإباحة النظر
على قولين:
1. هن مَحْرَم، لا يحرم النظر إليهن.
2. النظر إليهن محرم، لأن تحريم نكاحهن كان لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن، ولأن عائشة كانت إذا أرادت دخول رجل عليها أمرت أختها أسماء أن ترضعه ليصير ابناً لأختها من الرضاع.
والراجح القول الثاني لقول عائشة رضي الله عنها.
د. تضعيف الأجر والثواب لهن
لقوله تعالى: "يا نساء النبي من يأتِ منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً. ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريماً".18
ﻫ. تجب محبتهن وإجلالهن وتقديرهن
ولا يحل لأحد أن ينتقص واحدة منهن، لا سيما عائشة وحفصة كما يفعل الرافضة، ومن فعل ذلك فهو من الهالكين، فقد أمرنا بعدم الخوض فيما شجر بين الصحابة.
أما الحجاب وعدم مصافحة الأجانب فليسا من خصائص نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عام لجميع النساء، وإنما كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم هن القدوة في ذلك، فآية الحجاب في سورة الأحزاب فصلت وعمت: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن".19
فلا يلتفت إلى ما يقوله المتفلتون عن الأحكام الشرعية الداعون إلى ذلك.
يعترض بعض مرضى القلوب من المنتسبين إلى الإسلام تبعاً لما أثاره بعض أعداء الله من المستشرقين على ما خص الله به رسوله عنا من أن يجمع تحته أكثر من أربع نسوة، وذلك لأن الله أعطاه من القوة والمقدرة على ذلك الشيء الكثير، فقد كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة.
وليس رسولنا ببدع من رسل الله وأنبيائه، فقد خصوا بما خص به نبينا، وجمع بعضهم من النساء أضعافاً مضاعفة لما صنعه نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
فقد صح عن نبي الله سليمان عليه السلام أنه طاف على مائة من نسائه في ليلة واحدة، لأنه كان يريد أن يولد له مائة فارس، فلم يقل إن شاء الله، فلم يولد له إلا خلفة.
وذكر ابن الجوزي وغيره من أهل العلم بالتاريخ أنه كان لسليمان20 ألف من النساء، ثلاثمائة من الحرائر وسبعمائة من الإماء؛ وكان لداود مائة.
ونحن عندما نقول ذلك لا نريد انتقاص أحد من الأنبياء، بل نريد مدحهم، ولنا في الإمام أبي الطيب بن الباقلاني القدوة عندما قال له أحد القساوسة: ماذا صنعت زوجة نبيكم؟ يريد قبحه الله عائشة وما رُميت به من حادثة الإفك، فقال راداً ومفحماً له: هما امرأتان عفيفتان مبرئتان من كل سوء، اتهمتا بالفاحشة، لم يكن لإحداهما زوج فأتت بولد، وكان للأخرى زوج فلم تأت بولد، فإن وقع في الذهن الفاسد ريبة على هذه فهو إلى تلك أولى، وكلاهما مبرئتان من الفاحشة والسوء؛ فبهت الذي كفر وخاب وخسر.
والحمد لله الذي به تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الرسل، وعلى أزواجه الطاهرات العفيفات، قدوة المؤمنات الصالحات، وعلى من اتبعهن وسار على طريقهن حتى الممات.