المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لم يحرمه الدين كيف يحرم ؟؟


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

ذيب السنافي
03-11-2006, 04:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد :

أيها الإخوة والأخوات مساكم الله بكل خير ومسرة ... اليوم آتيكم بموضوع رأيت أنه مما يشتبه أمره على الناس وربما يتساءلون عنه وخاصة عند العامة من المسلمين فلهذا رأيت أن آتي بما يوضح الإلتباس ويوضح الأمر ..

وجدت أن هناك من الناس إذا قلت له إن (الدخان) حرام وأن الشرع حرمه .. قال لك وكيف يحرمه لم نرى في القرآن ولا السنه مايذكر أن التدخين حرام ..

وهذا حقيقةً جهل من قائل ذلك الكلام لقلة علمه بالشرع .. ولهذا لابد من إيضاح كيف حرم التدخين على سبيل المثال وقم بالقياس عليه كثير مما استحدث أو من الحوادث النازلة على الأمة ولم يذكرها الشرع بالنص ..

فأقول :

إن علماء الأمة المجتهدين والذين هم ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا درهماً ولا دينارا وإنما ورثوا علم الشرع والدين من أوامر ونواهي لله سبحانه وتعالى .. قد استنبطوا من عموم ومجموع الأوامر والنواهي الشرعية مايسمى في عرف الشرع ( الضروريات الخمس ) وهي مقصد من ثلاث مقاصد شرعية قسم عليها مجموع الأوامر والنواهي الشرعية هي :

1- المقاصد الضرورية .

2- المقاصد الحاجية أو الحاجات .

3- المقاصد التحسينية.

ونحن سنتكلم عن المقاصد الضرورية التي لاتستقيم الحياة إلا بحفظها .. وهي (الضروريات الخمس) وهي كالتالي :

1- الدين
2-النفس
3-النسل
4-العقل
5-المال

قال الغزالي ( ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم؛ فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ورفعها مصلحة وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضرورات، فهي أقوى المراتب في المصالح)

وقد ورد في الشرع ايآت كثيرة وأحاديث نبوية صحيحة تذكر حفظ تلك الضروريات الخمس بالنص , إما ذكرها بنص عام شامل , أو نص ينص على جزء منها أقصد جزء من الضرورة .. وهذه الضروريات مطلبٌ في كل شريعة وليس في الإسلام فقط .

قال الشاطبي ( فقد اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معين ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد)


وأما ترتيب تلك الضروريات فكان بحسب الأهمية :

فقد قال ابن أمير الحاج ( ويقدم حفظ الدين من الضروريات على ما عداه عند المعارضة لأنه المقصود الأعظم، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وغيره مقصود من أجله، ولأن ثمرته أكمل الثمرات وهي نيل السعادة الأبدية في جوار ربّ العالمين، ثم يقدم حفظ النفس على حفظ النسب والعقل والمال لتضمنه المصالح الدينية لأنها إنما تحصل بالعبادات، وحصولها موقوف على بقاء النفس، ثم يقدم حفظ النسب لأنه لبقاء نفس الولد إذ بتحريم الزنا لا يحصل اختلاط النسب، فينسب إلى شخص واحد فيهتم بتربيته وحفظ نفسه، وإلا أهمل فتفوت نفسه لعدم قدرته على حفظها، ثم يقدم حفظ العقل على حفظ المال لفوات النفس بفواته حتى إن الإنسان بفواته يلتحق بالحيوانات ويسقط عنه التكليف، ومن ثمة وجب بتفويته ما وجب بتفويت النفس وهي الدية الكاملة، ثم حفظ المال)

وطرق المحافظة على تلك الضروريات يكون كما قال الشاطبي :

(والحفظ لها يكون بأمرين:

أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.

والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم.

فأصول العبادات راجعة إلى حفظ الدين من جانب الوجود كالإيمان والنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج وما أشبه ذلك، والعادات راجعة إلى حفظ النسل والمال من جانب الوجود، وإلى حفظ النفس والعقل أيضاً لكن بواسطة العادات.

والجنايات ويجمعها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم).


فبناءً على ماتقدم يستنبط تحريم أمور كثيرة عن طريقها .. وتكون من أوامر الله سبحانه ونواهيه لأنها جاءت بناءً على مقاصد شرعه وما أراد من الناس المحافظة عليه في هذه الدنيا ليفوز بالآخرة ...

ولهذا على سبيل المثال .. نجد أن الفتوى كانت بتحريم (الدخان أو التدخين) لأنه ثبت ضرره على النفس والمال فضرره على النفس يكون بتفويت النفس عن طريق الأمراض الذي يكون التدخين سبب فيها وهي غالباً مميتة قال تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وقال تعالى : {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ للَّهُ إِلاَّ بِالحَقّ}..

وضرره على المال لأن الله نهانا عن التبذير ..

والتبذير لا يكون بحسب الكمية كما هو الإعتقاد السائد لدى الناس وإنما يكون بإنفاق المال فيما لا ينفع أو لا يحتاج إليه أو فيما فيه ضرر على الإنسان قال تعالى : {وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا}.

ومن هنا تنطلق الشريعة وبحسب قواعدها الشرعية في تحريم كل مايعارض حفظ تلك الضروريات وفي تحليل وتشجيع كل مايحافظ على تلك الضروريات ...
============================== =========

وفي الختام أحمد الله سبحانه وتعالى وأشكره على جزيل نعمه وأكبر نعمة هي نعمة الإسلام .. فالحمد الله رب العالمين .. هذا وأسأل الله العفو والمغفرة إن أخطأت فإن خطأي من نفسي والشيطان .. وإن أصبت فهو من الله .. أسأل الله لي ولكم التوفيق والتقدم وأسأله أن يعمنا بنعمه ويلبسنا ثوب الصحة والعافية ..

كتبه وجمعه
أخوكم
ذيب السنافي