المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زحــــــــام


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42

إبتهال الجنوب
09-10-2008, 10:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

كدتُ أختنق ..
الزحام يحاصرني ..
يفترشُ أرضي ..
يتوسدُ عتباتي ..
يكاد يغلق عليَّ الأبواب
أرتد الى الوراء
مهابة .. خوفا .. ضعفا ..
ما أدري ؟!
أخرج من بيتي
أجدني هلامية ..
في خضم زحام الفراغ
الوسيع المهيب
اتطلع إلى السيارت والخلق ِ
والجو والنور ِ ..
فما أرى منها غير ظلال
علامات باهتة
زحام فراغي عنى يباعدها ..
يكاد يغلفها .. يحجبها ..
اقترب حين سيري في الطرقات
من الوجوه ..
اتفرسُ ..
اتحققُ منها كي أشعر بالامتلاء
وأحس جديدا ..
يزاحم زحام الفراغ بداخلي
اتسمعُ الأصوات من حولي
أ ُعدُ مسامعي لتلقيها
املأ ذات نفسي بها
فما أجد لها مكانا يضمها يؤويها
وتغيبُ وتذهبُ عني
مرتدة ً..
أناديها ..
أبحث عن غيرها
اتلفتُ حولي ..
لألتقط .. رسما .. سمعا .. حرفا ..
تجهدني محاولاتي
وحين عودتي ورجعتي
اعتذرُ مهزومة
فقد خابت جميع اجتهاداتي
في إضافة جديد لذات نفسي
اعتذرُ للخواء ..
لزحام الفراغ ..
أم لذاتي .
ما عُدت أدري ؟!
فحين الزحام تختلط الأنفاس
في الأصوات في الصور
وتضيع الرؤى ..
****
أسلم وسادتي رأسي المتعب
لاسترح ..
فصوت يخترق داخلي من داخلي
يعاتبني .. يقرأ عليَّ
يتلو ليسمعني ..
تاريخا ..
يُرجعني ..
يُذكرني بآتون آلام
ُيلوح لي به ..
يُخوفني .. يردعني ..
يُخضعني ..
أشعره يأخذ طاقاتي
وحضوري ..
وشموخي مني ..
يدعوني لحضرته
لأقف في أجواء سيادته
ومملكتي هي مُلكُه
ومفاتحها بيده ..
وأمتثلُ أنا في وقار الصمت
وحينا أتدثرُ بسكون الصغار وطاعتهم
وأتوارى في دخيلتي
في موضع يشبه الركن المظلم
لاستعيد اسمي ..
هويتي ..
وأعبئ النفس بشحنة من التحدي
فأنا أمقتُ زحامَ الفراغ ِ وسيادته
هو يتهددني .. يُرعبني ..
يُذكرني بسكنى القبور ووحشتها
واغترابها السحيق المليل
أنا أريدُ نورا و ورودا و جروحا
و صعودا وهبوطا ..
سماء تبرقُ تعصفُ ..
تمطرُ ..
ُتفرح الأرض ..
تروي الروض والزهور ..
ُتثمرُ الزروعَ ..
ُتبهجُ الطيرَ..
تعمرُ الحقولَ ..
****
(آه .. نسيتُ أن ..
صوتي والنفس قد علا
نسيتُ الرقيبَ
نسيتُ المستعمرَ الرهيبَ )
- تُرى سيدي ..
سيسكتُ عنَّا ..
وعن فعلتنا
حديثنا وتمردنا ؟!
وإذ به يقتحمُ علينا
خلوتنا .. سكوننا وهدأتنا ..
معلنا قبوله برحابة
عصياننا وتمردنا
مُطلقا صراحنا في مُلكْنا
وتصريف أمرنا و شأننا
بيدنا لا بيد غيرنا
****
فخرجتُ والنفسُ برفقتي
هي وأنا إلي الأسواق
بغية أن نبتاعَ جديدا في جديد
ونعمرُ السكون ..
ونجلبُ إلينا الحياة من جديد
فوجدنا الأسواق تكتظ وتمتلئ
أ ُناس في بيع وشراء ..
ورنين عملات ..
ومناداة ..
ومقايضات ..
وصراعات أصوات
وزاغ البصر ُ
وتبعثرت الصور
وتهاوت الأحلامُ والفكَّرُ
واحتالتْ الأسواقُ بعينينا
ليلا و غابا واغترابا..
فشددتُ على يد نفسي ..
وعُدنا على الفور و الأثر
دونما بيع ولا شراء
عُدت إلى الفراغ
حيث منحته أنا مُلكي
و زوجته نفسي ..
وأجلسته عرشي ..
واعتزلتْ . .
****
و لكن القلب هاج ..
ثائرا ..
رافضا ..
أنْ لا يكون علىَّ ذاك سيدا
أن لا يذوب ..
أن لا يموت بقهره
هو لا يزال بعنفوان نبضه
وسيحتويني ..
ويعيدُ إليَّ مُلكي وزهوتي
ويُحيك لي ثوبا
من شعاع سرمدي
ويُعلي هامتي
تاج تحار الخلقُ في صنعه
وأبدا لن تستسلمين مليكتي
فأنا قلبكِ ..
عبدكِ ..
طوع أمركِ
وسأعرجُ بك حتى تلامسين الأنجم في السما
وتكونين أول شاهد
لليل يمشي مودعا
لاثما ومقبِّلا
وجَنَات فجر مُقبْلا
و الشمسُ تُهديكِ أول قبُلةٍ
حين أول طلةٍ من خدرها
و لتسعدين أبد الدهر برفقتي ..
يا زُخر عرش محبتي
وأميرتي ومليكتي !!
إبتهال الجنوب