الضحية

[مازن حجازي]

محكمة ؟؟؟ قالها الحاجب بأعلى صوته وكأنه أسد يزأر أمام الجميع ، لم تمض لحظات حتى دخل القاضي قاعة المحكمة ووقف الجميع ثم جلس وأشار إليهم بالجلوس وتوقف الزمن لحظة ثم استدار ليعلن الحاجب عن بدء القضايا ، رقم واحد ثم استدرك فى عد القضايا والقاعة امتلأت بالمحامين والمتهمين والمجني عليهم واختلطت الأصوات واختلط الجميع فلم تستطع أن تميز بين ثلاثتهم إلا بنظرات الحزن والغدر والفتوة وكأننا نستمع إلى تمثيلية ، وبعد لحظات فوجئت بالمحامي يخبرني بأن القضية تأجلت إلى الأسبوع القادم فى نفس الموعد . وتوقفت لحظة استعيد من ذاكرتي فترة رقيقة من حياتي حيث كنت أسدا والجميع من حولي حملان وتذكرت مقولة قالها لي صديق قديم : أن لكل واحد مجال يبرع فيه وليس بشرط أن يكون متفوقا فى التعليم فهذا يبرع فى المذاكرة وذلك يبرع فى اللعب وهذا يبرع فى النصب وذلك فى السرقة وهكذا دواليك ، وعلى الرغم من كوني كنت أحد المتفوقين دراسيا أيقنت أني فاشل فى الحياة وخصوصا بعد أن تحولت بقدرة قادر إلى ضحية فمن هم دوني فى التفوق أصبحوا محامين ومن كان همه اللعب أصبح لصا ومن كان يهرب من المدرسة أصبح فراشا وكل يبرع فى مجاله الخاص به ، واستيقظت من غفوتي لأجد نفسي وحيدا فى قاعة المحكمة وانفض السامر ولم يرعني إلا الحاجب يخبرني بأنه سيغلق القاعة ، فشكرته خجلا وخرجت وجلا ورجعت إلى بيتي مسرعا وقلت لنفسي ، لعله خير .