عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-2006, 12:40 AM   رقم المشاركة : 254
ذيب السنافي




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

افتراضي


( تأملات في وجه فقير)

ذهبت لتلك البلد ولم أغادر لبلدٍ تحمل تاريخاً مثل ذاك البلد...

فوجدت طرقاتها قد ازدحمت وغبار مراكبهم قد ثار في الأجواء ... وثارت معه رائحة ميزتها بسهولة .. إنها رائحة أعرفها جيداً رائحة الفقر الكئيب...

وجدت بها متناقضات لم أرى لها مثيلاً من قبل... وجدت الثراء الفاحش يقف على أبوابه الفقر المدقع...

وجدت الجهل وإدعاء المعرفة ... وجدت مالم أحسب أني أراه في يوم من الأيام...

ساقتني أقدامي لذلك الشارع فإذا بتلك العجوز تجلس وقد شخصت عيناها في الفضاء.. وكان وجهها يحكي تاريخاً من الفقر والعوز والحاجة...

قد حملت فوق أكتافها فوق طاقتها من الأحمال ربما تبيعه أو ربما تحمله لمن ينتظرها في البيت لا أعلم...

ولكني استشففت من وجهها حكاياتٍ وقصص حكتها لي تجعدات السنين وملامح تلك السنين البائسة على وجهها.. ولكن ليست هذه المشكلة وإنما المشكلة هي أن يرى من يملك الثراء والجاه تلك الأوجه وهو يعيش في ثراء فينام ليله ملأ جفونه...

ينام مرتاح الضمير مطمأن القلب ...

كيف ينام من يقول أنا إنسان مطمأناً وببابه من لايجد قوت يومه إلا بصعوبة وإذا وجده أخذه منقوصاً ...

نظرت لتلك الملامح التي خطت عليها الآلام خطوطها .. ورسمت ريشة العوز ملامحها ... تألمت وربما غافلتني دمعةٌ استلت نفسها بسرعة من عيني كي لا أوقفها أو أحاول منعها ...

فتذكرت بسرعة ذلك الزمان الجميل والأيام العظيمة حينما كان في عصر الخليفة الأموي العادل العظيم أشج بني مروان عمر بن عبد العزيز حينما بحث عمال الزكاة عمن يأخذ الزكاة في أفقر جزء من أراضي الخلافة في أفريقيا ولم يجدوا من يقبلها لفيضان المال في أيدي الناس وذلك في خلال ما يقرب من السنتين هي عمر خلافة ذلك الخليفة ... فأحسست بالحسرة فلقد امتلكنا علماء الاقتصاد والثروات والأراضي الخصبة وامتلكنا من العلم ربما مالم تمتلكه تلك الخلافة على امتدادها ومازلنا نشكو الفقر مع امتلاكنا مالم يمتلكه ذلك الخليفة من الخبراء الاقتصاديين ولكننا لم نمتلك ... عدل وورع وتقوى ذلك الخليفة وعدالة توزيعه ...

فلله درك يا عمر بن عبد العزيز لو تخرج الآن وتنظر لوجه تلك العجوز فهل ستصبر على وقتنا هذا أم أنك ستموت قهراً وغيضا...

============================== ============================== ========
( لماذا يا فتياتنا )
كنت أسمع في السابق أن نسائنا في الخارج متبرجات سافرات حتى أن أهل البلاد التي يذهبن إليها ينتقدن سفورهن....
كان ذلك الخبر سماعياً لم أره بأم عيني وكنت أصدق في بعض الأحيان ذلك وأكذب في أكثر الأحيان ذاك...
حتى نظرت بأم عيني لجميلات الصحراء يبدين من أجسادهن أكثر مما يخفين ويتراقصن في الأماكن العامة أكثر من الراقصات ...
فلا أخفيكم أني تألمت وأسررت في كثير من الأحيان ألمي ولكن يتفجر الألم ويظهر حينما أرى أبناء البلاد الأخرى يسخرون من سخافة وفجور بناتنا في الخارج...
لا أدري ما السبب أهو نسيان الأب مسؤوليته أم أنه نسيان الفتاة ربها ... ولكن من المؤكد أن ذلك يقع على عاتق المربي الذي نمى في داخل تلك الفتيات الخوف من عصى المربي ولم يربي المراقب الداخلي ومراقبة الله في السر والعلن...
ولكن هي صرخة غيرة أرسلها لكل من يملك الغيرة انتبهوا لنسائكم وأبنائكم في الخارج لاترسلوهم إلا وقد ربيتموهم تربية تضمنون أنهم سيسلكون منهجها فوالله أن الله سيحاسب كل ولي رعية عن رعيته وكل من ولي أمراً سيكون يوم العرض الأكبر مسئولاً عن من ولاه ...
والله أسأل أن يحفظ أعراضنا ويستر نسائنا ويصلح كل ضال من أبناء المسلمين...
============================== ============================
( دمعتي )
حاولت أن لا أظهرها ولكنها غالبتني حتى فرت هاربة مولية ولم تعقب على صفحة وجهي تخط لها طريقاً صعباً بين كبرياء الرجولة في نفسي وبين ضعف الإنسان وعناد المقاومة في داخلي...

آثرت دوماً أن أكبتها حتى لا يظهر الضعف الإنساني في أكثر صوره إنسانية.. كي لا يعرف الآخرون أنني وإن كنت رجل إلا أنني إنسان له مشاعر تطغى على صفحات الجمود والبرود في وجهه ...

هيهات أقنعها بالاختباء في جفوني هيهات أقنعها أن تبقى حية بداخلي لا تجف ولكنها تهرب رغم ذلك حباً في الحرية ومساعدةً وتنفيساً لي عما يعتمل بداخلي رغم أن في هروبها جفافها وموتها ربما حتى قبل أن تغادر صفحة وجهي ...
تظل الدموع رغم عار سقوطها أمام الغرباء راحةً للنفس تنفيساً للقلب ... تظل تصرخ تارةً وتهمس تارةً عن ألفِ كلمةٍ وكلمة...

يا لشقاوتك يا دمعتي ويا لحرارتك وأنتي تفرين من عيني كما تفر الطيور من أعشاشها.. ولكنك تعودين مرة أخرى ربما عبر تناسخ الأرواح في عالم الدموع ... رغم كفري بتناسخ الأرواح لمخالفته عقيدتي إلا في عالمك الحزين... يظل لغالب الدموع نفس الروح التي تعود وتعود مرة تلو مرة بلا ملل لتثير فيضان الدموع الطائش الذي لم يعد يحسب للتخفي حساب....


كتبه
ذيب السنافي
يوم السبت الموافق
25/7/1427هـ







توقيع ذيب السنافي
 
آخر تعديل ذيب السنافي يوم 20-08-2006 في 12:48 AM.
  رد مع اقتباس