عبدالكريم العياش
27-06-2009, 04:19 AM
( من الذي أختطف طفلي )
لقد أضفى مقدمه المبارك نور يتلألأ شعاعه في كل ركن وزاوية من هذا العش الذي بنيناه على أسس من الحب والتراحم والتعاون ونكران الذات .
بيد ان فراغات عاطفيه وغربه روح فرضتها عليّ واقعيه الانتقال من مراتع الصبي وأفياء النخيل والعنب والمشمش والترنج وغيره . وكذا جدران الطين المبللة بريح المطر .وأماكن اللهو واللعب مع أبناء الحي أبناء عمومتي بين غابات تلك البساتين . بساتين الآباء والأجداد والمفتوحة على بعضها كغابه كبيره عدا حواجز مرئية من القش وأعجاز النخيل الخاوية وحواجز غير مرئية نعرفها نحن الصبية إذ هي تحدد ملكيات كل أسره إذ أن كل صبي وصبيه يعرف حدود بستان أهله وكل بستان يسمّى ( الحوطه ) حيث تلتقي مئات الجداول المتداخلة والتي تسقي كل بستان تبتدئ عند رأس البئر العميقة حيث لكل بستان حوض لتجميع المياه من البئر مشّكله شيء يشبه الدائرة حوله ومن كل حوض ينطلق جدول كبير ليروي البستان ومن جميع تلك كل الأحواض هناك جدول كبير ينتهي إلى مقدامة البئر التي حفرها كما افهمونا جد العائلة زيد وجدتنا زوجته –رحمهما الله- وحيدان غير أن تلك البير لا احد منّا نحن الصبية يجرأ أن يقترب إليها رغم حبنا لها لارتباطها بالمفهوم راسخ بعقولنا الصغيرة أن بها رائحة وعرق جد العائلة .
وعدم الجرأة إلى الاقتراب منها او حتى الانبطاح على حافتها للنظر في قعرها وذلك لكي لا يختطفنا (أبو سلعامه) ذلك الغول الخرافي الذي يحرس البئر كما تعلمنا من أمهاتنا خوفا علينا من أن تزل قدم احدنا الصغيرة ويهوي إلى القاع. ولكم أدركت فيما بعد مدى براءة عقولنا عندما أستعيد بذاكرتي لأرى شخصيه (ابو سلعامه) والذي رسمته بمخيلتي إذ ذاك بصوره مرعبه مروّعه من حيث حجمه الضخم وتشكيلات أنيابه والجمر في عينيه وذراعاه التي تصورتها بحجم جذع نخله تنتهي كل منهما بمخالب خمسه كل مخلب بحجم الفأس.
أووه لقد أبحرت بعيدا عن موضوعي الأساسي وهو (من الذي اختطف طفلي) دون أن ادري إذ علي اختزال صباي في بؤرة اللاشعور لأعود للصدمة الصاعقة. قلت: إن عش الزوجية الذي امتلأ نورا وسرورا ليله ونهاره وملأنا بمشاعر الامتنان وعبئنا مشاغل وطموح وتجارب وخوف وأمل لتلك النقلة بالكم والكيف إذ كنا نرى في كل نظرة فكره, وبسمة ثغر بيت شعر. كل شيء في هذا العش يتمحور حول هذا المخلوق العجيب الجميل الساحر البريء ذو الابتسامة الساحرة التي بنظرنا تملأ الكون . أما بكائه فكان يقوّض كل الأفراح, والنور, والسعادة, ويحوّل تلك المشاعر الرائعة إلى هم مقيم وخوف وقلق عظيم ترتعد منه فرائصنا وجلاً على هذا المخلوق الرائع الذي وهبه لنا الله إلى أن يهدأ ويعود لابتسامته التي تبعث بنا الحياة من جديد.
كل حركة منه نحفظها ونحللها, أنه يشبهني .. لا ! أنه يشبهني أنا .. كل بسمة نفسر معانيها, ونقتات السعادة من كل نظرة منه.
ونسجل بالصورة كل حركة وكل فعل إرادي أو لا إرادي, ونؤرخ كل صورة في يوم التقاطها حتى تجاوزت المئات والمئات.
تصوروا أنني ذات اليوم وأنا مفعم بعاطفة جياشة نظرت إلى ذلك المخلوق البريء الجميل وهو غارق في نومه ضحى هانئة وما وجدتني إلا وأنا أهجم عليه وأحتضنه وأبكي بكاء مر, لا أدري لماذا حتى هذه اللحظة. ولعل هذا سر تأثري إلى اليوم عندما أرى أي من كان حتى الكبار وأتأمله وهو نائم يغمرني شعور عجيب.
ومرة الأيام والسنين سنة بعد أخرى. حتى اختفى ذلك الطفل الجميل الساحر .. إلى أين .؟ لا أدري ؟!
إلا أن في بيتنا رجلاً ذو ملامح منه له الهيبة والمحبة مني ومن أمه, رجل أسمه أحمد , يحثني خيالي إلى أنه هو ذلك المخلوق الذي لا أدري أين ذهب.
كنت غارق بأفكاري تلك يوم 24/01/1430هـ إلى أن أفقت عندما قال كاتب عقود الانكحة لذلك الشيخ الوقور: قل زوجتك يا أحمد بنتي فلانة. ورد أحمد: قبلت بها زوجاً.
لقد كنت لحظتها في دوامه مليئة بالأفراح والسعادة تدور بي وكأنني خارج نطاق الجاذبية.
وبمجرد عودتنا لبيتنا وبعد أن أخلد الجميع للنوم. أقفلت على نفسي وسحبت تلك الحقيبة الكبيرة ورحت أستعرض كل البومات الصور, استعرض صور ذلك الطفل البريء الساحر (أحمد) وأضع إسقاطاتي الروحية من تلك الصور ليركبها على ابني الرجل اليوم . وأنا اردد سبحانك ربنا ما خلقتنا عبثٍ.
اللهم وفقه وأسعده هو وزوجته العزيزة ابنة أولائك الرجال الكرام.
دمتم بخير ...... والسلام
التوقيع
لقد أضفى مقدمه المبارك نور يتلألأ شعاعه في كل ركن وزاوية من هذا العش الذي بنيناه على أسس من الحب والتراحم والتعاون ونكران الذات .
بيد ان فراغات عاطفيه وغربه روح فرضتها عليّ واقعيه الانتقال من مراتع الصبي وأفياء النخيل والعنب والمشمش والترنج وغيره . وكذا جدران الطين المبللة بريح المطر .وأماكن اللهو واللعب مع أبناء الحي أبناء عمومتي بين غابات تلك البساتين . بساتين الآباء والأجداد والمفتوحة على بعضها كغابه كبيره عدا حواجز مرئية من القش وأعجاز النخيل الخاوية وحواجز غير مرئية نعرفها نحن الصبية إذ هي تحدد ملكيات كل أسره إذ أن كل صبي وصبيه يعرف حدود بستان أهله وكل بستان يسمّى ( الحوطه ) حيث تلتقي مئات الجداول المتداخلة والتي تسقي كل بستان تبتدئ عند رأس البئر العميقة حيث لكل بستان حوض لتجميع المياه من البئر مشّكله شيء يشبه الدائرة حوله ومن كل حوض ينطلق جدول كبير ليروي البستان ومن جميع تلك كل الأحواض هناك جدول كبير ينتهي إلى مقدامة البئر التي حفرها كما افهمونا جد العائلة زيد وجدتنا زوجته –رحمهما الله- وحيدان غير أن تلك البير لا احد منّا نحن الصبية يجرأ أن يقترب إليها رغم حبنا لها لارتباطها بالمفهوم راسخ بعقولنا الصغيرة أن بها رائحة وعرق جد العائلة .
وعدم الجرأة إلى الاقتراب منها او حتى الانبطاح على حافتها للنظر في قعرها وذلك لكي لا يختطفنا (أبو سلعامه) ذلك الغول الخرافي الذي يحرس البئر كما تعلمنا من أمهاتنا خوفا علينا من أن تزل قدم احدنا الصغيرة ويهوي إلى القاع. ولكم أدركت فيما بعد مدى براءة عقولنا عندما أستعيد بذاكرتي لأرى شخصيه (ابو سلعامه) والذي رسمته بمخيلتي إذ ذاك بصوره مرعبه مروّعه من حيث حجمه الضخم وتشكيلات أنيابه والجمر في عينيه وذراعاه التي تصورتها بحجم جذع نخله تنتهي كل منهما بمخالب خمسه كل مخلب بحجم الفأس.
أووه لقد أبحرت بعيدا عن موضوعي الأساسي وهو (من الذي اختطف طفلي) دون أن ادري إذ علي اختزال صباي في بؤرة اللاشعور لأعود للصدمة الصاعقة. قلت: إن عش الزوجية الذي امتلأ نورا وسرورا ليله ونهاره وملأنا بمشاعر الامتنان وعبئنا مشاغل وطموح وتجارب وخوف وأمل لتلك النقلة بالكم والكيف إذ كنا نرى في كل نظرة فكره, وبسمة ثغر بيت شعر. كل شيء في هذا العش يتمحور حول هذا المخلوق العجيب الجميل الساحر البريء ذو الابتسامة الساحرة التي بنظرنا تملأ الكون . أما بكائه فكان يقوّض كل الأفراح, والنور, والسعادة, ويحوّل تلك المشاعر الرائعة إلى هم مقيم وخوف وقلق عظيم ترتعد منه فرائصنا وجلاً على هذا المخلوق الرائع الذي وهبه لنا الله إلى أن يهدأ ويعود لابتسامته التي تبعث بنا الحياة من جديد.
كل حركة منه نحفظها ونحللها, أنه يشبهني .. لا ! أنه يشبهني أنا .. كل بسمة نفسر معانيها, ونقتات السعادة من كل نظرة منه.
ونسجل بالصورة كل حركة وكل فعل إرادي أو لا إرادي, ونؤرخ كل صورة في يوم التقاطها حتى تجاوزت المئات والمئات.
تصوروا أنني ذات اليوم وأنا مفعم بعاطفة جياشة نظرت إلى ذلك المخلوق البريء الجميل وهو غارق في نومه ضحى هانئة وما وجدتني إلا وأنا أهجم عليه وأحتضنه وأبكي بكاء مر, لا أدري لماذا حتى هذه اللحظة. ولعل هذا سر تأثري إلى اليوم عندما أرى أي من كان حتى الكبار وأتأمله وهو نائم يغمرني شعور عجيب.
ومرة الأيام والسنين سنة بعد أخرى. حتى اختفى ذلك الطفل الجميل الساحر .. إلى أين .؟ لا أدري ؟!
إلا أن في بيتنا رجلاً ذو ملامح منه له الهيبة والمحبة مني ومن أمه, رجل أسمه أحمد , يحثني خيالي إلى أنه هو ذلك المخلوق الذي لا أدري أين ذهب.
كنت غارق بأفكاري تلك يوم 24/01/1430هـ إلى أن أفقت عندما قال كاتب عقود الانكحة لذلك الشيخ الوقور: قل زوجتك يا أحمد بنتي فلانة. ورد أحمد: قبلت بها زوجاً.
لقد كنت لحظتها في دوامه مليئة بالأفراح والسعادة تدور بي وكأنني خارج نطاق الجاذبية.
وبمجرد عودتنا لبيتنا وبعد أن أخلد الجميع للنوم. أقفلت على نفسي وسحبت تلك الحقيبة الكبيرة ورحت أستعرض كل البومات الصور, استعرض صور ذلك الطفل البريء الساحر (أحمد) وأضع إسقاطاتي الروحية من تلك الصور ليركبها على ابني الرجل اليوم . وأنا اردد سبحانك ربنا ما خلقتنا عبثٍ.
اللهم وفقه وأسعده هو وزوجته العزيزة ابنة أولائك الرجال الكرام.
دمتم بخير ...... والسلام
التوقيع