الشاعر والأمير سعود بن مانع أحد أعلام القرن الحادي عشر الهجري.
اسمه ونسبه سعود بن مانع بن عثمان بن عبدالرحمن الحديثي من بني العنبر بن عمرو بن تميم ولد في منطقة سدير وقد يكون في بلد القارة موطن بني العنبر عندما كان لآل حديثة السيطرة على القارة ومن حولها.
وأقدم تاريخ محلي عن تاريخ القارة حسب ما اطلعت عليه المغارسة التي تمت في الحصون عام 983هـ بين صاحب القارة وآل تميم من بني خالد وأقدم ذكر عثماني عن القارة ما ذكره حاجي خليفة والمعروف بكاتب جلبي توفي عام 1068هـ في كتابه (جهان نما) عندما عدد بعض بلدان سدير وذكر منها العودة والقارة والعطار والروضة والتويم وجلاجل
يعتبر سعود من شعراء وقته ونظراً لأن تدوين الشعر الشعبي لم يأتِ إلا متأخراً إلا أن هناك من الأشعار المدونة ما سيساعد على الكشف عن بعض المعلومات المفيدة عن تاريخ المنطقة وعن أعلامها.
زمنه وحياته
لا تفيدنا المصادر عن زمنه وحياته إلا اليسير فنحن نعرف تنقلات والده مانع ونُدرك من خلال شعره معاصرته للشاعر جبر بن سيار وكذلك أمير بني خالد براك بن غرير، ومن المعروف أن جبراً ممن عاصر رميزان بن غشام الذي قُتل عام 1079هـ.
أما براك بن غرير فقد توفي عام 1093هـ وقد أشار إليه الفاخري إشارة خاطفة في تاريخه عندما ذكر جلا مانع بن عثمان آل حديثة وربعه عام 1087هـ حيث قال: ومانع هذا هو أبوسعود ونحيط وعلى هذا يمكن أن ندرك أنه عاش في القرن الحادي عشر.
أسرته
برز عددٌ من الشعراء والأمراء من أسرته وحسب ما توفر لدي من معلومات هم:
1 - والده مانع بن عثمان أمير الحصون قبل عام 1086هـ
2 - أخوه نحيط بن مانع قُتل من قبل آل تميم في ضحيكة
3 - ابنه محمد بن سعود صاحب السطوة على القارة والملقب بهميلان.
4 - ابن أخيه عثمان بن نحيط أمير وشاعر معروف يظهر أنه توفي عام 1118هـ
5 - ابن أخيه فايز بن نحيط وهو شاعر أيضاً يظهر أنه توفي عام 1114هـ.
وكان سعود يقرض الشعر وله مع شعراء عصره مساجلات وردود إلا أن ندرة التدوين في ذلك الوقت أعاقت توفر هذه الأشعار في الوقت الحاضر.
قصائده المدونة
حسب ما اطلعت عليه لم أرَ من قصائد سعود بن مانع إلا قصيدتين إحداهما كانت إثر رحيله إلى الأحساء وفيها يتوجّد على بلاده التي هاجر منها إثر النزاعات التي حلت بالمنطقة وكان يثني على براك بن غرير الذي حل في ضيافته لكن فراق الوطن أثار فيه الشجون ووقف يتذكر وكان قوله لهذه القصيدة بعد خمس سنوات من نزوحه إلى الأحساء زمن حكم براك بن غرير.
أما الثانية فكانت في جبر بن سيار حيث أرسل إليه هذه القصيدة مواساة له عندما أصابه العمى فرد عليه جبر بقصيدة على نفس القافية.
قصيدته في براك بن غرير
عندما كثر الخلاف في منطقة سدير ومن ذلك ما حدث في الحصون من تنافس على السلطة جلا مانع بن عبدالرحمن الحديثي وذووه ومن ضمنهم ابنه سعود عام 1086هـ إلى الأحساء حيث استقبلهم أميرها استقبالاً حسناً، وكانت الأحساء تحت سلطة براك بن غرير ومن المعلوم أن براك بن غرير قد تولى السلطة في الأحساء تحت سيادة الدولة العثمانية عام 1074هـ ثم تولاها سيادة مطلقة عام 1080هـ إلى أن توفي عام 1093هـ.
ومن خلال قراءة القصيدة يتبين لنا أنها قيلت عام 1091هـ وفيها ما يدل على أن نظر سعود ما زال صحيحاً على عكس القصيدة التي قالها في جبر والتي تبين أن نظره كان ضعيفاً ومصاباً بالعمى، وهذا يدل على أن جبر بن سيار ما زال على قيد الحياة وانه لم يتوفَ عام 1080هـ كما قيل وحياة جبر بن سيار تحتاج إلى دراسة وافية لعل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لنا القيام بها قريباً.
ومما قاله سعود:
ويفجع قلبي منزل القيظ كلما=اريته مغبر الجنابين دارس
وحيش الجبا خال من الخيم والقنا=وجر السبايا والبكار القناعس
نبواعنه اهل جل العطايا وكلما=نظرت بعيني مستعد المجالس
يقول منيع الصبر مني حسايف=على دهرٍ معهم قليل التعايس
فقلت ضحى لا حيلة استحيلها=وقد هب من ريح الفراق النسانس
اقلا خليليّ اعتذالي وربما =بنا فكرتي في لاهقات القراطس
وقفت على حزم العذيب وخاطري=بفراق الانوا والجما فيه جالس
وقد قال هذه القصيدة بعد أن مكث في الأحساء مدة خمسة أعوام حيث قال:
احايل نفس ضاق ميدان صبرها=في الحسا لها العام خامس
يثير عليها الهم رؤيا ظعائن=إلى زجرت منها الحداة الخوانس
إلى أن قال في مدح براك بن غرير:
عريض ندى الكفين براك الذي=يعد على كل السجيات فارس
ذرى كل منيوب منيب ولافي=عفيف السجايا عن دروب الدنايس
قصيدته في جبر بن سيار
ذكرها الدخيل في مخطوطته وفيها كلمات غير واضحة وبعضها بياض وقد نقلها الدكتور سعد الصويان في كتابه الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص.
ومن هذه القصيدة نستنتج أن سعوداً كان مصاباً بالعمى وقد يكون ذلك في أواخر حياته عندما كبر سنه أو لعل الأمراض المنتشرة في ذلك الوقت من أسباب إصابته بالعمى ومن ذلك مرض الجدري الذي قل من يسلم من آثاره ونحمد الله سبحانه وتعالى أن وقانا من شر هذا المرض الخطير.
ومما قاله سعود بعد أبيات ناقص أولها:
بعيد مجال الطلع في مطلب العلا=كليل عن الحاظ الردى في قصايره
وكان سعود يتمنى أن يعطي جبراً نظره ولكن سعود قد عمي فلا يستطيع ذلك.
قال:
وليت نظيري يا بن سيار ما أنجلى=لو به لدي للعمى فيك صايره
فدى لنظيريك الذي غيل نورها=فربك جزلات العطايا شعايره
وليت حطام المال فيما يشا الفتى=عن الحال يلدي كان سهل خسايره
وقد وصل لسعود خبر إصابة جبر بالعمى وقت الضحى قال:
ضحى قيل لي يا جبر قد باشر العمى=نظيريك فاضحت فكرة الراي حايره
إلى آخر القصيدة...
ومما تقدم يدل على قوة الصداقة بين سعود بن مانع وجبر بن سيار
رد جبر
لما وصلت قصيدة سعود إلى جبر رد عليها على نفس الوزن والقافية وأقدم ورود للقصيدة كان في مخطوطة الحساوي الشعرية والتي اشتراها البرت سوزسين من محمد الحساوي في بغداد، ويعتقد الدكتور سعد الصويان أنها نسخت في منتصف القرن التاسع عشر تقريباً 1266هـ أي أن لها أكثر من 160 سنة وبينها وبين قائلها ما يقارب 160 سنة أو أكثر، وقد تضمنت أبيات القصيدة على عدة أمور منها الحديث فيها عن الآفات التي تصيب البشر وأن ذلك من الأقدار التي قدرها الله على البشر ثم الحديث عن المعني بالقصيدة وهو سعود بن مانع واثنى عليه وعلى علو منسبه وذكر أنه ابن مانع وأنه حديثي من آل حديثة من بني عمرو بن تميم ثم ذكر بعض صفات أجداده وهذا غالباً ما يقوله الشعراء في الثناء والمدح في أجداد الأسر العريقة ثم يشير إلى القصيدة التي قالها سعود في جبر وفيها رثاء لعينيه التي فقدت الرؤية إلى آخر ما ذكر من هذه القصيدة.
والجدير بالذكر أنه أشار إلى أن القصيدة وصلته مكتوبة، وهذا يدل على أنهم كانوا يدونون قصائدهم ويرسلونها فهل بقي من هذه المدونات شيء؟
ومما قاله جبر في سعود:
الافات تجري والمقادير صايرة=نياشينها اجساد للاجداث زايره
وكل على ما قدر الله والفتى=يظام إلى قلت حمايا عشايره
وقلت المنجوب الجدود ابن مانع=رفيع الثنا وازكى تميم سرايره
وأشار إلى نسبته إلى آل حديثة فقال:
حديثي وفعال المراقات فخره=تميم وفي الجودا اطوال شبايره
هم الراس من جثمان عمرو وغيرهم=إلى نتبت الآصال فانتم مفاخره
هل الباس والحرب العوان الذي به=يبين إلى جر المعادي جرايره
لفا منك مكتوب وترثي لواحظ=غدا نورها يا شمعة الجود غايره
فديتك اللي من ورا الهند بالمنى=ورا الصين مقلوع النيا في جزايره