شاب يتألم من حالة شقيقه وأسرة تتمنى عدم عودة ابنها للحياة
تزايد أعداد المرضى النفسيين في الشوارع والحدائق والأسواق يثير الخوف بين السكان وأسرهم يلقون باللوم على مستشفيات الصحة النفسية و«الأمل» لرفضهم!
مجهول يسكن بجانب سور مدرسة بنات بالعريجاء
تحقيق - مناحي الشيباني تصوير - حاتم عمر
تصاعدت في السنوات الأخيرة حدة المخاوف من تزايد أعداد المرضى النفسيين في الشوارع والحدائق العامة والأسواق وأبدى عدد من سكان الأحياء مخاوفهم من وجود هؤلاء المرضى النفسيين في الشوارع دون مأوى أو تدخل الجهات المسؤولة أو أسرهم في مراقبتهم والحفاظ عليهم .
فيما أكدت بعض أسر هؤلاء المرضى ل (الرياض) أنهم عجزوا عن رعايتهم ومتابعتهم بعد أن اعتذرت لهم مستشفيات الأمل والصحة النفسية عن استقبال مرضاهم ومعالجتهم .
وأكد الأستاذ الدكتور معن خليل العمر أستاذ علم الاجتماع بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في كتابه التفكك الاجتماعي أن وجود مريض نفسي داخل الأسرة يعتبر من النكبات الداخلية التي تعطل ممارسة أحد الأبوين داخل الخلية الأسرية كما أكد ل (الرياض) العقيد الدكتور راضي عبدالمعطي عضو الهيئة العلمية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ومفتش المباحث الجنائية بمصر أن من أصعب ما يواجهه العاملون في الأجهزة الأمنية هو تعاملهم مع المعوقين ذهنياً أو مع المرضى النفسيين حيث قد يرتكب جرائم تؤدي بمخاطر جسيمة وفي النهاية لا يمكن مساءلته باعتبار أنه مريض نفسي مثل الجرائم التي يعلن عنها في الصحف .
(الرياض) تعرض في تحقيقها اليوم مشكلة تزايد المرضى النفسيين في الشوارع العامة والأسواق وتبحث عن حلول للحد من تفاقم المشكلة التي تمتد جذورها على الأسرة والمجتمع فلماذا يكثر المرضى النفسيون في شوارعنا ؟؟ تقول إحدى الأسر المصاب ابنها بمريض نفسي ل (الرياض) عندما عجزنا عن احتوائه لم يكن أمامنا سواء تركه يواجه مصيره المحتوم في الشوارع فأحياناً يعود للمنزل وأحياناً يبقى بالأسابيع ولأشهر دون أن نراه أو يتصل بنا قسم الشرطة لاستلامه عندما يتسبب في مشكلة للجيران وعن الأسباب التي دعت الأسرة لترك ابنها هائماً على وجه في الشوارع أكدوا كغيرهم أن مستشفى الأمل والصحة النفسية بالرياض يعتذر دائماً عن أستقباله بسبب الزحام الشديد ويكتفى بإعطاء مهدئات وتسريحه للشارع فيما أكدت أسره أخرى أن شقيقهم المدمن تسبب لهم في مشكلات كثيرة داخل المنزل من تكسير لأثاث المنزل والاعتداء على الأخوة والأخوات وعندما عجزوا عن احتوائه تركوه في الشارع وتمنوا عدم عودته إليهم سالماً!!! حيث سبب إحباطات نفسية للأسرة ووضعها في موقف حرج مع الأقارب والجيران ويؤكد الأستاذ الدكتور معن خليل العمر أستاذ علم الاجتماع بجامعة نايف في كتابه التفكك الاجتماعي أن من أشكال التفكك الاجتماعي النكبات الداخلية وهي (أشكال التفكك الأسري).
النكبات الداخلية مثل الأمراض العقلية والعصبية التي تعطل ممارسة أحد الأبوين داخل الخلية الأسرية لأنها تدمر إمكانية أو كفاءة أو طاقة أحد الزوجين في استمرار رعاية الأسرة. ففقدان البصر أو السمع أو الإصابة بمرض انفصام الشخصية يعسر تكيف أفراد الأسرة للمواقف التي تواجهها فتجعل من المصاب إنساناً مزاجياً متقلباً في مشاعره وآرائه حسب وضعه الصحي والنفسي وما على أفراد أسرته إلا أن يتكيفوا لحالة الأب أو الأم المعوقة في استمرارية عيشها داخل الأسرة أو حتى في حالة عوق أحد الأبناء بالولادة أو بالإصابة بأمراض مزمنة مثل ورم بالدماغ أو يولد أخرس أو أطرش أو أعمى فإن ذلك يؤثر على الحالة النفسية والاجتماعية للأسرة فيخلق عندها التفكك الأسري على الرغم من منح الأبوين لابنهما المعوق الرعاية والعطف والحب والحنان.
في الواقع هذه الحالة تؤثر على الزوجة أكثر من الزوج بغض النظر فيما إذا كان المريض ولداً أو بنتاً بينما يتأثر الأب أكثر إذا كان المريض أحد أبنائه (ولدا) وتتأثر الزوجة أكثر بسبب تأثر زوجها ومرض ابنها ويرغبان في إرسال الولد للمصحات أكثر من رغبتها في إرسال ابنتهما للمستشفى أو للمصحة.
مخاطر المرضى النفسيين على المجتمع
مريض يتحرش بالنساء
وفي الشوارع العامة يتسبب المرضى النفسيون لمضايقة المارة وسكان الأحياء وخاصة في الأسواق حيث أكد عدد من سكان حي النسيم بالرياض أن أحد المرضى النفسيين لا زال يضايق المتسوقين في أسواق حجاب بالرياض وخاصة النساء وعند الاتصال بالأجهزة الأمنية يعود المريض في اليوم التالي لما كان عليه وأفاد السكان أن المريض يوجد له أسرة لكنها عجزت عن احتوائه وتركته هاماً في السوق بينما يؤكد أحد أقارب المصابين بمرض نفسي في حي الناصرية بالرياض أنه عجز عن علاج شقيقه وان مستشفى الصحة النفسية بالرياض رفض استقباله لكنه لا زال يتابع شقيقه ويأمل بشفائه وقال ل (الرياض) على الرغم من أن شقيقي لم يسبب أي مضايقة لاحد من الجيران لكن صحته وهيئته تسبب لي كثيراً من الألم!!! ويذكر أحد المسؤولين في الأمن أن دوريات الأمن غالباً ما تقوم بنقل المرضى لمستشفى الأمل والصحة النفسية لكن المستشفيات ترفض استقبالهم أو تقدم لهم الإسعافات الأولية وتقوم بتسريحهم في الشارع وفي حي العريجاء قام أحد المرضى النفسيين الأسبوع الماضي بإثارة الفزع لدى الطالبات في إحدى المدارس الابتدائية عندما قام بالسكن بجانب سور المدرسة ولثلاثة أيام متتالية حتى تدخلت دوريات الأمن وقامت بنقله للمستشفى وتتساءل (الرياض) في تحقيقها اليوم هل الأجهزة الأمنية هي المسؤولة عن متابعة هؤلاء المرضى ويقول العقيد الدكتور راضي عبدالمعطي عضو الهيئة العلمية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ومفتش المباحث الجنائية بمصر أن تحقيق الأمن بالمفهوم الشامل غاية صعبة يقع العبء الأكبر منها على الأجهزة الأمنية حيث يتطلب منها أن تتعامل مع الشخصيات العاقلة والرشيدة ومع الشخصيات المتهورة ومع المرضى النفسيين والمتخلفين عقلياً ولا شك أن من أصعب ما يواجه العاملين في الأجهزة الأمنية هو تعاملها مع المعاقون ذهنياً أو مع المرضى النفسيين حيث قد يرتكب جرائم تؤدي بمخاطر جسيمة وفي النهاية لا يمكن مساءلته باعتبار أنه مريض نفسي مثل الجرائم التي يعلن عنها في الصحف وقد يساء استخدام قصة المرض النفسي عندما يعلن سريعاً أن مرتكب الحادث هو مريض نفسي مما يثير الرأي العام وذلك يتطلب الانتظار لحين فحص الشخص والتأكد من سلامة قواه العقلية من عدمه وعن مخاطر وجود هؤلاء الأشخاص في الشوارع يقول الدكتور راضي من مخاطر وجود أشخاص مصابين بأمراض نفسية في الشوارع أنه قد يرتكب أفعالاً تودي بحياة الكثير من المارة وتؤدي إلى دمار كثير وتلفيات في الممتلكات العامة والخاصة ولا يمكن مساءلته باعتبار أنه مريض نفسي والأخطر من هذا والشيء الذي أوكد عليه أنه قد يستغل المرضى النفسيون استغلالاً سيئاً من بعض عناصر التنظيمات الإرهابية بإحداث تفجيرات وإلقاء عبوات ممكن التنظيم الإرهابي يستغل الشخص ويعطيه العبوة ويعطيه الإشارة بإلقائها في مكان معين ويحدث التفجير وفي النهاية يتم ضبطه ويتضح أنه مريض نفسي وهنا التنظيم الإرهابي أو الشخصية الإرهابية التي خططت للمريض النفسي بعيدة عن المسألة .
ويرى الدكتور راضي عبدالمعطي لحل مثل هذه المشكلة إنشاء جهاز أمني اجتماعي على مستوى عالي يضم عدداً من المتخصصين على أعلى مستوى في تحقيق الأمن الاجتماعي يكون لديهم قدرة وإلمام كامل بقواعد علم النفس وعلم النفس الجنائي بصفة خاصة لكي يستطيع التعامل مع هذه الفئة بأسلوب علمي وصولاً لتحقيق الأمن للمجتمع من خلال إستراتيجية محددة تؤدي إلى أداء أمني عالي المستوى وفق منظومة متكاملة لأن الأمن لا يقتصر على الأمن الجنائي فقط الأمن منظومة متكاملة فيما يعرف بالأمن الشامل (الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي).
والعلاج ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط العلاج مسؤولية المجتمع المدني متكاملاً فالأجهزة الأمنية لا تستطيع أن تقوم بمفردها في علاج المرضى النفسيين لا بد من مشاركة الأجهزة الصحية والأجهزة الاجتماعية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية فجميع هذه الأجهزة متضامنة مع الأجهزة الأمنية تضامناً كاملاً في المسؤولية والأداء حتى نستطيع في النهاية أنها تحقق حل المشكلة .
ووجود مريض نفسي يربك الأسرة بتحركاته فلا تستطيع الأسرة أن تترك مريضها النفسي فلو تركته قد يؤدي إلى أحداث حريق في المنزل لا سمح الله، قد يتسبب في ارتكاب جريمة وهو لا يدرك . فأحب أن أؤكد على أن يكون هنالك تفاعل وتناغم وتنسيق لدور جميع المؤسسات المعنية والرسمية وغير الرسمية بدءاً بالأجهزة الأمنية كل يقوم بدوره في تناغم وتناسق حتى يصل في النهاية إلى تحقيق الأمن في المجتمع .
---------------------------------
منقول من جريدة الرياض