وداعًا مخيَّم
بقلب المخيَّمْ
زقاقٌ محطَّمْ
زجاجٌ مهشَّمْ
وحولي رجالٌ
وعندي سؤالٌ
بذهني مُدوَّنْ
وخوفي ملوَّنْ
بليلٍ معتَّمْ
وشمعٌ مضاءُ
وحان العِشاءُ
أطلَّ صبيٌ
وقال:فلسطين أمي
ولكنْ مُيتَّم
فقلتُ:أبوكَ
فقالَ:شهيدٌ
وقلتُ:أخوكَ
فقال أسيرٌ
فقلتُ:قريبٌ
فقال:طريدٌ
وقلتُ :رفيقٌ
فقال:صغيرٌ
فقلتُ:وأنتَ
فقال:
لأمي وفيٌّ
شجاعٌ أبيٌّ
بقلب المخيَّم
وثوبي مرقَّع
لأنِّي فقير
لأنِّي مُيتَّم
وسوف أسيرُ
وإنِّي مُجوَّع
وسوف أعودُ
ليافا لحيفا جنودُ
ولي بندقيَّةْ
لأمِّي وصيَّةْ
وكانتْ وفيَّةْ
لأرضٍ ضحيَّةْ
وقدسٍ أبيَّةْ
وعندَ الصَّباحِ
مررنا بنسوةْ
يطرزْنَ ثوبًا بإبرةْ
بخيطِ حريرٍ على شكلِ وردةْ
وسيفٍ طويلٍ ولكنْ بغمدهْ
أشرتُ إليه : لماذا بغمدهْ
أجابت:تمنيتُ غيرهْ
فقلتُ :أجيبي إذا كُنتِ حمدةْ
فقامتْ وقالتْ: وأنتَ خليلُ
فلمَّا سمعتُ بكيتُ
فصاحتْ وصحتُ
وناحتْ ونُحتُ
وقالتْ: أخي أينَ أمِّي؟
سكتُّ
تكلَّم رأسي
هناكَ نحَبْتُ
وكانَ العويلُ
وجدتُ جوابَ سُؤَالي
ثلاثون عامًا أعيشُ وحيدًا
ثلاثون عامًا أعيشُ شريدًا
وعمري مضيَّع
وموتٌ وجوعُ
بكاءٌ دموع
ويسقطُ سقفٌ
ضياعٌ وخوفٌ
ولم تبقَ أسرةْ
شتاتٌ يليهِ شتاتْ
طعامٌ فتاتْ
يئنُ غلامٌ تصيحُ فتاةْ
هناكَ دموعْ
بغيرِ شموعْ
فهلْ من رجوعْ
بلادي تنادي
فيصحو المخيَّمْ
بروحٍ يفادي
يصدُّ الأعادي
هنا يتكلَّمْ
رصاصٌ وريحٌ
يئِنُّ جريحٌ
هنا يتقدَّمْ
طبيب المخيَّم
دماءٌ تسيلُ
وليلٌ طويلُ
وطفلٌ ملثَّم
هو ابنُ المخيَّم
وجيش تقدَّم
سلاحٌ وعسكرْ
لضرب المخيَّم
نساءٌ تصيحُ
تعالوْا هناكَ جريحُ
هروبٌ نُزوحُ
وشعرٌ تعفَّرْ
وشيخٌ تعثَّرْ
وغصنٌ تكسَّرْ
بباب المخيَّمْ
وأذكرُ صبرا
بأسوأ ذكرى
دمارٌ يليهِ دمارْ
وليلٌ بدونِ نهارْ
فبيروتُ تحكي
طرابلسُ تبكي
دمارٌ المخيَّم
حلالٌ وليسَ محرَّمْ
خذوني إلى أرض جدِّي
خذوني ودمعي على صحن خدِّي
كفانا جراحًا وشدَّةْ
خذوني بمفتاح عودةْ
أعودُ بحمدةْ
وأسرةِ حمدةْ
كرهتُ المخيَّمْ
عذابَ المخيَّم
دمارَ المخيَّم
شتاءَ المخيَّم
صفيحَ المخيَّمْ
وكيف أعودُ ؟
ورأسي مهشَّم
وقلبي محطَّمْ
بعينٍ أعودُ
برجلٍ أعودُ
لساني تكلَّمْ
ولستُ بأبكمْ
وداعًا مخيَّمْ
وداعًا مخيَّمْ
**********************
للشَّاعر الفلسطيني:
صلاح الخدَّاش 23/5/2007م