بــ مناسبة عيد الأضحى المبارك !!
سامحك الله ياعمري ياأمي (( فريدة)) عندما تجهمتي على سنّة عادتك السنوية المعتادة وأمرتيني
بالذهاب لأتصدق بتلك الملابس للفقراء في ذلك الحي القاطن فيه أكثر من 200 عائلة
هذا على نظري أنا !! وإن كنت واثقا بــ أن العدد أكثر من ذلك لماذا يا أمي (( جعلني فدا مواطي رجولك ))
مع علمي بــ نيتك الحسنة ومواقفك النبيلة تجاه تلك الفئة لو بشق تمرة
والحمد لله أن (( فريدة)) أثابها الله وأطال الله في عمرها ((وخلاها لي)) لاتنتمي لــ هذه البقعة
فــ من لاينتمي لها كان الأحن بها عجبي والله !! لالشيء ولكنني أعلم بمدى فعل
الصحابية أمي ((فريدة)) في نظري على الأقل وغيري لاعلاقة لي به إن كان له وجهة نظر مغايرة !!
والله إني ذهبت ومعي أكياس تتلبد فيها الغيوم من كثرة الملابس لأولئك الفقراء المعدمين ((السعوديين))!!
في تلك الأحياء التي تتكون من صفيح ساخن صيفا ومميت قارس شتاءا !!
وبدأت أعطي ماقسم رب العالمين وأنا أنظر إليهم ولأولادهم والعبرة تخنقني وسالت بعدما رحلت
فــ سامحك الله يافريدة أتعلمون ماحدث معي وأنا احلف والله والله والله :
يعيشون في زاوية لا تصلها الخدمات بدءا من الماء والكهرباء، وانتهاء بالنظافة، وكانت أولى مفاجآت هذا المشوار بالنسبة لي تكمن في كوني لم أحسب حسابا جيدا للوقت؛ لأنني لم أتوقع أنني سأرى هذه الصورة المؤلمة من بؤس هذا المجتمع الذي نأى به فقره وعوزه عن الانصهار في بوتقة المدينة !! في بقعة النفط عجبي والله !!
يسكنون بيوتا أوهن من بيوت العنكبوت ، لا تقيهم حر الصيف، ولا تمنع عنهم برد الشتاء القارس!! ويجاورهم فيها مخلفات لا تجد من يبعدها عنهم، ولا يحميهم من آثار أوبئتها !!
وعلاوة على ذلك , فــ ملابس بعضهم رثة، وأجسام أطفالهم شاحبة، والأعياد تمرهم دون أن تستوقفهم أو يستوقفوها!!
يتجمهر صغار السن والعاجزون منهم حول القادم أملا في أن يكون حاملا إليهم معونة من طعام أو كسوة!!.
كثير من أبنائهم لم يتعلموا، وبعضهم ترك التعليم مبكرا لأن أهله لم يكن بمقدورهم حتى شراء دفاتر الدراسة له فضلا عما هو أبعد من ذلك!!
زيارة واحدة لهذا الحي تنبئك عما خفي من أحوالهم، فمعظمهم غير موظفين، ولا يوجد لهم دخل عدا الضمان الاجتماعي، وهو لا يغطي حاجاتهم الضرورية؛ لأن كثيرا من هذه الأسر يتجاوز عدد أفرادها 9أشخاص، ومثل هذا العدد يشكل عبئا على كاهل العائل الموظف ذي الدخل الجيد !!
فــ كيف يكون حال من لم يكن موظفا!! ولم يجد قوت يومه!! ؟
والأكثرية غير موظف، ويعتمد على الضمان الاجتماعي، وهو لا يكفي لسد حاجة الأسر، و دور الجمعية الخيرية، يقولون: لا يمر علينا منها أحد، ولكننا نذهب إليها، فنحصل أحيانا على سلة غذائية، وأحيانا على تمر، أما أيام الأعياد، فــ يمر عليهم العيد مثل غيره من الأيام بلا معنى، لأن أطفالهم لا يشاركون الأطفال فرحتهم، فهم محرومون من التمتع بفرحة هذا العيد، فكثيرا ما مر العيد عليهم دون أن يلبسوا ثوبا جديدا !!
وأكثرهم قد ترك الدراسة بسبب ظروفه المادية، وأنه لا يوجد لأحد منهم أرض، وهم في وضع صعب !!
أما معاناتهم من الكهرباء الذي يستأجرونه من شخص متاجر!!، وقيمة الإيجار عالية بالنسبة لدخلهم المتواضع، وأن هذه الشكوى عامة من كل سكان الصفائح (( الصنادق)) !! .
وفي رؤيتي هذا الحي، كان أصعب المواقف التي رأيتها أو بتعبير أدق أكثرها تأثيرا في نفسي، منظر اليتامى البائسين الذين ظهر على ملامحهم ولباسهم أثر العوز، وذل الحاجة، وألم الفقد !!
ناديت البنت الصغيرة وعمرها لا يتجاوز الثمانية فــ قلت ماإسمك : فــ قالت : شعاع ..
(شعاع) اكثر من تبين فيها وبعائلتها بؤس اليتم وفاقة المعوز الجريح !! والله ثم والله ..
وسألتها والله الكريم :
كيف وضعكم ياشاطره تجيكم الجمعيات والا الضمان الاجتماعي ؟؟
ردت علي وأنا أصيغها وبين ثنايا قلبي التنهيدة الصادقة :
ليس لنا عائل، والضمان الاجتماعي لا يغطي حاجتنا، وبيتنا من الزنك، وهو لا يحمينا من البرد ولا من الحر، و الجمعية الخيرية، لها سنة ما مرنا منها أحد، وسابقا إذا وفرت لنا شيئا أحيانا يكون غير جيد !!
فــ والله العظيم لست مبالغا ولا متجنيا ولا أفاكا ولا خياليا وإنما هو واقع المواطن المرير وتلك فئة كثيرة شاهدتها
اليوم قبل المغرب وكنت أشاهدها سابقا ولايصدق من نحكي له دائما ومن حلف قد صدق !!
ورب العزة ما هالني هو عددهم الكبير !! يابشر عددهم الكبير !!
فــ كلهم صغار، وخلفهم نسوة يبدو عليهن آثار الحاجة !! ياإلهي رحماك !!
غادرت المكان المؤلم وأنا أجر أذيال الحسرة والحزن مما رأيت ومما ســ أقوله الآن :
نعم غادرت وعيناي تجهشان بــ البكاء والله العظيم لست متصنعا بما أقول وما أكتبه الحقيقة
أتعلمون لماذا غادرت أجر أذيال الحسرة والحزن الأبدي الذي لن يفارقني بسبب
منظر ســ يكون ملازما معي حتى الممات !! :
لأنني لم أستطع تلبية نداء تلك الطفلة اليتيمة التي ركضت خلف سيارتي مسافة طويلة، وهي تستنجد بي لأكون في مسكنها، فهي تعلم بــ الغريب أنه آت ومعه كساء وطعام !! ,, ووقفت -هي- بعد يأسها !! لكن صوتها لم يزل يلاحق أسماعي !! :
(تعال .. أنا يتيمة)!!!
لا بارك الله بــ من فرح بــ هكذا عيد وصوت تلك الصغيرة لازال يؤنبني وبالتأكيد يصل إحساسها لمن قرأ الصدق
إلا من كان بـــ قلبه مرض وصادق الحجر من الطبيعة !!
هؤلاء المساكين والفقراء في عالم آخر وحياة أخرى وجدتها في زيارتي لهذه الفئات المحتاجة، عدت معها للوراء عقودا من الزمن ؛ وإنما يفصل بين زمنين؛ لأن هؤلاء الناس غفل عنهم ركب التقدم ساهيا أو متجاهلاأو متعمدا والأخيرة الأرجح لامحالة !!
ما ذنب هؤلاء الضعفاء الذين سرقت منهم كرامتهم بــ فعل فاعل ؟
ما ذنب هؤلاء والجمعيات الخيرية لابارك الله بها تسرق أموالهم ؟؟
ما ذنب هؤلاء وهو يقتاتون على التراب ؟؟
ما ذنب هؤلاء وقد فاتهم ركب الحضارة والتعليم ؟؟
من المسؤول ؟؟ من المحاسب ؟؟ من نحاسب ؟؟
أم بتنا لا نعي الأمور ونغمض الأعين عن مجتمعنا وإخواننا وأخواتنا على مبدأ (( نفسي نفسي )) !!
أم اعتدنا على البهيمية وعلى الحياة غير الكريمة لنا أولا ولهم آخرا !!
عندما يكون الفقر سيد الموقف في مكان ما؛ فإن الجوع أقسى سياطه التي يجلد بها الجسد الإنساني !!
أنا أعلم لن يزيد موضوعهم إلا أن ينكأ جراح هؤلاء الموجوعين، ويفسد عليهم بقية أمل يعللون به أنفسهم!!
ولكن الأمانة تفرض علي نقل صورة هذه الفئة التي قست عليها ظروفها وصانعوا الظروف بــ التعمد !! ، وجعلتها لا تعيش فوق الحياة بل على هامشها !!.
فـــ بأي عيد ســ نرتدي الملابس ونفرح ؟؟
أنفرح بارتداء الملابس وإخوتنا ونسائهم وأطفالهم مشردين عراة في بلد الخير - على حد قولهم - !! ؟؟
أترتدينا الفرحة وغيرنا يبكون بسببين :
الأول من الهواء الشديد على الأعين من شدة البرد وهي دموع المكلوم الذي لايستطيع فعل شيء !!
والثاني بـــ دمع حقيقي يتصبب مطرا ويغرق البشر والحجر من حرارته !!
سامحكِ الله (( يـــاا فــريــده ))
متــ ع ع ع ــب المتــ ع ع ع ـــب !!