الموضوع: محمد العوني
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-09-2007, 04:57 AM   رقم المشاركة : 1
الطائر المهاجر
** (عثمان العبدالله) ** المؤسس والمشرف العام
 الصورة الرمزية الطائر المهاجر





معلومات إضافية
  النقاط : 20
  الحالة : الطائر المهاجر متواجد حالياً

 

افتراضي محمد العوني


هو محمد بن عبد الله العوني ـ شاعر علم ـ ولد العوني في بريده حوالي سنة 1261هـ ، ولم يكن من عائلة مشهورة بل كان والده يعمل بالبناء ، ولكن نبوغه بالشعر بوأه مكانة كبيرة لم يكن يحلم بها فعرفه الناس وأصبح له شأن كبير بينهم ، عاش محمد العوني في الفترة ما بين سقوط الدولة السعودية الثانية و عاصر قيام الدولة السعودية الثالثة على يد موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود .. طيّب الله ثراه .. كان كغيره من الشعراء يتكسّب بالشعر فيزور الأمراء والشيوخ في مجالسهم ليمدحهم و ليأخذ أعطياتهم ...
قيل عنه :أنه من قوة شعره و قدرته على تأليب الفرق المتنافسه على بعضها - وبصيغة المبالغة طبعا - أنه كان إذا مر بين حجرين .. فتن بينهما !!!
عاب عليه أخوه وهو الفارس الذي كان يخرج مع العقيلات لحماية إبلهم و يغزو مع القبائل .. (( ليش ما تشد على الفرس و تغزي حالك حال هالناس)) فرد عليه العوني (( الفخر يا خوي ماهو باللي يغزي .. الفخر - وأنا أخوك - باللي يحرك مغزى كامل و هو قاعد(ن) على مركاه ما تحرك ))
نشأ العوني في وقت كانت تسوده الحروب والفتن فتأقلم مع وقته ووظف شعره لخدمة الفريق الذي يميل معه ضد الآخر وقصائده الحماسية لها صداها بين الناس ، ويكفينا من شعره قوة تأثيره حتى أنه سحب ((عقيلاً)) وهم أصلاً من أهل القصيم سحبهم من الشام ليحاربوا ابن رشيد في القصيم بقصيدته المشهورة ((الخلوج)) والتي كتبها خلال وجوده في قصر السيف قصر المغفور له الشيخ مبارك الصباح حين كان لاجئاً عنده في دولة الكويت ستوحى فكرتها من منظر ناقة وقفت " تخولج " أي تحن بصوت مؤثر على حوار لها قد مات قبل سنة فرجعت إلى مكانه الذي تركته فيه ميتا وأخذت تخولج و تحن .. راى ذلك العوني فتأثر وبنى قصيدته و شبّه القصيم بالناقة الخلوج !! . . . ولما سمع صوت الناقة استوحى فكرة قصيدته تلك وبعث بها إلى أهل القصيم بالشام فما كان منهم إلاّ أن قتموا بتصفية تجارتهم وتوجهوا لحرب ابن رشيد بالقصيم بعد سماعهم للقصيدة والتي منها هذه الأبيات

قل داركم من عقبكـم تنـدب الثـرا=تبكـي علـى الماضيـن واعزتالـها
لعبوا بـها الأجنـاب لا رحم حيكـم=والبيـض بالبلـدان شتـت لحالـها
شيبانكم تضـرب على غيـر موجـب=من عقب كبـر الجاه تنتـف سبالـها
أولاد علـي اليـوم ذا وقـت نفعكـم=لا رحـم أبو نفـسٍ تتاجـر بمالـها
أولا علـي أن الليـالـي قصيــرة=ولا للفتـى غيـر الثنـا من نـواها
أولاد علـي اليـوم ما هـو بباكـر=قوموا بعـزم الليث ماضـي أفعالـها

وقد كان العوني بقصيدته تلك ذكياً لدرجة غير معقولة فقد ذكر ضمن القصيدة كل الشيوخ والأمراء الذي سوف يمر ((بنو عقيل)) فى ديارهم فى طريق عودتهم من الشام إلى القصيم وبالغ في مدحه لهم فأمن خط سيرهم وضمن أن أحدا لن يعترض طريقهم بالعودة وبالفعل عادوا وحاربوا ابن رشيد بالقصيم
تميز العوني بالشعر السياسي حتى أصبح الشاعر وحيد عصره بهذا اللون الذي كانت له مقدرة عجيبة على صياغته بشكل حماسي يلهب النفوس ويقلب الموازين ، ويعاب عليه أنه متقلب بالاتجاهات الفكرية والانتماءات السياسية فتارة مع هؤلاء وتارة أخرى مع أولئك ولم يكن يستقر في فكر واحد ولو لم يكن كذلك لما انتهى به الأمر إلى السجن حيث سجنه المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود ليكفي الناس شره فلم يكن يحل في مكان إلاّ وحلت به الفتنة حتى يرحل فسجنه الملك عبدالعزيز وتوفي بعد خروج من السجن بأيام قلائل سنة 1342هـ عن عمر يفوق الثمانين عام
عرف العوني كشاعر سياسي من الدرجة الأولى وقد أدخل هذا الغرض إلى الشعر النبطي وفرضه على الناس من خلال إبداعاته غير المحدودة وليس معنى ذلك أنه لم ينظم في غير هذا الغرض بل كان العوني متمكنا في كل معنى يتطرق له بشعره كقوله من قصيده له

حل الرحيـل وجـل بالقلـب ولـوال=تذكيـر توكيـر التفـاكـير والقيـل
مما جرى قلب الخطا بالحشـا جـال=من واهجٍ يزفـر كما زفـر سجيـل
تمـايـزت كل الكـواكب بالأكمـال=تبين لبـدري علـى داجلـي الليـل
وأنا وقلبـي بيـن نوجـات وأمثـال=مـن بيننـا تقفـي وتقبـل تعـاليل
أنهى وهو ينهى ولا أدري من الضال=ولا أدري من اللي عقب العدل والميل

وكان العوني في شعره يذكر أنه من قبيلة (( شمر )) ويؤكد ذلك بقوله

على بني عمـي سنـادي عن الميـل=نطاحـت الكـايد كبـار الوهـايـل
أقفـوا كما مـزنٍ ثقيـل المخاييـل=من زاعـج الغربى حدر له شعايـل
شمـر مقابيـس المنـايا هل الخيـل=عصـم الروايـا مقحميـن الدبايـل
هم حاصلـي لا كحلـن المحاصيـل=غوش الجبل خزنى غلاميـن حايـل

ولما سجن (( العوني )) تحول شعره إلى المدح والحكم والنصائح نظراً ليأسه من الحياة السياسية بعد أن فشل في تحقيق ما كان يصبوا إليه بشعره . . . ومن داخل السجن وجه القصائد بالمدح طالباً الرحمة لعله يخرج من السجن فلم يقبل أحد من ممدوحيه الوساطة له
وفى آخر أيامه نظم قصيدته المشهورة والتي عرفت فيها بعد بـ(( توبة العوني )) وفيها توجه إلى الخالق جل شأنه تائباً راجياً عفوه ورضاه . . . وبعد إتمامه للقصيدة صدر أمر العفو عنه فخرج من السجن إلا أنه لم يعش بعد خروجه إلا شهور قلائل فقد وهن وأنهكه السجن فتوفي

أما قصيدة (( التوبة )) فمنها هذه الأبيات

يا فـارج الشـدة بضيـق المجالـي=أفـرج لعبـدك يـا منجـى دخيلـه
وانظر بعينـك يا با لفـراج حالـي=فـردٍ غريـبٍ ولامسـاعـي قليلـه
وحيـد مالي غيـر ظـلك ظلالـي=ذليـل مالـي غيـر عـزك وسيلـه
لا خـوان لا عمّـان لا من خوالـي=ولا صديـقٍ بـالـوزا نشتكـي لـه
قضيت من المخلوق محـدن بدالـي=إلاّ أنـت ياللـي ما تخلـي عمليـه
عادون كل المخلوق شـرق وشمالـي=ولا بقـا غيـر ذرى نلتجــي لـه
أطلبـك تقبـل توبتـى عن خمالـي=وأطلبـك عنى كـل كـرب تزيلـه
أفرج لمن بالحبـس دونـه رحالـي=وأبـواب وإقفـالٍ وحصـنٍ طويلـه
فـي وسـط دبـابٍ وحيـدٍ لحالـي=أظلـم ولا أدرى وش نهـاره وليلـه

ومن القصائد النادرة له
أنا لي هـرجـةٍ مـع طـول حـسّـي = وانـا لـي هــرجــةٍ رمــسٍ خـفـيّـه
وانـا لي مـشـيـةٍ فـوق الـرفـاع = وانا لـي مـشـيــةٍ وادي الـثـنــيّـه
وانا ان رافقت عقرب صرت عقرب = وانـا ان رافـقـت حـيّـه صرت حـيّـه
وانا ان رافـقـت طـيّب صرت طـيّب = وانـا ان رافـقـت نـذلٍ صـرت زيّــه
وانا ابذل مالي من دون عرضي = والآزم دون مــن يـلــزم خــويّــه
وانا لي هـرجـةٍ من دون ربـعـي =تـعـيـش بـها الرفـاقـه والـبـقــيّـه

نهايته :
يجدر الذكر أن للعوني نهاية كانت قاسية و مؤلمة ، فقد أخذ يحرض العقيلات بعد إستتباب الحكم لعبدالعزيز بن سعود لكي يثوروا عليه .. فما كان من الملك عبدالعزيز إلا أن أمر بالقبض عليه وأرسله لإبن جلوي عامله على الإحساء الذي قام بسجنه في بئر مظلمة لعدة سنوات فقد فيها بصره .. و قد قال العوني و هو في البئر قصيدة مشهورة سميّت بتوبة العوني قالها يسترحم الملك عبدالعزيز بن سعود و يطلب منه أن يأمر بفك سجنه .. و كذلك كان الأمر إلا أن القدر لم يمهل العوني .. ففاضت روحه إلى بارئها بعد أيام قليلة من خروجه ..






توقيع الطائر المهاجر
 
تفاعلك مع غيرك يشجعهم على التفاعل معك
  رد مع اقتباس