السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في الله... سوف اضع بين ايديكم موضوع مهم وقيم جداً
.. اتمنى ان تستفيدون منه وتفيدون.
لماذا الحديث عن الاحتساب؟
قد تزهدين في العمل الصالح أحياناً...!
بمعنى أنك لا تجدين حماسة له، ولربما كان السبب في ذلك أنك لا تعلمين أهمية هذا العمل ولا الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهلين أن بعض الأعمال البسيطة قد تبلغ بك المنازل العالية فتستهينين بها...!
وفي الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود الاحتساب في حياتك...
فلربما لا تدرين ما هو الاحتساب؟ ولا ماذا تحتسبين؟.
وقد تشعرين عندما تقومين ببعض الأعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك ويقول لك: لا تتبعي نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ الأمر لا يستدعي ذلك... لا تحرمي نفسك فأنت ما زلت شابه... إلخ.
سبحان الله! وهل العمل إلا في الشباب؟.
لو علم هؤلاء أنهم
هم المحرمون
وأنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم من اللهو والعبث... ولا تتعبوها بالغفلة
ارحموها من حمل أثقال المعاصي المتراكمة...
أما إن كان ما تقومين به من أعمال صالحة فيه منفعة للآخرين كقضاء حاجات المسلمين من أقارب وأخوات في الله والتودد إليهم، فستسمعين من ضعاف الإيمان عبارات من نوع:
إنهم لا يستحقون ما تفعليه لأجلهم....
في كل مرة تساعديهم وهم لم يساعدوك مرة واحدة... هل سبق أن قدمت لك فلانه هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟... إلخ
وكأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!
فإن أرضونا تفانينا في الإحسان لهم، وأن أغضبونا تفانينا في الإساءة إليهم!...
إذا ماذا بقي للآخرة؟...
ما الذي ستجديه في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب علاقتك الشخصية بهم وليست لله وحده!
إن الأيام لتذهب سريعاً فلا تفاجئي بخلو صحيفتك من الأعمال التي تبتغي بها وجه الله
أشعرتي بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض الأعمال الصالحة ضعفا ومهانة ! كالعفو والحلم مثلا... !
عندما نغضب .. عندما نحزن .... عندما تضيق بنا السبل ..... لإن لم نعلم أن هناك خالقا نسعى اليه
.. إن تصرفنا لإرضاء أنفسنا والتأر لها .. فنحن لم نعلم معنى الاحتساب ..
لأجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب الأجر أمرا نحتاج إليه...
لماذا من المهم أن تحتسبين الأجر في كل شيء؟
1) حتى تحققي الغاية التي خلقتي من أجلها
لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفتي بها وتحاسبين عليها
لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها
وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه والنجاة من غضبه وعذابه
وأن يحرص على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى
سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم المتروك
فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع
فتكونين ـ بإذن الله ـ قد قمتي بما خلقك الله له
قال الله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
2) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك
بل إنه يحول العادات الى عبادات باستحضار الأجر والغايه
باخلاص العمل لله في كل الأمور
.. صغيرها و كبيرها .. دقها و جلها ..
3) أنتِ بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة
لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا
ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الآن... ألا يبدو لكِ أخيتي الآن الأمر مهما وخطيرا؟
... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
ما الأمور التي تدفعك للحرص على احتساب الأجر في أعمالك كلها؟
1) سرعة مرور الوقت
وهذا يعاني منه الجميع فاستغل الدقائق قبل الساعات
وقد قيل:
(أمسك الذي مضى عن قربه، يعجز أهل الأرض عن رده)
2) موت الفجأة
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}
3) تغير الأحوال من صحة إلى مرض
... ومن غنى إلى فقر ...
... ومن أمن إلى خوف ...
... ومن فراغ إلى شغل ...
... ومن شباب إلى شيخوخة ...
... ومن حياة إلى موت ... !
4) لأنك محتاج إلى أعمال كثيرة تثقل بها ميزانك
فالإنسان سرعان ما يفسد أعماله الصالحة بلسانه من كذب وغيبة ونميمة وسخرية
وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
فقد تأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فتجد لسانك قد هدمها عليك
فلا تكون ممن لهم النصيب الأكبر من ويلات اللسان
وو الله .. ما أحوجنا إلى حسنة واحدة يثقل بها الميزان
5) استشعر التقصير والتفريط في جنب الله
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}
6) الخوف من الله
{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
إن الخوف من الله دافع قوي للعمل الصالح عموما
7) الرغبة في حصول الأجر والثواب
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
8) أن فرصة العيش في الحياة الدنيا واحدة لا تتكرر لتعويض ما فات
{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}
ومع أنها فرصة واحدة إلا أنها تنقضي بسرعة أيضا... !
فعندما تجلسين عند جدتك وتقولين لها:
احكي لي قصة حياتك خلال الستين سنة الماضية فستحكيها لكي في ساعة أو ساعتين!
أين ذهبت تلك السنون الطوال؟!
لا شك أن الحديث عنها سينتهي في يومين على أكثر تقدير...!
قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ...}
"أي اذكر يوم نحشرهم {كأن لم يلبثوا} في الدنيا {إلا ساعةً من نهار}
أي شيئا قليلا منه
استقلوا المدة الطويلة إما لأنهم ضيعوا أعمارهم في الدنيا فجعلوا وجودها كالعدم
أو استقصروها للدهش والحيرة
أو لطول وقوفهم في المحشر
أو لشدة ما هم فيه من العذاب
نسوا لذات الدنيا وكأنها لم تكن
وجملة {يَتَعَارَفُونَ بَينَهُم} أي يعرف بعضهم بعضا
وذلك عند خروجهم من القبور
ثم تنقطع التعارف بينهم لما بين أيديهم من الأمور المدهشة للعقول المذهلة للأفهام
وقيل إن هذا التعارف هو تعارف التوبيخ والتقريع
يقول بعضهم لبعض : أنت أضللتني وأغويتني
لا تعارف شفقة ورأفة
ما فوائد الاحتساب؟
هل تعلمي أنكِ عندما تحاولين احتساب الأجر في جميع أعمالك، قد حصلت لك فوائد عظيمة لا تتوفر عند من لا يهتم بالاحتساب! إن لم تمانع فسأسردها عليك...
فوائد الاحتساب:
1. "دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2. الفوز بالجنة والنجاة من النار.
3. حصول السعادة في الدارين.
4. الاحتساب في الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى وليس لها جزاء إلا الجنة.
5. الاحتساب في المكاره يضاعف أجر الصبر عليها.
6. الاحتساب يبعد صاحبه عن شبهة الرياء ويزيد في ثقته بربه.
7. الاحتساب في المكاره يدفع الحزن ويجلب السرور ويحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمة.
8. الاحتساب في الطاعات يجعل صاحبه قرير العين مسرور الفؤاد بما يدخره عند ربه فيتضاعف رصيده الإيماني وتقوى روحه المعنوية.
9. الاحتساب دليل الرضا بقضاء الله وقدره ودليل على حسن الظن بالله تعالى.
10. علامة على صلاح العبد واستقامته.
11. إتباع للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم"[1].
أراك دائما تحرصين أن تكوني من الناس.. وهذا شيء طيب ولكن.. ليكن طموحك أعلى..
فحب أهل الأرض وحده لا يكفي!.. كما أنه غاية صعبة المنال إلا إذا..
أحبك أهل السماء!!..
تقولي: كيف؟..
أقول لكِ: عليك بالاحتساب فهو عمل صالح.. والمداومة عليه تجعل حياتك كلها طاعات.. والطاعة طريق موصل إلى محبة الله..
وإذا أحبك الله، أحبك أهل السماء ووضع لك القبول في الأرض..
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض"[2].
... اللهم تقبل أعمالنا كلها خالصه لوجهك الكريم ...
يارب ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك
**************
هيا معا نحتسب الأجر ومن الله القبول !!!!!!
مع امنياتي للجميع فوة الايمان والسعادة