27-10-2011, 01:45 PM | رقم المشاركة : 1 | ||
|
ارادة الحياهـ...!
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ=فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي=وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ=تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ=ِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَات=وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ=وفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَة=رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر ولَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ=وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ=يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ=وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ=وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ :=" أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟" "أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ=وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ=وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ=وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ=وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم=لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر قَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ=مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!" وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ=مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ=وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاة=لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟ فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ=وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ=مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر يَجِيءُ الشِّتَاءُ ، شِتَاءُ الضَّبَابِ=شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ ، سِحْرُ الغُصُونِ=وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ =وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا=وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ=وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ=تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ=ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر وَذِكْرَى فُصُول ٍ ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ=وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ=وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ=وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ=وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر "ويًَمشيْ الزَّمانُ، فتنموْ صُروفٌ=وتذْوي صُروفٌ، وتحْيا أُخَر وتُصبح ُ أحلامُها يَقْظةً،=مُوَشَّحةً بغُموضِ السَّحر تُسائِلُ: أينَ ضَبابُ الصَّباحِ،=وَسِحْرُ المساءِ؟ وضوْئُ القَمر؟ وَأسْرابُ ذاكَ الفَراشِ الأنيقِ؟=ونَحْلٌ يُغَنيْ، وغَيمٌ يَمُرّ وأينَ الأشِعَّةُ والكائِناتُ؟=وأينَ الحياةُ الَّتي أنْتظِر ظمِئتُ إلى النُّور، فوقَ الغُصونِ!=ظمِئتُ إلى الظِلِّ تحْتَ الشَّجار! ظَمِئتُ إلى النَّبْعِ، بَيْنَ المُروجِ=يُغَنّين ويّرْقُصُ فَوْقَ الزّهَر! ظَمِئتُ إلى نَغَمَتِ الطُّيورِ،=وهَمسِ النَّسيم، ولَحْنِ المَطر! ظَمِئتُ إلى الكونِ! أيْنَ الوُجودُ =وأنَّي أرَى العالَمَ المنتظر هو الكَوْنُ، خَلْفَ سُباتِ الجُمود=وفي أثفُقِ اليَقَظاتِ الكُبَر" وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ =حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر فصدّعت الأرض من فوقـها=وأبصرت الكون عذب الصور وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه=وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه=تعيد الشباب الذي قد غبـر وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ =وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي=شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ=يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر إليك الفضاء ، إليك الضيـاء=إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر إليك الجمال الذي لا يبيـد=إليك الوجود الرحيب النضر فميدي كما شئتِ فوق الحقول=بِحلو الثمار وغـض الزهـر وناجي النسيم وناجي الغيـوم=وناجي النجوم وناجي القمـر وناجـي الحيـاة وأشواقـها=وفتنـة هذا الوجـود الأغـر وشف الدجى عن جمال عميقٍ=يشب الخيـال ويذكي الفكر ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ=يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء=وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ=بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ=في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ=لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ=فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ (الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي) |
||
28-10-2011, 12:57 AM | رقم المشاركة : 2 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
صح لسا ن الشاعرويسلم نافلها |
||
28-10-2011, 01:03 AM | رقم المشاركة : 3 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
الله يسلمك يابعدي |
||
03-11-2011, 04:34 AM | رقم المشاركة : 4 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
رااااائعه وذوق اختيارك لاهنت |
||
03-11-2011, 02:37 PM | رقم المشاركة : 5 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
الرائع تواجدك بمتصفحي |
||
15-12-2011, 02:59 AM | رقم المشاركة : 6 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
يعطيك العافية أخي ماجد |
||
15-12-2011, 10:15 AM | رقم المشاركة : 7 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
الذوادي |
||
15-12-2011, 11:51 PM | رقم المشاركة : 8 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
اشكركم |
||
24-12-2011, 09:31 AM | رقم المشاركة : 9 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
منقول رائع |
||
27-12-2011, 09:35 PM | رقم المشاركة : 10 | ||
|
رد: ارادة الحياهـ...!
العفو اخي |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|