العودة   منتديات الفطاحله > منتديات الشعر النبطي/يمنع الفيديو > رواد الشعر النبطي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14-04-2009, 06:41 PM   رقم المشاركة : 11
زهرة اللوتس
عضو شرف
 الصورة الرمزية زهرة اللوتس






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :زهرة اللوتس غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


سلمت ودمت يابو عبدالله


ولاعدمناك


جهد مميز وجبار الله يعطيك الصحه والعافيه



تحيتي






توقيع زهرة اللوتس
 
  رد مع اقتباس
قديم 06-06-2009, 02:02 PM   رقم المشاركة : 12
همس الورد
عضو شرف
 الصورة الرمزية همس الورد






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :همس الورد غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


مشكووووووور ابو عبد الله

مجهود رائع







توقيع همس الورد
 
  رد مع اقتباس
قديم 07-06-2009, 09:11 PM   رقم المشاركة : 13
نفحات حساسة
عصو شرف
 الصورة الرمزية نفحات حساسة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة : نفحات حساسة متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


يعطيك العافيه على مجهودك
تحياتى..







توقيع نفحات حساسة
 
  رد مع اقتباس
قديم 08-07-2009, 02:57 PM   رقم المشاركة : 14
حي الضمير
خالد الحمد/ شاعر/عضو شرف
 الصورة الرمزية حي الضمير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :حي الضمير غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


مجهود رائع وبيض الله وجهك يابوعبدالله
ورحم الله الشاعر رميزان وجميع اموااااات المسلمين






توقيع حي الضمير
 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
  رد مع اقتباس
قديم 30-09-2009, 01:34 AM   رقم المشاركة : 15
عالي مستواها
عضو شرف
 الصورة الرمزية عالي مستواها





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :عالي مستواها غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


تسلم على النقل الرائع
يعطيك العافيه







توقيع عالي مستواها
 

،،لاإله إلا الله ..أجمل العبارات إن ضاقت الكربات ،،و زادت الآهات واشتدت الأزمات ،،
فاللهم ارزقنا نطقها عند الحاجات ونجنا بها بعد الممات
  رد مع اقتباس
قديم 02-01-2019, 10:11 PM   رقم المشاركة : 16
الطائر المهاجر
** (عثمان العبدالله) ** المؤسس والمشرف العام
 الصورة الرمزية الطائر المهاجر





معلومات إضافية
  النقاط : 20
  الحالة : الطائر المهاجر متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


كتب الدكتور سعد العبد الله الصويان

لم يدرك رميزان بن غشام وأخوه رشيدان وخالهما جبر بن سيار حقبة الجبريين الذين زال سلطانهم قبل ولادتهم. لكنهم أدركوا في أواخر أيامهم نشوء دولة آل حميد وبدايتها الأولى. وتكاد تتزامن وفاة رميزان مع استيلاء براك بن غرير على الأحساء بعدما طرد الترك منها في نهاية العقد الثامن من القرن الحادي عشر. أما جبر فقد ذكرت بعض المصادر أنه عاش حتى نهاية العقد الثاني من القرن الثاني عشر. ولا نعرف شيئا مؤكدا عن وفاة رشيدان.

ولا يزال القسم الأكبر من شعر رميزان ورشيدان وجبر حبيس المخطوطات، والقليل الذي نشر منه يعاني من أخطاء طباعية شنيعة. ومثلما درجنا عليه بالنسبة للشعراء السابقين، سوف نحاول في هذا الفصل والذي يليه أن نستقصي كل ما وجدناه في المخطوطات من قصائد لهؤلاء الشعراء وغيرهم من الشعراء الذين عاصروهم وقارضوهم، وهو كم لا بأس به، وذلك من أجل استخلاص بعض السمات اللغوية والفنية من أشعارهم، إضافة إلى بعض الحقائق السياسية والاجتماعية عن العصر الذي عاشوا فيه.

قراءة شعر رميزان مهمة ليست باليسيرة. فنحن لا نعرف شيئا ذا بال عن ثقافته ولا عن نشأته. إلا أن من يتتبع أشعاره يلاحظ أنه نال من العلم حظا سمح له بالاطلاع على أمهات الكتب في الدين والتاريخ ومصادر الأدب العربي في مختلف عصوره ومراحله. وقد تسلل جزء من هذه الثقافة المعرفية واللغوية الفصيحة إلى أشعاره، على مستوى المفردة والتراكيب، بل حتى على مستوى العمود الشعري والصور البلاغية والمحسنات البديعية. وهناك قصائد لرميزان يظهر عليها أثر التكلف الواضح في محاولته مجاراة الشعر الفصيح إلا أن عدم تمكنه من قواعد العربية يحول بينه وبين النظم بالفصحى. خذ مثلا لذلك القصيدة التالية التي نستطيع قراءة معظم أبياتها بالنطق الفصيح لولا بعض المفردات التي تضطرنا القافية والوزن إلى نطقها نطقا عاميا. لاحظ كيف يستقيم معك النطق الفصيح من بداية البيت الأول حتى الكلمة الأخيرة من البيت الثالث والتي لن تستطيع نطقها نطقا فصيحا بالتاء المربوطة لأن في ذلك مخالفة للقافية التي ستضطرك إلى نطق الكلمة نطقا عاميا. وكذا الحال بالنسبة لآخر كلمة في البيت الرابع الذي ستضطرك أيضا إقامة الوزن فيه إلى تخفيف همزة "انها" ونطق الضمير "هي" نطقا عاميا. وفي البيت السادس محاولة واضحة لمجاراة شعراء الفصيح في استخدام المحسنات البديعية. وياحبذا لو وصلتنا هذه القصيدة كاملة ولم تتعرض لهذا القدر من التحريف أو النقص مما طمس معالمها وأصبح من الصعب علينا أن نقيس بدقة مدى تمكن رميزان من الفصحى ومدى نجاحه في تقليد النظم الفصيح في منظومته هذه:

01) باح الغرام الى ناحت حمايمه // وساعف الشوق ما هبت نسايمه

02) كن في عظيم الهوى لا في صغائره // ففي عظيم الهوى حلوى عظايمه

03) وانح العذول ولا تسمع ملامته // واتبع هواك فلا الدنيا بدايمه

04) فحسب ذاك انها تبري شكيته // وهي عليه طيور الموت حايمه

05) قل أيها الصاحب المبدي بشاشته // واللي على الغيض ما تبدي كظايمه

06) كم تتقي بالدجا ليل سترت به // شمس الضحى أو كبدر في تمايمه

07) وكم تجيل نظر طرف صرعت به // ضمير قلب ضعيفات عزايمه

08) وتستبيح بشنت اشفتين من // فيها ازرق النيل درع في وشايمه

09) ومبسم كم يوضي في تبسمه // كبرق رايح مزن في لثايمه

10) وعنق ريم وإسم يستباح به // عز المحب من العنبر شمايمه

11) وبمثل ما نتى كرم وضامرها // نحيل خصر له الردفين حزايمه

12) . . . . . . . . . . الى انصفت ويقعدها // كسلانة مثل غصن . . . . . . . . .

13) حورا الجبين مصاب القلب طالبها // سكرانة في غميق الحسن عايمه

14) موزية الساق لا صوم حبها // جليلة عن دقاق الغي صايمه

15) لكن نفحة روض الخلد نفحتها // يم الضجيع أو كمسك في لطايمه

16) يقضانة العين عين الفكر يعجبها // دل عجيب وعين الغير نايمه

17) بالله عليك ايها المبدي جنايته // واديم بالهوى من هو ملايمه

18) ساعف لعل من الدنيا جمايلها // ولا لغيرك من عمر تمايمه

19) تحقق العرف في سمعي وفي خبري // نشاهد الحب ما تغبى وسايمه

20) هل كان مثلك فتاك نشامت به // من كل من هو كريم في كرايمه

21) ولا بدعت قريض ضايمني // ولا به رضيت انا لو كنت ضايمه

22) واسلم ودم وابق فيما لا زوال له // من النعيم إلىك النفس هايمه

23) ثم الصلاة على المختار سيدنا // ما ناض برق وما ناحت حمايمه

لا شك أن هذا التفاصح وما يترتب عليه من ركاكة يشكل عائقا أمام فهم بعض القصائد بالنسبة لناسخ قد لا يزيد علمه كثيرا عن الإنسان الأمي فيما يخص الإحاطة بدقائق العربية الفصحى وأسرارها ومفرداتها. هذا يعني أن الناسخ أحيانا ينقل كلاما لا يفهم معناه مما يعرضه للخطأ والتصحيف. وتتضاعف المشكلة وتتفاقم بعدد النساخ الذين ينقل واحدهم عن الآخر. ولا تتوقف مشكلة الفهم عند حد القراءة بل إننا أحيانا نجد صعوبة في استيعاب الكثير من معاني ما نستطيع قراءته من شعر رميزان ورشيدان وجبر ومعاصريهم من الشعراء، خاصة وأن أشعار تلك الفترة قد يصل الإغراق في إحكام نسج البعض منها أحيانا إلى درجة التعقيد واستغلاق الفهم. كما أن العديد من رموزهم واستعاراتهم الشعرية يصعب علينا فكها الآن، وإن كانت بالنسبة لهم في زمنهم أمرا مألوفا. ناهيك عما تتضمنه أشعار رميزان من إشارات مختزلة وإيماءات عابرة إلى وقائع وأحداث لم تسجلها كتب التاريخ ولا نعرف عنها شيئا. معظم قصائد رميزان تدور حول النزاعات الدامية، والدائمة، التي خاضها ضد خصومه في الداخل والخارج، سواء منها تلك الصراعات الداخلية التي خاضها مع أبناء عمه من آل بو راجح وآل بو هلال في تنافسه معهم على السلطة، أو تلك الحروب الخارجية التي خاضتها روضة سدير بزعامته مع جيرانها حول الماء والمرعى. إلا أن رميزان حينما يؤرخ في شعره لهذه الأحداث فإنه يشير إلىها بشكل مبهم وفضفاض يصعب معه معرفة شيء يذكر عن تفاصيل الحدث الذي تخلده القصيدة وتحديده ومعرفة تاريخ وقوعه. ويورد النساخ قصائد رميزان في مخطوطاتهم بدون ترتيب زمني وبدون تحديد تواريخ أو مناسبات لها أو غير ذلك من المعلومات التي لو توفرت لنا لأفادتنا في فهم هذه القصائد وتوظيفها بشكل أفضل في تحديد مراحل حياته وتاريخه السياسي.

وعلى الرغم من محدودية القيمة التاريخية لقصائد رميزان لندرة ما يذكره من تفاصيل وحقائق تاريخية، إلا أنها تعطينا صورة واضحة عن الواقع السياسي والاجتماعي لذلك العصر وما كان يعانيه أهله من آفات وصراعات. كما يصور شعره الجو النفسي والمزاج الشخصي لشخص مغامر وذكي يعيش في هذه البيئة الشحيحة الموبوءة بحدة التنافس ودموية الصراع. شعر رميزان يصور شخصيته التي بدورها تعكس العصر الذي عاش فيه؛ عصر كان فيه الإنسان لا ينام إلا ويد على سيفه والأخرى على رقبته؛ عصر كان الاغتيال فيه خيارا كثيرا ما لجأ إلىه الخصوم لحل خلافاتهم السياسية، حتى بين الأشقاء والأقرباء؛ عصر كان الإنسان فيه يعيش على حافة الخطر يتربص به الأعداء من كل جانب. لا شك أن هذه الظروف السياسية والاجتماعية المائعة المتقلبة التي تفتقر إلى الأمن والاستقرار سوف يكون لها انعكاساتها وتأثيراتها على المزاج النفسي والتكوين الشخصي للفرد. ما هو المركب النفسي والمكون الشعوري لشخصية طموحة تعيش في بيئة تحفها الأخطار والجوع والموت؟ كيف تتشكل شخصية الفرد في ظل هذه البيئة الشحيحة التي يعشش فيها الخوف والقلق؟ كيف يحتفظ الإنسان بإنسانيته ويولد قيما سامية من واقع قلما يجد فيه ما يسد رمقه ويقيم صلبه؟ ما هي القيم التي توجه سلوك الفرد وتحكم علاقته مع أقرانه، التي غالبا ما يسودها التوتر والمشاحنات والتنافس الحاد والشك المتبادل؟ كيف يعرف الإنسان صديقه من عدوه وكيف يتعامل مع كلٍ؟

في مجتمع يفتقد إلى سلطة مركزية ودولة ومؤسسات تنظم العلاقات الإنسانية وتطبق القانون تتحول كل العلاقات الإجتماعية إلى علاقات شخصية ومباشرة ومشحونة بالمشاعر. لا توجد في هذا المجتمع قنوات ووسائط بيروقراطية أو رسمية تحيّد العلاقات بين الأفراد وتعطيها طابع الموضوعية والمساواة. ولذلك تختزل العلاقات السياسية لتأخذ شكل ومصطلح العلاقات الاجتماعية، فالحليف السياسي مثلا يشار إليه بأنه "صديق" أو "صاحب" والمعارض السياسي يشار إليه بأنه "واشي" أو "نمام" والمواطن "جار" أو "قصير"، وما شابه ذلك من المفردات التي لا تشير في الواقع إلى أشخاص تربطهم مجرد علاقة شخصية وإنما إلى حلفاء وأعوان وشخصيات تلعب أدوارا سياسية مساندة أو مضادة. ونجد مثل هذه المفردات في شعر رميزان وغيره من الزعماء مثل ما سيرد في القصيدتين اللتين أرسلهما كل من براك بن غرير وأخيه محمد إلى ابن عمهما حسين بن عثمان آل حميد وتلك التي وجهها براك إلى مهنا. البقاء في هذا المجتمع يتطلب من الإنسان، وخصوصا من يطمح في الزعامة والقيادة، أن يكون خبيرا بمعادن الرجال، يعرف فيمن يضع ثقته ويطلع على أسراره وخططه، يعرف المداهن والمنافق من الصديق المخلص النصوح. اكتساب هذه الخبرة لا تتأتى إلا لإنسان عاش حياته بالطول العرض، عركته التجارب واختبر الناس، واطلع على تجارب الاخرين واتعظ بها. ومن هنا كانت الحكمة من أهم مواضيع الشعر في جزيرة العرب، عاميه وفصيحه. وهناك شعراء اختصوا بشعر الحكمة، وهو ما يسمى في المصطلح النبطي "فَكِر"، أي التفكر في أحوال الناس وتقلبات الزمن. وللحكمة مكان بارز في شعر رميزان، وأجمل ما في شعر رميزان مقاطع الحكمة التي تتخلل أغلب قصائده. وحكم رميزان حكم حية تحس بحرارتها لأنها ليست اجترارا لمأثور القول، بل عصارة تجربة وومضات فكر ثاقب. رميزان ليس شاعراً محترفاً، وإن كان يقول شعرا جميلا. إنه مفكر اجتماعي لا يجد أمامه، بصفته يعيش في مجتمع تغلب عليه الأمية والمشافهة، إلا الشعر والحكمة وسيلة للتعبير عن قناعاته واستنتاجاته التي توصل إلىها عن طريق التجربة الشخصية والتفاعل مع الآخرين. يمكننا أن نقرأ مجمل شعر رميزان كما نقرأ مذكرات أي زعيم أو سياسي محترف يراوح في كتابته بين سرد الأحداث واستخلاص العبر.

نسب رميزان هو رميزان بن غشام بن مسلط بن رميزان بن سعيد بن مزروع بن رفيع. وينتسب مزروع بن رفيع إلى عمرو الندى من تميم، وبالتحديد إلى بني حمّاد بن الحارث من بني العنبر. وتذكر مصادر التاريخ النجدية أن مزروعا جاء من قفار سنة 630هـ حسب بعض المصادر، أو 790 حسب مصادر أخرى، واشترى روضة سدير وعمرها واستوطنها وتداولتها ذريته من بعده. وله أربعة أولاد نجباء نابهون أصبح كل منهم أبا لقبيلة. وأولاده هم: سليمان الذي ينتسب إلىه المزاريع، وهلال الذي ينتسب إلىه آل بو هلال، وراجح الذي ينتسب إلىه آل بو راجح ومنهم آل ماضي، وسعيد الذي ينتسب إلىه آل بو سعيد الذين ينتمي إلىهم رميزان بن غشام. وتقاسم ذرية أبناء مزروع الأربعة روضة سدير وصار لكل منهم محلة تعرف باسمهم. وكان النزاع على السلطة مستمرا لا ينقطع بين آل بو هلال وآل بو سعيد وآل بو راجح. ولا نعرف شيئا عن العمق التاريخي لذلك الصراع على إمارة الروضة بين تلك الأسر ولا عن الأسس التي يعتمد عليها رميزان في طموحه إلى السلطة ويستمد منها شرعية مطلبه. إلا أننا نستشف من قصائده أنه يعتبر نفسه الأجدر بالإمارة، لا من حيث ما كان يتمتع به آباؤه وأجداده من مكانة اجتماعية وسياسية، ولا من حيث قدرته هو وعشيرته من آل بو سعيد على الوفاء بالتزامات البلد وتأدية واجباتها في الذب عن حماها وفي إكرام الضيوف الوافدين إلىها وفي إشاعة العدل بين أهلها وجمع كلمتهم ومعاملتهم بالرفق واللين.

كان رميزان من أشهر أمراء عصره. ويلقبه الفاخري بالبطل الضرغام وهي الصفة التي أصبحت ملازمة له في معظم مخطوطات الشعر النبطي ومصادر التاريخ التقليدية. ومما زاد من شهرته موهبته الشعرية التي مكنته من تسجيل صراعاته وكفاحاته وإنجازاته. ومصادر التاريخ المحلية، التي يصل إعجاب كتابها بشخصية رميزان إلى حد إطلاق مختلف أوصاف البطولة عليه، لا تذكره إلا في بضع كليمات متناثرة في ثلاث مواقع مشتتة. الموقع الأول في سنة 1052هـ التي يقول المؤرخون، باختزال شديد، إن شيخ العيينة أحمد بن عبدالله بن معمر هب لمساعدة ماضي بن محمد بن ثاري بن محمد بن مانع بن عبدالله بن راجح بن مزروع وقمع رميزان الذي كان يتطلع إلى انتزاع السلطة من ماضي. وسار ابن معمر بجيش كثيف وأخرج رميزان من أم حمار، حارة معروفة في أسفل حوطة سدير، حيث كان، على ما يبدو، يتحين الفرصة بأبناء عمه.

والموقع الثاني الذي يرد فيه ذكر رميزان في مصادر التاريخ المحلية سنة 1057هـ حينما استولى على إمارة روضة سدير بمساعدة شريف مكة زيد بن محسن وقتل ماضي بن محمد بن ثاري، صاحب ابن معمر. وقد ذكر لي الشيخ محمد بن عثمان الفارس أن رميزان بعدما أخرجه ابن معمر من أم حمار ذهب إلى منطقة المشاش بالقرب من بلدة القصب وبدأ من هناك بمكاتبة الشريف زيد. ولا شك أن هذه السنوات الخمس الحرجة من حياة رميزان السياسية التي قضاها بجوار خاله جبر بن سيار، أمير بلدة القصب، وما قد يكون أسداه له خاله خلالها من عون ومؤازرة كان له بالغ الأثر في تقوية أواصر العلاقة بين الإثنين وتوثيق عراها، كما يتضح من مراسلاتهما الشعرية. وقد تكون بعض القصائد الغزلية المتبادلة بين رميزان وجبر قيلت خلال تلك الفترة ويرمز الغزل فيها إلى تطلع رميزان لإمارة الروضة واستعادتها من أبناء عمه. وفي حديثه عن أحداث سنة 1052هـ يقول مقبل الذكير عن لجوء رميزان إلى الشريف زيد "وكان له به صلة وثيقة فشكى إليه ما لحقه من أبناء عمه واستنجده عليهم فأوعده خيرا ولكنه لم يتمكن من إنجاده لأن الحاله في الحجاز مضطربه ولم يهمل أمره كل الإهمال فلما استتب الأمر للشريف في الحجاز خرج غازيا نجد بعد هذه الحوادث بخمس سنوات". وفي هذه الغزوة أقدم الشريف على قتل ماضي بن محمد بن وولى رميزان إمارة الروضة عام 1057هـ.

وتقول الرواية الشفهية إن رميزان بعدما استتب له الأمر وخشي من مغبة بقاء جنود الشريف معه في الروضة موّه عليهم وأخذهم في رحلة عبر الصحراء. ولما توسطوا رمال الدهناء وحطوا رحالهم وناموا عمد رميزان في الهزيع الأخير من الليل إلى قربهم ومزقها ثم انسل وتركهم ليموتوا عطشا في حمارة القيظ. وقد سمعت حكاية مماثلة عن مصيخ أمير جبة الذي عمل الشيء نفسه بجنود الأتراك الذين بعث بهم ابن عيسى من حائل للقبض على عبدالله بن رشيد الذي كان آنذاك مختبئأً في جبة! وهذا ما أشار إليه عبدالله بن رشيد في قصيدته: قل هيه ياللي لي من الناس وداد، حيث يقول:

مصيخ بن فرحان ياعرب الاجداد // كل العساكر نكّسه تتلي البيه

نكس بهم عامر ومحسن وزيّاد // والكل منهم ما رجع صوب اهاليه

والموقع الثالث الذي يرد فيه ذكر رميزان في مصادر التاريخ المحلية هو حادث مقتله عام 1079هـ أو 1080، على اختلاف بين المؤرخين، قتله سعود بن محمد من آل بو هلال الذين يجتمعون مع آل بو سعيد، عصبة رميزان، في جدهم المشترك مزروع. وهكذا نرى أن رميزان عاش حياة تحفها المخاطر من كل جانب. كان عليه، لكي يظفر بالسلطة ويحتفظ بها، أن يخوض صراعا دمويا مريرا مع أبناء عمومته من آل بو راجح وآل بو هلال حتى انتهت حياته بالقتل.

وبحكم زعامته كانت لرميزان صلات مع أمراء مدن وقرى مناطق سدير والوشم وكذلك القوى المحيطة بهذه المناطق مثل ابن معمر في العيينة والأشراف في الحجاز وآل حميد في الأحساء. وحينما نشب الصراع بين رميزان وأبناء عمه من آل بو راجح على الأمارة استنجدوا بابن معمر ضده، لكنه استطاع أن يستميل إلى جانبه قوة أعظم بكثير من قوة العيينة، وهي قوة شريف مكة زيد بن محسن بن حسين بن حسن بن أبي نمي. لقد كان تحالف رميزان مع الشريف زيد صفقة رابحة وحركة سياسية بارعة جاءت في الوقت المناسب، الوقت الذي كانت فيه أنظار الأشراف في مكة قد بدأت تشخص إلى نجد. ولد الشريف زيد بمكة عام 1014هـ وتولى إمارة مكة عام 1041هـ وبعد حكم دام 35 سنة توفي في 3 محرم من عام 1077هـ وعمره إحدى وستون، وخلف عددا من الأولاد ومنهم من ولي شرافة مكة. وتتحدث المصادر التاريخية عن قوة ذلك الشريف وحسن سيرته وتدبيره، إلا أن هذا لم يمنعه من ارتكاب المظالم ضد بعض البلدان النجدية. وكان دور أشراف مكة وتدخلهم في شؤون نجد بدأ يقوى بشكل ملحوظ لملأ الفراغ السياسي الذي تركه زوال الدولة الجبرية، وصاروا يشنون الغارات على القرى والمدن النجدية طمعا في إخضاعها وبسط سلطتهم عليها. يقول عبدالكريم المنيف الوهبي "وقد أخذ نفوذ الأشراف يتصاعد في نجد حتى بلغ ذروته في عهد الشريف زيد بن محسن ثم أخذ في التراجع بعد وفاته." (الوهبي 1410: 192).

وعلى قدر ما كانت علاقة رميزان بشريف مكة قوية وقريبة ومتينة، رغم بعد المسافة بينهما، كانت علاقته بجاره وابن عمه التميمي ابن معمر، أمير العيينة، تتسم بالبعد والجفاء لوقوف ابن معمر إلى جانب خصوم رميزان من آل بو راجح وآل ماضي، وهذا ما يستشفه القارئ من مصادر التاريخ النجدية. بل إن مقبل الذكير يصرح بذلك ويعلل في حديثه عن روضة سدير مسيرة ابن معمر ضد رميزان وإخراجه من أم حمار أن الأخير كانت له "صلات حسنة مع أشراف مكة الذين لهم شبه سيادة على نجد وهذه الصلات أوجدت له حساد من الأمراء المجاورين وأخصهم ابن معمر الذي كان يفوقه قوة ولا يروقه وجود هذه الصلة بين رميزان والأشراف". إلا أن عبدالمحسن بن معمر في كتابه عن العيينة (1416: 325-326) يخالف هذا الإجماع ويفسر عبارة المؤرخين المقتضبة والمبهمة عن إخراج ابن معمر لرميزان من أم حمار بأنها تعني أن رميزان كان محاصرا وأن ابن معمر أنجده وفك حصاره. ويرى ابن معمر أن علاقة رميزان بحاكم العيينة كانت ودية، ويستدل على ذلك بأبيات لرميزان اقتبسها الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله بن حمود التويجري من مخطوطة ابن لعبون وأوردها في كتابه الإفادات عن ما في تراجم علماء نجد لابن بسام من التنبيهات (1411: 61-62). وقد اطلعت على الأبيات في مخطوطة ابن لعبون الذي ينسبها فعلا إلى رميزان ويقول إنه قالها في حمد بن عبدالله بن معمر، وقد ساق ابن لعبون هذه الأبيات ليدلل بها على زعمه أن آل معمر ينتسبون إلى عبد الحميد بن مدرك وبالتالي إلى وائل. والأبيات هي:

أزكى بني عبدالحميد وغيرهم // والضد من خوفه يظلّ موجّل

حمد بن عبدالله مْنى ضيف الخلا // إن عضّ كالوب الزمان الممحل

ياما سطا وياما عطى وياما وطا // بمهَنّدٍ صاف الحديد مصقّل

راس الذي كِبْرٍ براسه مايق // لى ذل رعديد الرجال الزمّل

وتتفق هذه الأبيات في وزنها وقافيتها مع قصيدة رميزان "ياجبر هو ضيم الليالي ينجلي" ومع رد جبر عليها ومع لامية أبي حمزة العامري في مدح الشريف كبش بن منصور بن جماز ومع لامية الشعيبي في مدح بركات الشريف، لكنني لم أجد لها أثرا في أي من هذه القصائد ولا في أي من مخطوطات الشعر النبطي التي أتيحت لي فرصة الاطلاع عليها، ولا أدري من أين أتى بها ابن لعبون.

ولم يدخل رميزان في تحالفات مع آل حميد، مثلما فعل مع شريف مكة، لأنهم لم يظهروا على مسرح الأحداث في نجد كقوة ضاربة إلا في السنين الأخيرة من حياته وبعد أن مضت سنين طويلة على تحالفه مع الشريف زيد وترسخت علاقته معه، والراجح أنه مات قبل أن يثبّت براك سلطته على الأحساء والقبائل المحيطة بها وقبل أن تشخص أنظار شيوخ آل حميد إلى نجد. وكان يمكن لرميزان بعد وفاة حليفه الشريف زيد أن يتجه إلى محالفة براك بن غرير مستثمرا في سبيل عقد هذا الحلف وتقويته علاقة النسب القبلي التي تربط خاله وصديقه المخلص جبر بن سيار مع براك وكذلك ما كان يحظى به أخوه رشيدان عند براك وأخيه محمد من مكانة. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

ومما يوضح قوة العلاقة التي كانت تربط رميزان بالأشراف وجود خمس قصائد في مخطوطات الشعر النبطي قالها رميزان يمدح الأشراف فيها، ولم يمدح أحدا غيرهم. ونلاحظ أن رميزان بذل جهدا في تقريب لغة هذه القصائد ومفرداتها من الفصحى حيث أنها قيلت في مدح الأشراف. من هذه القصائد ثلاث في مدح الشريف زيد منها هذه القصيدة التي تبلغ ثمان وأربعين بيتا؛ وفي الأبيات الأخيرة منها يوجه رميزان انتقادات حادة إلى أمراء عصره مشيرا بذلك من طرف خفي إلى أنه أجدر من هؤلاء الحكام وأصلح للرعية. وهذا يوحي بأنه قال القصيدة بعد إخراجه من أم حمار وفي الفترة التي كان يحاول فيها أن يستميل الشريف إلى جانبه وأن يقنعه بجدارته وأحقيته وبالتالي مساعدته في استرداد إمارة الروضة:

01) الدار زينتها مَعَ نزّالها // ومغبّره واهل الديار جمالها

02) حي الديار ديار كل صميدع // أصطى على الأهوال من عسّالها

03) واهلا بها من ديرةٍ ياليتها // بلسان حالي لي تردّ سؤالها

04) دارٍ مرابيع النجوع لعلها // يعتادها من حيّها نزّالها

05) وعسى لهذيك الديار نشوفها // مزدهيةٍ بخْيامها وحْلالها

06) دارٍ من الدهنا الحقوق تحدّها // تيما تحد رجالها وجبالها

07) والجزع من نجدٍ فلا ياحيّها // ما حدّت الدهنا وحدّ وثالها

08) والبير والقلبان وامواه الجوا // ورْسومها في برّها ورْمالها

09) يازين منزلها إلى ما ثوّروا // من بِلْدها فوق الجمال احمالها

10) ثم رْتَعَت في وشمها وقصيمها // فرقانها لما حلى مكيالها

11) مسقيّةٍ تالى الخريف فْياضها // فيها من الما ما يصفّ جهالها

12) بالدلو وبنَوّ الثريا والبها // يعتاد برد اموالها وظلالها

13) فإلى تقاطرت النزول بقيضها // ما بين مفلاها وبين زلالها

14) لساج زرفات البكار تحلّها // حتى تصرّم وسمها وحبالها

15) ثم التوى سعدانها بمنازل // ورياضها حتى يبسن بلالها

16) ثم اتّجَهْن إلى الجبال اسلافها // فانشبن شدّ وشالها بوشالها

17) ثم ذرعن إلى النفود يحدها // فإستوت فرسانها باشمالها

18) فازداد برد الحيدات وفتّشوا // لزهابها وازبانها ونعالها

19) وجرعن من عطف النفود تقودها // ساداتها وحماتها ورجالها

20) ورموا لمن رام العداة بغارة // واستَجْفلوا من غابها ريبالها

21) حتى حمى عرصاتها عن ضدها // باس النكال اعمالها باعمالها

22) الطاردين الملوك بهمه // وعزيمةٍ وصريمةٍ يبرى لها

23) الملحقين من الحروب قتيمها // الصابرين على نتاج حمالها

24) الباعثين لشرقها ولغربها // بكتايبٍ وجنوبها وشمالها

25) المضمرين عن النفوسِ معاقد // عن ضيمها ما يكرهون نِزالها

26) المتبعين اقوالها بفعايل // المردعين النفس عن زلزالها

27) المبديات المرضيات نفوسهم // شوقٍ إلى شاق النفوس انهالها

28) الرافلين من الحلوم فربما // يمنعك من سخطها إجلالها

29) الطالبين على النجوم تطلّع // مجدٌ أناف على عظيم منالها

30) قرشيةٍ علويةٍ نبوية // نمويةٍ حسنيةٍ طوبى لها

31) المطعمين إلى غلى سعر القرا // كم حال من دون السؤال نوالها

32) السائمي مهج النفوس بحزّة // زلزال يوم الحشر من زلزالها

33) يردون فيها الموت فوق سلاهب // تجري بفرسانٍ لكن بفالها

34) المرعفين بها مزاريق القنا // المتلفين رجالها برجالها

35) الضاربين بكل أبيض صارم // الحاملين على عظيم اهوالها

36) يتلون شيخٍ من سلالة هاشم // من هامها والتاج في غربالها

37) زيد بن محسنٍ الذي له همة // ما تستجد امثالها بامثالها

38) المبتغي فوق العلاء مفاخر // للشكر حيث اسمالها باسمالها

39) المقتفي سنن الرسول بقربها // وابعادها واحسابها واوحالها

40) وإلى متى ما فرحت برزت له // وكاد ما موت النفوس نكالها

41) ملك تدين له النفوس خواضع // ولكم بها ما للخفى آمالها

42) ابن الكفاة ومن كفاية مفخر // في ذاتها وحي الإله اوحى لها

43) واسلم ودم في دولةٍ محروسة // باياتها حمّالها واعمالها

44) وغد يثيبك ربك افضل منزل // مع سادةٍ سدا عليها دالها

45) فالعيش باق والديار محلها // لكن تغيّرهن عن أحلالها

46) خذلتهم الدنيا فعادت روسهم // كاذنابها وحرامها كحلالها

47) وأشد ما فيها فساد قضاتها // وشيوخنا جمع الحطام نفالها

48) ثم الصلاة على النبي محمد // ما ناض برقٍ في خلال خيالها

وتقول الأخرى وتبلغ أربعة وعشرين بيتا:

01) قريعة ما بالغير ما منك عايده // وما بالورى من سيّدٍ فانت سايده

02) وعيدك هذا عايدٍ كل حجّه // عليك بخيرٍ عايدٍ وانت عايده

03) ولا زلت من والى السما في ثبات // وضدّك تاطاه العدا في نكايده

04) ولا غابت الأيام في من تودّه // ولا سلفٍ ينكا العدا فانت قايده

05) ودمت لنا عزٍّ نرى فيه منعه // وبيت الندى منك الوفا في حمايده

06) وشرّفت في غَدٍ لك الفوز والرضا // وزايد حسنى حيث حسناك زايده

07) وبك عاش من لا يرتجي له معيشه // وبك صاد من لا يرتجي في صوايده

08) وجدّدت رسمٍ للمروّات والنقا // ومن شب زينات المعاني عوايده

09) وفيك معاني ما نرى فيك ضدّها // عرفت بها من كل أمر جوايده

10) تفوق بني الدنيا بعفوٍ وعفّه // وحلمٍ وعدلٍ عدل كسرى شرايده

11) وأكرم من يلقى إلى استاقت الشتا // بضيفٍ إلى قل القرى في صوايده

12) وفارس هيجا نسلها لاقحٍ بها // عوانٍ ذوى تيجانها من شرايده

13) بك مثل ما جا من قديمٍ سمعته // والامثال يرثاها الفتى من نشايده

14) إلى قل ماجود الملا زاد جوده // ولا تخلف احداث الليالي وعايده

15) ومن غير ما تحوي مطاوي رسالتي // وردّ ثناً يعناك والفكر شايده

16) مشافهة يازيد ياخير من مشى // سوى الرسل والقى بالمعالي وسايده

17) ومن له في دعوى قريشٍ مفاخر // وبيت الندى ما عن مناويه كايده

18) وخير من استولى ومن ساد بالعلى // ومن عاش دنيا سالمات عقايده

19) على الود تجزى بالثنا يابن محسن // وبالجود ما تحصى ثنايا فوايده

20) قلايص منا سارياتٍ قواصد // جداها ومنكم للحسانى قلايده

21) بعزٍّ فلا من مطمعٍ يستحقّه // أيضا ومن شعث النواصي رفايده

22) وإن تاجد التقصير مني على الثنا // عليك فعذري واضحٍ وانت زايده

23) فهل مادحٍ يحصي لما أنت فاعل // من الجود لو بلغ القصى من قصايده

24) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما لعى القمري بعالي جرايده

وقال رميزان قصيدة ثالثة تبلغ ثلاثة وخمسين بيتا يسندها على الشريف ناصر بن سعد ويمدح فيها الشريف زيد بن عبدالمحسن:

01) يعيب جميلات الأمور امتنانها // ولا فايتٍ من صالحٍ باكتنانها

02) وفي منزلٍ عجنا نحيي لدمنه // لسكّانها وانسانها في زمانها

03) بها آثار تيجان المعالي دوارس // لسبعٍ فلا ياقربها من ثمانها

04) رسومٍ بديّانٍ وخيمٍ وموكب // يحيل ندى جفناتها في مكانها

05) ومجلس حكمٍ من حكيمٍ عنت له // وفود الليالي مستخفٍّ جنانها

06) وموقف حكيمٍ من دهاها تقيسه // لرضوى وسلمى أو أجا في ارتزانها

07) وفيها لجزلات العطايا شواهد // ومدّ يدٍ كل العطا من بنانها

08) وعزمٍ له اثارٍ ورايٍ وهمّه // تمج الجفا والكل والي عنانها

09) أياناصرٍ محيي الندى عقب ما بقى // بدار الشقا مامونها في أمانها

10) فلايص فيها من هوى مثل ما بنا // إلىه وهو مدني الفنا من سمانها

11) فلو يجمع الوصل البكا في منازل // جعلت البكا للوصل شاني وشانها

12) ولو ان تحيّاتي لمن ذي رسومه // بها كان تسبيحٍ حللنا جنانها

13) تقللن من جو الدجاني ضعاين // كسين من انماط الوشايا هجانها

14) ألفن اللوى حتى ذوى العود بالثرى // وحان من البهما السفا في محانها

15) وطارت دنانير الخزامى وخوّضت // فروخ القطا مطروقها في حزانها

16) وساق سنا الصبح الثريا وتابعه // مطافيل غزلان المها من عدانها

17) فلما رأين العد لا شي دونه // كذا كل الاشيا حلوها في أوانها

18) نجعن لجمّات الركايا بدمنه // يشوق عن اوخام البحور ازتيانها

19) طوالع من سقط الضواحي قواصد // شفا البطن في قفرٍ حدتها قيانها

20) قواصد جيّان الوشيّات كلها // مقرّنَةٍ حلت بالايدي قرانها

21) إلى ديرةٍ حيطانها ذارع القنا // يكود على الضد المشاحي قطانها

22) مقايظه بالقيظ غينٍ ظلايل // بفرسانها لا بالحصون احتصانها

23) على دمنةٍ فيها للاسلاف ضوله // لخور المتالي عولةٍ في عطانها

24) منازل مَلْكٍ من عرانين هاشم // كما الروح من هذا تلقّيت شانها

25) أبا الحارث السامي إلى كل غايه // بروح ترى راحاتها بامتحانها

26) قليل التشكي للمصيبات عالم // لما بعدها من حالها في لسانها

27) له الطمع القاصي وللغير ما دنا // بنفسٍ من الله الكريم استعانها

28) تريح يمناه المشافيق مثلما // بالاقفا عن اطراف القنا في ضمانها

29) فيامن إلى اوليناه شكرٍ بدت له // فضايل من فوق الحساني حسانها

30) لكل فتىً بالناس رايٍ يدلّه // والاريا حمى عما ينوب اختزانها

31) فكن غير مأمورٍ إلى جاك رسله // لك واضح عنوانها مع بيانها

32) بنا مجهدٍ فيما عن الكل مشفق // أخا ثقةٍ في سرّها واعتلانها

33) الى الصلح منقادٍ فكم من قبيله // رأت ذلّها بالحرب رؤيا عيانها

34) وكم يتم الياس في من توده // أو الملك أدنى غبنها باغتبانها

35) ويامفخر الدنيا إلى سيم خيرها // هوانا بها دولة سرورٍ هوانها

36) أودعت لشيخان الرعايا ملابس // بها افتخرت لو كان من صوف ضانها

37) لك الله ما هذي بقايا حميّه // ويامعشرٍ هذي توالي اختنانها

38) وخالقك ما بالحرب شيٍّ تناله // ولا شرفٍ يَمّ العلا بامتنانها

39) وكم ضمّت الطاعات مخفي عداوه // غضبك رضاها والرضى باحتزانها

40) وكم قد سعى بالخلف من تصطفونه // تبوع هوى عند اصطفاق استنانها

41) قويٍّ فإن عاديت سمٍّ على العدا // إلى شمّرت عن ساق حربٍ عوانها

42) وهو إبن عمٍّ بالحروب ان تظاهرت // على النفس من أشكالها واستنانها

43) أبو سعدٍ واف الذمام الذي له // معانٍ بها قبلان الاشيا معانها

44) بعيد مدى الغايات زيد بن محسن // مكسّر شاخات المعادي عرانها

45) لك الله ما من عصر كسرى وقيصر // وتبّع من عدت عليها لبانها

46) ولا حملت أنثى جوادٍ كمثله // ولا حملت مَلْكٍ جوادٍ حَصانها

47) ولا زفّت العليا عروسٍ لمثله // إلى برزت دمّ العوادي دهانها

48) هو المفخر الثاني ليال وخندف // خليفة قومٍ شانها عظم شانها

49) فتى لابةٍ من هاشمٍ إبن هاشم // لهم شيمةٍ كل العلا من اغصانها

50) فلا قنع بالفعل الذي تستجدّه // لياليه فابقينا لها ترجمانها

51) فلا زالت الأيام تجري مطيعه // لأمرٍ جرى وابن آدمٍ في رهانها

52) ووفّقه الباري للاصلاح والتقى // والايقان واصلاح الملا في تقانها

53) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد كل لفظٍ قد لفظ من لسانها

وقال رميزان قصيدة رابعة تبلغ ثمانية وعشرين بيتا في مدح الشريف سعد ابن الشريف زيد بن عبدالمحسن الذي تولى شرافة مكة بعد أبيه. تقول القصيدة:

01) قف بالديار الدامرات نفيدها // بشرى لها بشرى بطلعة سيدها

02) وافي الذمامِ عن الملامِ ومن لَهُ // فضلٌ على ساداتها وعبيدها

03) الهاشمي ابن البتول ومن رقى // درج العلا أوفى الملا توكيدها

04) تاج الملوكِ سراج من في هاشم // ريبالها يوم الوغى صنديدها

05) حليفها وعفيفها ونظيفها // ومضيفها ملجا لجار عديدها

06) ما شرب باقداح المدام ولا سرى // لخدينةٍ بيضا طويل جيدها

07) سعد بن زيدٍ سعد من حملت به // انثى وعاش على الرضاع بديدها

08) مال الزمان على المكارم واندرس // وعلى ابن زيدٍ بالعلى تشييدها

09) من كد يعنى لها من مقصف // علياه على البحر المحيط نديدها

10) الليل معها كالنهار بنورها // ونهارها كالليل من توقيدها

11) هذا يحطّ وذا يشدّ مثوّر // منها وهذا راتعٍ بثريدها

12) يشقى بها من هو يصالي نارها // ما يهتني بالليل من توقيدها

13) طاعوا لما قال المطاع اهل القرى // وهاللي يمايل كرب وتشديدها

14) تسعين بالحاج تسعى بالرجل // قد بان بعد نويها ترديدها

15) ياخير من تسعى إلىه وبرّكت // تشكي الحفا بمتونها تلهيدها

16) وامضى من الليث الهزبر إلى صطا // سعد مذل الضد لاوي قيدها

17) جِعْل الذي ينوي مقامك صادق // حدٍّ لحيّانٍ هوت ويريدها

18) يموت ما نال الذي هو آمل // تفنى عداك وغلّها في كيدها

19) يموتون في غل ونفوسهم مقحومه // عيشة عدوك عيشةٍ نكيدها

20) لعبوا به ايد الدامرين وفرّقت // سكانها وابلى الزمان جديدها

21) اغفر لها غفر الإله ذنوبك // عذالي تضحك كل لي ضديدها

22) بشّر غلامك فالبخوت بعزمها // بِشّرْت بايام الرضا وسعيدها

23) وامك وابوك الطاهرين ذوي السنا // والسامعين بحروته تأييدها

24) ما والذي تسعى الوفود لبيته // من كل فجٍّ قاصدٍ ومديدها

25) غيرك فأنت الما وغيرك صارد // ما يباح تيمّمٍ بصعيدها

26) انظر قوافي القيل يابحر الصخا // مدايحٍ تهدى إلى وديدها

27) والعذر في تقصير مدحك هل ترى // حسناك ما تحصى الملا تعديدها

28) ثم الصلاة على النبي محمد // ما انقاد من وادي الحجاز مديدها

وقصيدة خامسة تبلغ خمسة وثلاثين بيتا في مدح الشريف أحمد الذي يكنيه رميزان "أبو ناصر" تقول:

01) مكارم الاشيا باجتناب المحارم // ونيل المعالي باحتمال المغارم

02) وما جَرّ نفعٍ عاجلٍ سرّ جاهل // وما جر نفعٍ آجلٍ سرّ عالم

03) ومن باع ما يبقى بما افنى ولو غلى // فقد ندم والتقوى كمال المكارم

04) ولا خير بالدنيا ولا النفس فانما // هواهن إيقاع الفتى بالمحارم

05) وكيف أخا الدنيا وقد لوحت له // يغرّه من ذيك الديار المعالم

06) فغارس فعل السو يجني ندامه // ولا غارس افعال الحساني بنادم

07) بلى ان الحساني ربما خاب فعلها // من الحلم فعلٍ بالعدا والمحارم

08) وتصدير الاريا قبل الاوراد ربما // تصون عن ايقاع الفتى بالمحارم

09) وغارم الاشيا ربما ثاب مغنم // وربة غرمٍ من نجا منه غانم

10) وربك ما غير الهوى جر مطمع // كريمٍ وما كان الهوى منه حارم

11) وما ضر محبوبٍ وما سر مبغض // وياما بنا ماضى الغرابيل صارم

12) وبالحظ ياما اصلحن الايام مفسد // وبالضد ياما افسدن الايام حازم

13) ولا الراي إلا راس الاشيا ولم يكن // له الحكم في شيٍّ له الله حاكم

14) مضى ذا ولي قلبٍ إلى كل متعب // طموحٍ وبالضيقه على الخطب هاجم

15) جميل العزا عن فايت ما يرده // ومنه الرضا عند المهمّات قادم

16) أصونه على الحفّه إلى ما تهزهزت // من الخوف أحشاء القلوب الهوارم

17) ومن كان تيجان المعالي لبوسه // جلا الشك لو ضاقت عليه المهازم

18) فقلت لركبٍ شدّوا اكوار ضمر // قواصد لأبناء الكرام الأكارم

19) على الرشد عوجوا روس الانضا فمثلكم // يعوجون روس اليعملات الهوارم

20) إلى بعد سير العشر منا لفت بكم // بني حسنٍ أبنا نُمَيّ ابن هاشم

21) هل الجود في غبر السنين ان تتابعت // قراة إلى جات السنين الحواطم

22) فخصوا لنا زبن المشافيق باللقا // خليفة ساداتٍ كرامٍ أكارم

23) شفى صفر الايدي من له الجود عاده // والايثار يرجى والصخا منه لازم

24) مجدّد رسومٍ للمروّات أحمد // أبو ناصرٍ مفنى البكار السلاجم

25) سراج بها موضي قريشٍ إلى التقت // محافلها بانوا الخطوب الغواشم

26) وفارس هيجاها إلى عاد بالطلب // شرا الحمد فيما بينها والجماجم

27) وسايس علياها ورافي فتوقها // حجاها ومن منها حليمٍ وعالم

28) ومن شب ما جازى مسيءٍ بفعله // أناب ومن يرجي الوفا منه سالم

29) وحارب ما خلّى لحربٍ ظليمه // وصاحب ما استوفى ضعيفٍ بظالم

30) وبعد انقضا رديّةٍ صافحت بها // لفداه من يمنا يديه البراجم

31) إلى سالكم عنا وهي منه عاده // لنا في شفايا مالنا منه قاسم

32) فقولوا فما بيّن لكم من معزه // مشافهةٍ من غير ما كنت راسم

33) عليه بياض الوجه فيما سعى بنا // جزى كلما التفّت عليه المواسم

34) فوي رجا قومٍ إلى ناب مغرم // حجا لو عن آفات الأسود الضراغم

35) وصلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى ازكى قريش آل هاشم

استطاع رميزان الاحتفاظ بسلطته لما كان يلقاه من دعم الشريف زيد الذي اشتهر بعلاقاته الوثيقة مع القبائل ومع أهل نجد وتفهمه لأوضاعهم وطبائعهم وقدرته على التعامل معهم. وبعد وفاة ذلك الشريف بأقل من سنتين تمكن سعود بن محمد من آل ابي هلال من رميزان وقتله. ونظرا لغموض المصادر التاريخية فإننا لا نعرف السبب الذي دفع سعود بن محمد إلى قتل رميزان والأرجح أن دوافع القتل كانت سياسية سببها الصراع على السلطة.

ومن قصائد رميزان التي وجدناها في المخطوطات قصيدة يبدو من مضمونها أنه قالها بعد أن استرد السلطة بمساعدة الشريف زيد. يوجه رميزان هذه القصيدة إلى المزاريع كما يتضح من البيت الخامس عشر ويتحدث فيها عن خطته في التعامل مع خصومه بعد استتباب الأمور لصالحه. بعد مدحه لقومه من تميم يشير في البيت السابع عشر إشارة لطيفة إلى ما بينهم من فتن قد يستغلها أعداءهم المبغضين لهم ويعملون على إشعالها لتكون مضطرمة بينهم على الدوام حتى تفنيهم. ولا ينكر رميزان ما حدث بينهم من خلافات يؤسف لها لكنه يقول كفى ولنجنح إلى الصلح و"إصلاح العواقب"، كما في البيت الواحد والعشرين. وبعد أن يذكّر خصومه بما لقيه من معاناة قاسية على أيديهم حينما كانوا هم الأعلون يبدي استعداده لنسيان كل شيء من أجل أن يعم السلام. أما من يوغلون في العداوة ويرفضون الصلح فإن رميزان سيطالبهم بديون له عليهم. يبدي رميزان استعداده للعفو عما سلف من أجل وحدة الصف الداخلي ضد العدو الخارجي، لكن تبقى هناك بعض التجاوزات الخطيرة، مثل إزهاق الأرواح وقطع الرقاب، التي لن يتنازل عن حقه فيها وسيحاسب مرتكبيها:

01) لمثلك في ترك الجواب جواب // كذلك في ترك العتاب عتاب

02) فلا خير في عتْبٍ على غير موجب // ولا عاتبٍ يرضى العتاب عِقاب

03) ولا مصطفي خلٍّ وهو كان رسله // غدا يتّقي سمر القنا بكتاب

04) ولا مبصرٍ من صاحبه ما يريبه // عيانٍ ويندب في قفاه رْكاب

05) وخفضٍ لذو الألباب من راي مرشد // كذلك من فوق الفؤاد حجاب

06) وصبرٍ على الجاني صوابٍ وربما // على حالةٍ كان الصواب جواب

07) فمن هانت ارقاب المهمّات عنده // غدا يتّقي رمي العدا بثياب

08) فلوها امرت بالسو أو تاهت القدا // هداها من الراي السديد شهاب

09) وكم جاهلٍ بالجد قد جاد نفعه // وحلمٍ من الجد الردي تباب

10) والاشوار فيها من كذوبٍ وناصح // وللكل من فتوى نباه جواب

11) فقم أيها الغادي على عيدهيه // لكنك من فوق النجير عْقاب

12) إلى سرت يامن ساعد الرشد نوّه // والاتعاب فيما لا عناك تعاب

13) وما شئت عنا من عزانا قبيله // للاضياف والجار القديم لْباب

14) بسنام ذرى عالي تميمٍ وفرعها // والآناف لا مزحٍ ولا بكذاب

15) مزاريع لو من روس عمرو لديهم // تراثٍ إلى عضّ الزمان بناب

16) ومن دون ما تحوي تميمٍ من العلا // عن الضد بالخطب الجليل حْجاب

17) فعمهم التسليم ولا يريبك // بنا مبغضٍ فان الاحباب احباب

18) وقل لهم يامن لهم كان قبلنا // وحيلاتنا تبعيثهن عذاب

19) فللكل منا يوم لا من مودّه // فعايل ما فعّالها بمثاب

20) بخيرٍ الى غد تولاه محسن // يكون كمن خاف الذنوب وتاب

21) وذا الحين جينا في معانٍ لعلها // تكون لإصلاح العواقب باب

22) غديتوا لنا عن ديرةٍ كان قبل ذا // حمانا ولو خبث الزمان او طاب

23) وسمحت بها انفسنا عقب ما بقت // سنينٍ لريعان العجاج مشاب

24) وغضنا الذي يبغي لنا في ربوعها // مطاول وأيامٍ تجيه عجاب

25) من الفرع في وادي سديرٍ منازل // لْمَدّ الرجا بالمقبلات رحاب

26) ولا اشوف ميدانٍ بالاشيا وربما // غدى ما مضى فيما يكون ذهاب

27) فإن كان طلاب العداوات موغل // عليه لنا بالماضيات طْلاب

28) فخير التماس العفو منا فطالما // لهم عادة منا الجميل يْجاب

29) وعزت مطلوبٍ من الحلم نفحه // على مجرمٍ طالت يداه وتاب

30) فمن شعبت لاما المحبين وصله // تحقّق ما تهوى عداه ثواب

31) ولو جاز حدّ العفو من صوب جانب // ففي جانبٍ يبقى هناك حساب

32) وإن كان راعي من عدانا جريره // رقابٍ جزيناه الرقاب رقاب

33) فمن ظفر الأعدا على الرجل أن يرى // قرابٍ ويبغن القراب قراب

34) نحيناه باطراف العوالي وربما // دعيناه للمستاخرين زهاب

35) رهاين ودينٍ يستزيده ومثله // نفوسٍ لها مر المذاق شراب

36) مناعير قومٍ بالحياة تبدّلوا // فمن مات بالبيض العذاب عذاب

37) ويانفس في عذلك ترى العذر واضح // والعذر في تركي عليك يعاب

38) بهمّة شوّامٍ الى كَلّ متعب // سجاياه للمستالمين عذاب

39) خذ حظك الأوفى من المجد والتقى // فكم تاعبٍ في غيرهن وخاب

40) فالاشيا إلى ربٍّ كريمٍ وربما // يجي في تصاريف الإله عجاب

41) وصلوا على خير البرايا محمد // وصيّور ما فوق التراب تراب

ويحتل موضوع الصراع على السلطة بينه وبين أبناء عمومته حيزا كبيرا من شعر رميزان. هذا الصراع يعزوه رميزان إلى اختلاف الرأي وتشتت الكلمة و"استباق المراتب"، كما في القصيدة التالية التي يقدمها ناسخ مخطوطة الذكير بعبارة "أيضا قال بالديره". وفي القصيدة يوجه الخطاب إلى "ابا قناع" الذي يرد اسمه كثيرا في قصائده، لكننا لا نعلم من هو. ويعود رميزان في هذه الأبيات، كما في الأبيات السابقة، للافتخار بنفسه وبقومه وأجداده من أجل أن يثبت كفاءته وأحقيته بزعامة بلده. وفي البيت التاسع وما بعده يخاطب أبا قناع قائلا له اسأل لتتأكد بنفسك أنا نحن القادة المقدمون لملاقاة الأعداء في ميادين الحرب التي تتطلب البسالة والشجاعة وأنا المقدمون لمقارعة الخصوم في المحافل التي تتطلب الفصاحة وقوة البيان وأنا الكرماء والأسخياء وقت الشدائد. وفي الأبيات الأخيرة ينثر على شكل حكم ونصائح المميزات التي ينبغي أن يتحلى بها من يطمح إلى الزعامة. ويذكر في نهاية القصيدة أن الدنيا بخيرها وشرها مداولة بين الناس لذا فإن الرجل الحصيف من يتحصن ضد اليأس إذا عثر حظه وضد الطيش والبطر إذا صفا له الزمن. وواضح من البيت الثاني والعشرين أن رميزان يتحدث من موقع ولي الأمر الذي يحرص على الرأفة بالرعية والرفق بهم:

01) على الدار تلقى صاحبٍ غير تاعب // فقل لي فانا فكّرت في غير تاعب

02) فلا عيشٍ إلا في زمانٍ تقيمه // بمنزلة الضد الغيور المطانب

03) فشم بارقٍ يابا قناعٍ لعله // سقى الفرع والجوني وجاد المحالب

04) ويالي بطينه من شمالٍ لعلها // تجاد وما حد الشفا والمراقب

05) منازل بني عمروٍ تميمٍ ينوبها // من المزن ما عيا على كل غاصب

06) ومجدٍ جِذى عنه المناوي كما انه // لأبنا تميمٍ بالذرى والغوارب

07) وإن سبّب ايقاع العداوات بينهم // تخالف الاريا واستباق المراتب

08) ومن يبذل المجهود في نيل مطلب // فلا لومة اللوما تفيد المطالب

09) وسائل فمن قوّادها كل ما لفى // للاجناب خطبٍ أو لها من يخاطب

10) وفرسانها في كل غبرا دويسه // وبيت الندى منها سنين المساغب

11) وحنا خلف يابا قناعٍ ومن بقى // خلف سلفٍ هانت عليه المعاطب

12) ولا صار منا غير من كان فعله // جميلٍ ومكسبنا حميد المكاسب

13) نفيد جسيمات العطايا ونتّقي // بها دون ما يزرى القصير المطانب

14) ونسموا إلى نيل العلا مثل ما سما // إلى الطلع شوّامٍ سنين المخالب

15) فالاقدار عيناها على جود فعلنا // والاقدار فينا ما عليهن غالب

16) فكن في جليلات المعاني وحربها // على الحظ مسلوبٍ مرارٍ وسالب

17) ولا تك مفراحٍ إلى نلت طوله // جزوعٍ على ما فات فالكل ذاهب

18) وأودع نَوّ الخير ما أنت أهله // وبالشر شرٍّ والكريم المحاسب

19) ولا تامن آفات الليالي وغدرها // ترى الكدر ياتي عقب صفو المشارب

20) ولا تامن القوم التي أنت ضدّها // فربة ما كان الصديق المحارب

21) وكن بالوفا واشتف لأرياك مسند // فلا راي في من لا يدارى العواقب

22) ورف بالرعايا واخش ما عاب فعله // وبالك من صحبة رديّ المناسب

23) وكن للمصافي صافيٍ لو نبت به // صروف الليالي مثل عينٍ لحاجب

24) فعيب بني الدنيا منـاطٌ فكن بهم // عروفٍ فبالأشيا صحيحٍ وعايب

25) دع النفع في من ترتجي منه مثله // وحقٍّ بتكريمٍ كريم الرواحب

26) ترى كل من يعطي على قدر جوده // فلا خير في من راح راجيه خايب

27) وخف صطوة الباري ولا تنس توبه // فلا خير في من لا يلاقيه تايب

28) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما تلاعى الورق فوق الرطايب

وتنفرد مخطوطة الذكير بإيراد قصيدة قدمها الناسخ بقوله "رميزان بالدار والحرب والتشجيع" ويبدو أنها تتناول حربا خارجية بين الروضة وأحد جيرانها. بعد مقدمة طللية ممزوجة بالغزل يقول رميزان "فدع ذا" معلنا بذلك انتقاله إلى موضوع قصيدته الأساسي. يفتتح الموضوع بتقريع الخصوم الذين يطمحون إلى المراتب العليا والزعامة، علما بأن التاريخ لم يسجل لهم ولا لآبائهم أى "سوالف" تخلد ذكراهم وتمجد بطولاتهم. هؤلاء ليسوا إلا أناسا ضعاف العزيمة وضعاف الرأي ومع ذلك يصرون على شن الحرب وإثارة الفتن. ثم يقول رميزان إنه وعشرين من جماعته استطاعوا أن يردوا هجوم أولئك الخصوم على كثرتهم. ويتوسع رميزان في وصف أهوال المعركة التي دارت بينهم واستحرار القتل. ويعيد رميزان تأكيده على ضعف تدبير من سعوا إلى محاربته ومحاربة عشيرته، ويشبههم بأحمق ثمود. وبعدها ينتقل إلى الافتخار بنفسه وبعشيرته وما يتحلون به من نقاء في التعامل وشجاعة وسداد رأي وحلم. ويلفت نظر صاحبه "أبا قناع" إلى ما تنعم به الروضة في ظل قيادته من رخاء وازدهار حتى صارت قبائل طي وقيس تقصدها للميرة والاكتيال من تمرها وقت صرام النخيل. ثم يصف ما تعقبه الحرب وتخلفه من مآسي ومصائب ودمار. وفي آخر القصيدة يشيد بموقف البدارين من الدواسر الذين يبدو أنهم وقفوا مع رميزان وجماعته في الحرب التي تخلدها القصيدة. كما يشيد في البيت قبل الأخير بموقف آل عبدالله ويقصد بهم، على الأرجح، ذرية عبدالله الشمري الذي تقول مصادر التاريخ إنه أسس المجمعة سنة 820هـ، لأنه يذكر وادي منيخ في البيت الذي قبله:

01) تحقق عرفاني رسومٍ مبيدها // زمانٍ لياليه الجفا من وكيدها

02) دوارس هذا عامها في منازل // أواهل في قلبي ولو باد بيدها

03) أوانس أجداثٍ ولو كان حيها // على الياس مطويّ الحشا من فقيدها

04) منازل واحبّي لها من منازل // لعيني صفاياها الفنا من صعيدها

05) ولو كان ماضي عامها ساعفت له // صروفٍ فما الدنيا بيبقى سعيدها

06) غدا في جماد اللي هوى ما مللته // فريد السجايا انسان عيني فريدها

07) خليلٍ غدا لو ينثني لي شريته // صعاب المعاني والملاهي ضديدها

08) عليه تهايا الحور لولا ان حكمه // يجور على روحي مصافى وديدها

09) غدى ما ادري يابا قناع ايش ذنبه // يكون مع الدنيا الذي كان اعيدها

10) واجل عنك لولا الياس لو زعمت بنا // هوى النفس همّاتٍ عصينا وعيدها

11) فلم يبد مكنونٍ وغلٍّ من الحشا // لروحي بلا ضعفٍ بدا في حديدها

12) فلكن بالدنيا شفايا طرايف // يفتن ولا يغدي فواتٍ طريدها

13) فدع ذا وكن في ذكر من لا نجد له // سوالف من أسلافنا نستعيدها

14) عجايز همّاتٍ لقومٍ بغت بها // تصيد ولو باشيا ضعافٍ مصيدها

15) تورّى لها الخاطي صوابٍ فعزّها // خطاها وصولاتٍ علينا تريدها

16) رمونا بها جملا تميمٍ وغيرها // قبايل بادٍ حدّها في حديدها

17) صباح وحزبا ونا ذمام ختيله // لك الله ما جانا النقا من قليدها

18) ولو غيرنا عشرين يرمى بمثلهم // غدا كان من بين البرايا شريدها

19) فلما ان دعا الداعي صبرنا ولم يكن // سوى الصبر لي من حيلةٍ أستجيدها

20) ولا تسمع الا طالب الثار عندنا // ومنع الحساني وامتناع بليدها

21) وضبّبت القوم الحماقا وحقّقوا // على القطع وازا سمّها في وريدها

22) كذلك إلى ما حتّم امرٍ بدت له // لوايح ما يغبى ذهينٍ مديدها

23) الي تبعت الأريا فتىً غير مرشد // كما اتّبعت أريا ثمودٍ وليدها

24) فلي همّةٍ عليا ونفسٍ أبيّه // تِمِجّ الفضا من فوق ما بي قصيدها

25) قليلٍ خطاها ضِدّ هامات بِدّها // على كود الاشيا ما عثت في بِديدها

26) لها سلفٍ قوّاد غلبا قبيله // وهي خلف عليا من تميمٍ نديدها

27) لعمرك ما لي في غلاها شفيّه // ولا رادةٍ في لذةٍ استزيدها

28) ولا زاد بادنى مطمعٍ به فربما // صروف الليالي كم لقينا شديدها

29) وكم لو دها خطبٍ حملنا وعوده // ونايبة ياما حملنا وعيدها

30) وياما حملت هاماتنا من جريره // . . . . . . . . حتى ابتذلنا جديدها

31) وللجار والعاني زلالٍ عن الظما // ومكرمةٍ ياما دخلنا وصيدها

32) وبالمال فيما قد عنى من غرامه // أقمنا لها صبرٍ لرجوى حميدها

33) ولا بار نَوّ الخير فينا وطالما // بذرناه في رجوى الثنا من حصيدها

34) فلما رأينا نيّة الخير عقبه // ومنا الحساني نسيها مستفيدها

35) وزاد الاريا في ضعف الاريا وازوا // على النفس شاهاتٍ لها من ضديدها

36) لبسنا على الأبدان سرجٍ وفوقها // قلوبٍ قلوب اسد الشرى من عبيدها

37) أقمنا على سيل المنايا بنحره // تشيب النصا دم المعادي صديدها

38) وكم قد نزلنا بالقنا من منازل // تحت ظل هيجا ما ينادى فقيدها

39) وإن أجمعوا في ذمّةٍ يخفرونها // ولو يم ضِدٍّ ما حضرنا مكيدها

40) وكم قد قضت أوطارها من دويسه // حملنا جناياها ومنا عقيدها

41) وفينا النقا يابا قناعٍ غريزه // وطبعٍ ومنا عادةٍ نستعيدها

42) وقل عنك ما قصّرت فيما ينوبني // من الحلم باشيا ما حصينا عديدها

43) فلما ان قضت الاوطار مما هذت به // ورد على رغم بالايدي لبيدها

44) سعى الكل في تنمات حربٍ لعله // يفيد لها شٍ فاصطلينا وقيدها

45) وكم فازعٍ يبغى القضا فاستزدته // ومرٍّ بمن غالي علينا نزيدها

46) وكم نقّصونا ضدّنا من صميدع // بيومٍ وكم يومٍ قصمنا عنيدها

47) الى جيت مال الحرب واستحملت له // رجالٍ وباتت ضعف الاريا هديدها

48) ونظمت أفعالٍ ومالٍ وفرّقت // رجالٍ وشبّانٍ لها في سريدها

49) وخلّفت آمالٍ وحالٍ ومطلب // وبان لأرماق القضا من وديدها

50) وضعت ازرها الاقدار والكل كنه // من العظم فيها سيْدها وابن سيدها

51) فإن نفع الباري بخيرٍ فربما // يكون به التقوى وإصلاح جيدها

52) قوي على إصلاح غلبا قبيله // إلى سلم والي حربها من مكيدها

53) بدارٍ لنا يابا قناع توجّهت // إلى حط مزهي النما في جريدها

54) قبايل من طيٍّ وقيسٍ وغيرها // إلىها وأثمار النما من نضيدها

55) وكم سلفٍ زاهي وكم من قبيله // على حربنا منا قضاها شديدها

56) وإن شمّرت عن ساقها فان طلعها // لقومٍ وقومٍ شانها من شريدها

57) لبسنا لنا فيها من الصبر جنه // وبيضٍ مساعيها ومنا عضيدها

58) جزى الله بالحسنا لقومٍ شدت لهم // رواة المساعي بالثنا في نشيدها

59) كبار العطايا عند من يستحقّها // وجرد السبايا والنضا من زهيدها

60) واهل شيمةٍ عليا وصبرٍ وعفّه // ومجدٍ وجودٍ من قديمٍ مجيدها

61) بدارين اللوى من ذرى روس لابه // خميسيةٍ في زايدٍ عن يزيدها

62) أجل عنك في وادي منيخٍ جماعه // على الضد حمّا ما يْوَنّي ضهيدها

63) من اولاد عبدالله هل المد بالقسا // ونعمٍ الى قل الجدا من وجيدها

64) صلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى أزكى قريش وسيدها

ويقدم ناسخ مخطوطة الذكير قصيدة أخرى لرميزان بقوله "مما قال رميزان التميمي يسندها على امر الحرب على سليمان وفايز وناصر ومانع." وفعلا يرد ذكر هذه الأسماء في القصيدة إلا أننا مع الأسف لا ندري من هم أصحابها بالتحديد. والحقيقة أن القصيدة قوية وجزلة تقدم مثالا جيدا على نفس رميزان الشعري ومقومات القصيدة عنده. يستهل رميزان القصيدة استهلالا غريبا في بابه يستغرق الأبيات الستة الأولى ثم ينتقل بعدها إلى موضوع الحكمة والنظرات الفلسفية، وكلها تدور حول قيمة الشجاعة وقوة العزيمة وسداد الرأي وعلو الهمة وطلب العلا. ثم يستطرد في وصف الصديق المخلص الذي يمكن الاعتماد عليه والركون إلىه في المهام الصعبة. وعلى عكسه مدعي الصداقة الذي لا خير فيه حاضرا أو غائبا، ومهما شبع فهذا لا يزيده إلا جشعا. تجده زمن السلم كثير الادعاء بالغيرة على مصلحة البلد وأهل البلد لكن إذا استعرت الحرب ولّى هاربا ذليلا. يقول رميزان إن مبدأه هو إبعاد الأقرباء الذين لا يرجى نفعهم وتقريب من يكون عونا له على مصلحة البلاد حتى ولو لم تربطه به صلة النسب. وبعد ذلك يوجه الحديث إلى سليمان وفايز وناصر ومانع الذين يصفهم بأنهم إخوانه، أي تربطه بهم صداقة قوية ومصلحة مشتركة. ويخاطبهم رميزان قائلا إنه لا يليق لا به ولا بهم الذل والخنوع والتخلي عن طلب العلا. بعد ذلك يلج إلى ما يبدو أنه الموضوع الرئيسي للقصيدة وهو الحديث عن شخص تنكر له واستحكمت الخصومة بينهما. ويصف هذا الخصم بالنميمة والكذب والعجز. فكل حججه رثة واهية والواقع يثبت عكس ما يدعيه. ويرسم رميزان صورة كاريكاتيرية لهذا الخصم الثرثار البذيء اللسان الذي يتخلى تماما عن وقاره حينما يمارس هذيانه فيكشف عن رأسه في المجالس ويطلق للسانه العنان. واسم هذا الشخص عثمان كما يتبين لنا في آخر أبيات القصيدة. وبعد أن يعنف هذا الخصم اللدود ينتقل رميزان إلى مدح العشيرة ويختتم قصيدته بأبيات يتوعد فيها خصمه وينذره بالانتقام إن لم يرعوِ عن غيه:

01) أدر ذكر نيّات العواد البوارع // علَيّ وعلّلني بما كنت سامع

02) وكن عن علام الغير ذالآن معرض // فلا القلب لاعلام البرايا بجامع

03) وزدني من اعلامٍ قدامٍ فربما // تشوف بعينيك الذي أنت سامع

04) ولا تكتم اقلادٍ مضت في عشيره // فلا تنفع الكميا لشٍ عاد شايع

05) فلا عاد يدني ذكرها لي صبابه // وما بادت الدنيا فلا هوب راجع

06) وزد لي بما كنّيت مما انت خابر // فربة ذكراها يكن في نافع

07) والاقدار تغتال الشفايا وربما // جرى قدرٍ فيه اغتيال الجمايع

08) فبيّنها ياناصحٍ لي ولا تكن // جزوعٍ فما نال العلا كل جازع

09) فمن تجزعه كل المعاني فلا به // من الراي ما يوذي الخصيم المنازع

10) فمن كان له رايٍ سديدٍ ودايم // خبيرٍ بما يبرى الضروس القوارع

11) أخا ثقةٍ يغتال راعي حماقه // ولو كان محتمل الحماقات بارع

12) وحقّق له ادراك العلا في مسالك // فيازي بها خلوٍ قليل الروابع

13) وإن حزت عاليها ولو قدر ساعه // خلاف الدعايا مجنّبين الشرايع

14) فيالك من ذو سؤددٍ أدرك العلا // ببذل الشفايا واحتمال الوقايع

15) فإن أشملت عنه المعاني فربما // يكون الذي أفنى بها غير ضايع

16) فقلت لمن قال ارشداني وقد بقى // يقاضي بنفعٍ والثنا منه واقع

17) على ما ترى ياناصحٍ بين ما على // ترى إن مرعى الذل للعز قامع

18) وبع في رجا العليا غواليك لو جرى // عليك من آفات الأمور الفنايع

19) ولا تكره الأخطار يومٍ فربما // تنال معاليها بما كنت بايع

20) ونَجّم لمصدارك إلى صرت وارد // فكم ذا تنجّي الواردين المنايع

21) فإن لم تجد للي تردها مصادر // فلا الصبر إلا من خيار البضايع

22) وشاور في كل المعاني صميدع // أخا ثقةٍ من حافظين الودايع

23) صديقٍ رفيقٍ ليس يبدي صداقه // لغيرك من دون الفتوق الوسايع

24) تبين لك فتال حبال رمايث // وعاضك فيهن الحبال المنايع

25) تزيده شدّات الليالي عتاله // على اثرك لو هفّيت بالبير تابع

26) ودع عنك خلان الرخا فان ما لهم // عهودٍ ولا يدرون خوف الشنايع

27) وكم من صديقٍ حاضرٍ مثل غايب // ولو كان شبعانٍ فهو مثل جايع

28) على الدار بالراحات راعي حميّه // قليل الْتقا وجه الخصيم المنازع

29) كثيرٍ محاضاها إلى اورت بطيبها // قليلٍ مصالاها ليال الوقايع

30) فبع ذاك بادنى الدون إن كنت مرشد // وقل لا رعى رب الملا من يراجع

31) محا الله من لا يبعد ادنى جدوده // إلى الَمّ به أمرٍ لمهفيه طايع

32) ويدني بعيدٍ دانياتٍ نفوعه // يجيك بما تالي بنانيه فازع

33) وما قد مضى يكفيك عن زجر ما بقى // فمن هو إلى ذيك المعاني مسارع

34) وقلته لمن لا طاع بي قول قايل // راعي عزومٍ في معانيه بارع

35) سليمان ما تِدّي سلامي لفايز // مع ناصرٍ وازكى سلامي لمانع

36) إخواننا لا فرّق الله شملهم // وكل الذي يخفى على الناس طالع

37) وقل له بأن الموت أشوى على الفتى // إلى عاد مشتانٍ بحال المرافع

38) من الذل والخذلان والغبن والقمى // وتبعانك امرٍ في معانيه هازع

39) لراسك عن أمرٍ جميل تناله // فتبت يدا من هو بهذاك قانع

40) أبى القلب مني عن مصافاة واحد // ففعله يوم اسدى لذا القيل ضايع

41) مصافٍ على ما يهتوي ثم عقب ذا // على النَّجَوى مني ثقيل المسامع

42) وكم من عدوٍّ قد بقى في لحومنا // منحنا بصَدٍّ يوم قَفّى مضالع

43) يقول بنا قولٍ وهو فيه كاذب // على غيبةٍ مناعلى النأي راتع

44) ومظهر أعلامٍ سداها رمايث // يجازي بها ما كنت انا فيه بارع

45) يقول انهم أبدوا إلىنا صداقه // تغزّل بها وامسى من الذل جارع

46) فذا واهمٍ ما هوب في ذي بصادق // مخافة أو باغين منا مطامع

47) وخبر ذوي الألباب يكفي عن اللقا // ومثله ما يبدي كداه الزعازع

48) أثابه فيها الله إن كان ظالم // وكمْ مْحَدِّثٍ يومٍ لراعيه شانع

49) ومن يظلم الناجي فهو غير رابح // لنا فالبرايا للمنايا مزارع

50) والافعال للشور المخفّى علامه // والاجواد منها الظلم ما هو بنافع

51) وقوله ما عدتوا تحملون حربنا // تبين لمن للباب ساعٍ وقارع

52) فقل له بالنادي إلى عاد ضايل // وراسه من كثر اللغا عاد فارع

53) أراك قد ابديت الرغا وانت قبل ذا // هدورٍ وما من خوف ظلمٍ ترايع

54) واراك قد افضلت الذي كنت حايز // ومن قبل ذا تبقي الذي أنت تابع

55) ولا عفته الا عقب حربٍ تبيّنت // وثوره في غاربك للعظم قارع

56) وقل له ياعثمان الالغا سماجه // ولا ينبغي من عند شرواك طالع

57) على لابةٍ ياطول ما ذاروا العدا // بزرق العوالي والسيوف اللوامع

58) سعيديةٍ ما خانوا اقلاد صاحب // ولا أبطنوا صحبا لضدٍّ منازع

59) واهل كرمٍ يندى إلى نوّش القرا // تعادا به اولاد الخديم الرمايع

60) فانا اظن من هذي سجايا طبوعه // حريٍّ بأن يشقى بهم من يطالع

61) وانا اظن ياعثمان لو رمت مصرم // على الذنب إصرام الخليل المقاطع

62) وجاد الدوا فيما لجا فيك وانثنى // بك الذهن من عقب الدخيل المجامع

63) على حذرٍ مني فياطال ما أنا // أخا سطوةٍ دايم لشرواك رايع

64) بقدرة خلاقي والافعال كلها // تعود إلى رب السموات راجع

65) وصلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى للناس هادٍ وشافع

وتسيطر فكرة الخصم النمام على ذهن رميزان ويعود إلىها مرة ثانية في القصيدة التالية ابتداء من البيت الثالث والأربعين. لكنه في هذه المرة لا يذكر اسم شخص معين مما يجعل القارئ يتساءل ما إذا كان المقصود بالقصيدة شخصا بعينه أم أن هذه مجرد حيلة فنية يلجأ لها رميزان ليلج منها إلى موضوعه المفضل، وهو الافتخار بالنفس والعشيرة. يوجه القصيدة إلى شخص اسمه ناصر والذي يبدو من أسلوب تخاطب رميزان معه أنه شخصية لها وزنها، وربما يكون الشريف ناصر بن سعد الذي مدحه في إحدى قصائده، علما بأن الاسم ناصر ورد في العينية السابقة:

01) مقامك في دار الهوان هبال // فقم قام ناعي من جداه نوال

02) بهونٍ فراعي الهون ما نال طوله // وصيّور تنهات النوال سوال

03) وخلّك لشدّات المعاني مصادم // فلا جْدارٍ الا مقتفيه ظْلال

04) فكم شدِّةٍ تلفيك الى حَدّ راحه // وكم راحةٍ تازي عليك وبال

05) وكم عايلٍ دومٍ يْخَلّى مخافه // ومستسلمٍ دومٍ عليه يعال

06) وكم ذا ترى البرجوس يخشى وكم ترى // نعاج الخلا يِعبا لهن حبال

07) وكم قاعدٍ في غرس ابوه وجده // قد زوّلوه العالمين وزال

08) وكم من وحيد ما تطا الناس حبله // وكم عضدا صاروا طريق نعال

09) فلا تكره الأخطار بالنفس خافه // من قدّر الباري زواله زال

10) الاقدار ما عنها انهزامٍ وكلما // تعدّل ولو طال اعتداله مال

11) يجيك على غير اختيارك حوادث // مقدّرةٍ منها فؤادك جال

12) وكم قَدَرٍ يوطيك حالٍ وطيّه // وكم قدرٍ يكسي جماك جمال

13) وكم قاعدٍ بالظل وانزاح ظله // وكم قاعدٍ بالشمس جاه ظلال

14) فلا تك مفراحٍ إلى نلت طوله // ولا تك جّزاع ان نبا بك حال

15) ولا تجزع ان صابك من الدهر حادث // فلا كدر الا مقتفيه زلال

16) وكم ثقةٍ راعي خطوبٍ جليله // صبورٍ وشدّات الأمور ثْقال

17) وكم ثقةٍ مغتال راعي حماقه // جهولٍ قد ابدى ما كماه جدال

18) يورّث حالاتٍ خباث السراير // ومن فيه شارات النميمه قال

19) ومن يطلب العليا ترى فيه شاره // مع الصبر ما الغالي عليه بغال

20) ولا مطلب العليا بيدني منيه // والاعمار تفنى لو بقن طوال

21) وكلٍّ على ما قدّر الله والفتى // مدى العمر له رزقٍ عليه يهال

22) وكم جلعدٍ راعي شبورٍ قصيره // عن الجود ماجوده جداه محال

23) يعيش في رزقٍ قصيفٍ وكم ترى // أخا الجود في نعمى مقامه عال

24) وليس يلام امرٍ على بدعة الثنا // وكفّيه من غال القماش خوال

25) له العذر لام الله عزى من يلومه // وسيعٍ إلى ما عاد جاه هزال

26) يلام الذي يتلى الردى ما يبى الثنا // وبيديه من جل الفوايد مال

27) ينمّيه ما يلهيه شٍ عن حسابه // ولا ذكر يوم قد صخا بخلال

28) لين ارّثه لاعدى عدوٍّ وهو بقى // في حفرةٍ فيها التراب يهال

29) ما حاش في دنياه بالمال طوله // ولا في غدٍ لرضى إلهه نال

30) فهو كنه العيس الذي بات جايع // ومن فوقه حْمول الطعام تشال

31) وكم مشفحلٍّ ما اغتنى في حياته // وهو سلم الايدي ما وراه عْيال

32) يحارب بايام الشتا دافي الذرى // ومن طلعة الجوزا حريب ظلال

33) لبوسه من بين الجماعه ساحه // على الصدر يشتظّها بخلال

34) وكم من فتىً قد عاش قنعٍ برايه // وكل فعلٍ بالمجال يقال

35) قلته وانا قلبي توقّد سعايره // وتكدّر مشروبٍ بريقي حال

36) فيا مخبرٍ عني منى الضيف ناصر // إلى قل في غبر السنين خيال

37) حجا كل مطرودٍ لِقى كل طارد // إلى حق في يوم الكفاح قتال

38) عشيري ومن لا لي من الناس غيره // عشيرٍ ومن لي بين سين ودال

39) من ليس يستلجي من الناس واحد // سواي ولا استلجي سواه رجال

40) إلى استر بالدنيا شفاني سروره // وعني على طول الزمان يسال

41) بما حل بي من حالةٍ ما احتزيتها // والايام غمسٍ ما بهن حْيال

42) يولّدن حيرانٍ خباثٍ شراير // تشقى وتبقى بالقلوب علال

43) طمى الغيض مني بالحشا يوم قيل لي // عدوك في نادي صديقك قال

44) بك الزور مع قرض القفا بالنقايل // ترى كل ماله في بلاده ضال

45) عدته العوادي عند ذا وانت خابر // وذا القيل باللزما صفاته لال

46) وخالقك فانه واهمٍ غير صادق // ولا يظلم الناجي نتاج حلال

47) حنا الذي نعدي العوادي عن الحمى // ونِرّث في كبد الخصيم علال

48) وحنا شقا قلب المعادي وكم ترى // شبورٍ لنا بالملزمات طوال

49) إلى جذّت ابواع الملا من حذاتنا // وعادن عن افعال الجميل كْلال

50) وقل الندى واصبح جدا كل جلعد // غدا على النو القبيح يمال

51) تشوف شارات الندى في وجيهنا // مْوَثّقَةٍ فيها بغير حبال

52) حنا هل الجار الذي ما نروعه // فجاةٍ ولا دَبّت عليه نمال

53) واهل همةٍ عليا وصبرٍ وشيمه // على صكّ غارات الزمان جبال

54) ونرخص بغالينا لعيني عميلنا // إلى صال أو خفنا عليه يصال

55) وننزل بأدنى منزلٍ من حريبنا // إلى من مذعورٍ حداه جفال

56) بشبّان قومٍ كم جلوا من مهمّه // بفعلٍ إلى هاب الجبان افعال

57) سعيديةٍ كم طلقوا من خريده // لها من غلاها حشمةٍ وجلال

58) وكم جانيٍ جا ناشدٍ عن بيوتنا // ومن دونها ما يرتضي بحلال

59) عنه قد جلينا طارق الهم مثلما // قد انجال عن قرن المهاة خيال

60) وكم نادرٍ قيدوم قومٍ على النقا // سقيناه غلٍّ في فؤاده غال

61) جانا يريد الصلح منا خلاف ما // كسيناه من عقب الجديد اسمال

62) وذا الفعل مشهورٍ لنا من قديمنا // كما شيف من بين الشهور هْلال

63) إلى شاب منا خيّرٍ شبّ خيّر // عطاياه في جدب السنين جزال

64) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما أضا برقٍ نشا بخيال

وفي القصيدة التالية لا يتطرق رميزان إلى حادثة معينة أو مناسبة محددة لكنه يبدأ بالحث على التحلي بالصبر على الشدائد وتحمل المكاره والكتمان والحزم وعدم إظهار الجزع حتى تحين الفرصة للانقضاض والاقتصاص وتصفية الحساب. ويقول إن طلب العلا يتطلب التضحية وبذل النفس والنفيس. وفي البيت الرابع والعشرين ينتقل إلى الحديث عن عذل صاحبه وتقريعه له ليأخذ من ذلك مدخلا للافتخار بالنفس والعشيرة ويقول إنه استطاع بعزيمته وقوة بأسه أن يذل أعداءه فأصبحوا جازعين كما يجزع الرضيع الذي فطم عن ثدي أمه. لكنه مع ذلك رؤوف بالجار وحليم وكريم ووفي. وترد في البيت الأول من القصيدة كلمة حوباء؛ وهي كلمة فصيحة لها عدة معانٍ يهمنا منها النفس والقرابة. فقد استخدمها رميزان في البيت الأول بمعنى النفس وفي البيتين السادس عشر والتاسع والعشرين بمعنى القرابة:

01) ملام الفتى حوباه مما يهيمها // وتصديعها يدني لها من نعيمها

02) وتنزيهها عما يعيبه كرامه // فربّة نفسٍ ضل عنها وكيمها

03) وقِدْها على عصيانها في مسالك // ودِرْها بلا هوياتها عن ذميمها

04) فلا خير في نفسٍ إلى رامت الهوى // نهاها وهو عما الليالي زعيمها

05) فكم من فتىً قد كن بالكره غيضها // مخافة أن يدري بداها خصيمها

06) وحمّلها كودٍ عليها وعقب ذا // شفى غلّها واصداعها من غريمها

07) وكم من فتىً أمهى لها عند غيضها // فهاض على الخصم الملاوي زكيمها

08) وربّة يجتاز العلا غير حاذق // ولا يمسك المعررف إلا حليمها

09) ولو نال من لا فيه رايٍ شرايد // من الذكر فان يالي علاها حكيمها

10) ومن كان ذو رايٍ سديدٍ إلى العلا // مشامه مفتونٍ بعالي جسيمها

11) فيرخص غوال المال عمدٍ تكرّم // فلا يحتضي بالعز إلا كريمها

12) ويصادم صعبات المعالي فربما // رضا العيش في صعباتها من قديمها

13) وصبرٍ على بعض المعاني وتاره // أخا الصبر فيها ما نجا من عديمها

14) ومن شام لادراك المعالي ولا له // هوى غيرها قد بان يبني هديمها

15) فلا يَكُ ذا نومٍ لمن يستنيمه // من الضد إلا أن يكن مستنيمها

16) ولا بغويٍّ رام ما لا يطيقه // بتمنات حوبا جاهلٍ كبر زيمها

17) ولكن يبدي عاصف الريح رمسه // فلا خير في نجوى قليلٍ كتيمها

18) مطيعٍ لمن يثني بعزمٍ وينثني // بحزمٍ فكن زاوٍ لكل صنيمها

19) فكم من عزومٍ نال في حد ضيقه // إلى عدم من رايٍ سديدٍ عزيمها

20) وكم عازمٍ ذا سطوةٍ طال ما شفى // لنفسه بأوفى قسمةٍ من قسيمها

21) فياطالب العليا دع الهون مجنب // فعمرك مكتوبٍ ليالٍ تقيمها

22) وربّة تلقى الخير فيما انت كاره // وتهوى لما لا فيه يبقى دسيمها

23) فكل فتىً لو خاب أو صار بارع // فلا النفس إلا جودها من نسيمها

24) فقلت لصاحبي الذي طال ما نها // لقلبي عن افعال المعالي حشيمها

25) مخافة أن يازي لروحي عقوبه // من الشر أو يجري عليها أليمها

26) أو امضي بما لا ابوء منه فما أنا // بناجٍ سوى بيضاتها أو وهيمها

27) فكم قال لي وانا عن انواه معرض // أطعني إلى ترتيبها كن هميمها

28) وخل ملاواك المعالي وكن بها // قنوعٍ فما نال الملاوي عميمها

29) ولا تنفق المال الذي أنت حايز // ودار على حوباك عسرٍ يضيمها

30) ألى خلني فانا إلى الجود شايم // فعسري وإيساري إلهي عليمها

31) وعمرك ما أسعى لأدنى معيشه // وروحي إلى دامت بها لا يديمها

32) فلكن ما أسعى لمجدٍ أناله // فرقيائي العليا يداوي سقيمها

33) فياما تنال النفس من غاية المنى // بالاقدار أو يضحي عطيبٍ سليمها

34) فلي هاجسٍ ياما عصى العذل صادم // صعاب المعالي ما هبا من صديمها

35) معوّده التشمير في طلبة العلا // وصبرٍ ولو زاد اكترابٍ حزيمها

36) ولا نا بجزعٍ من حتوفٍ مصيبه // لجل الرزايا أو مصابٍ حطيمها

37) ولا ناب من يزداد غيضٍ على الرضا // إلى أعطت الدنيا جدا من حطيمها

38) وقولك من رام العلا غاله الفنا // فهل تنج من ضيم الليالي حريمها

39) وهل تلق لي من حيلةٍ عن منيّتي // إلى عاد ما ودّي بلقيا عظيمها

40) وإن كان ما لي عن لقا الحتف فانني // أرى الذل لزما قسمةٍ من جحيمها

41) فدع عنك لومي واتركاني فمن صبا // عن العز سيما ظالمٍ أو ظليمها

42) ومن هاب من خوف المنايا رأيته // من الذل ما يجزي شتيمٍ شتيمها

43) فقلت لنفسٍ طال ما يستفزّها // طروقٍ فتشبعها بحلوى طعيمها

44) على الكبد أطيب حالها من سجيّه // إلى ابدى الرغا مني بالاقفا عديمها

45) فما الصبر لو زاد بعزمي فطالما // شويت العدا في حرّها من جحيمها

46) نتاج لدى غمس الليالي وكم ترى // عن الجرم ما ينجي مرارٍ جريمها

47) وياطال ما زدنا جديدٍ ودارس // من الظيم والغل المشاحي ذميمها

48) الين بقى اللي قد محناه جازع // كما جزع من بلوى فطيمٍ فطيمها

49) وإن عد عن قومٍ لجارٍ هظيمه // فقل عنك ما جاري بشاكٍ هظيمها

50) وإن جهل أو جا زلةٍ لم يكن له // من الحلم ما يعذي عذاها غميمها

51) وياما على عسر الليالي يجد بنا // من البر إن قل الجدا من هليمها

52) من العسر إن خلّى صديقٍ صديقه // وعزٍّ إلى اعرض جارنا عن هميمها

53) نعزه بقومٍ يالها من قبيله // سعيديةٍ ما يشك جارٍ غشيمها

54) وصلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى أزكى قريشٍ عظيمها

والحديث عن مسيرة رميزان السياسية وصراعاته مع أبناء عمومته يفضي بالضرورة إلى التطرق للدور الذي لعبه رشيدان في تثبيت دعائم السلطة لأخيه رميزان في روضة سدير. ويوضح رشيدان نفسه لنا هذا الدور في قصيدة قالها يصف فيها غارة فاجأوا بها أعداءهم تحت قيادة رميزان. ويقول إنهم أعملوا الحيلة لمباغتة عدوهم. وتتمثل الحيلة في عمل سرداب استغرق منهم حفره عشرين يوما قضوها كلها داخل السرداب. وهذه واحدة من التدابير الذكية التي اشتهر بها رميزان. وهذه الحادثة معروفة عند أهل الروضة، وأكد لي الشيخ محمد بن حمد الماضي أن آثار السرداب لا تزال باقية حتى الآن. ويقول الإخباريون إن الشريف زيد حينما قدم إلى الروضة تحصن آل بو راجح في قصرهم ولم يستطع رميزان والشريف الوصول إليهم إلا عن طريق السرداب المذكور. ويدل منحى الكلام على أن رشيدان هو أول من خرج من السرداب إلى مكمن العدو فشاهد فتاة اختطفها وكتم أنفاسها حتى لا تنذر بهم. ويصرح رشيدان أن المقصودين بهذه الغارة هم من أولاد بو راجح، أبناء عمهم الذين ينافسونهم على الأمارة. ويصف الهزيمة التي حلت بخصومهم الذين سقط منهم عدة قتلى منهم الأخوان أولاد راشد ومناع والعديم ابن ناصر وخليفة. كما نهبوا أموالا اغتنى منها الفقراء. وينوه بالمساعدة التي قدمها أولاد المنيعي، وأولاد المنيعي من تميم من أهالي عشيرة، إحدى بلدان سدير، الذين قال عنهم حميدان الشويعر "واهل عشيره منيعات// أوي رجالٍ بذيك الظّهَره". ويختتم قصيدته مفتخرا بانتسابه إلى أخيه رميزان ومغتبطا بالنصر الذي حازه والثأر الذي أدركه:

01) يقول رشيدان التميمي مثايل // تراهن لأخيار الرجال ثبات

02) وكن في ربوع الدار لا تكره اللقا // فكم خَطَرٍ منه الغنيمه جات

03) رجلٍ بلا رايٍ وعقلٍ وهمّه // هذاك عندي ما عليه شفات

04) محا الله من لا فيه رايٍ ولا به // عْزومٍ يوطّن الكمات كمات

05) فلو عاش بالدنيا فلا فيه لازم // فلا عقب هذي الخصلتين شفات

06) ينال الفتى بالعمر وان ثار حظه // شوايع والعلم الثبات ثبات

07) فللجار حقٍّ دون الادنين لازم // وربة بتنهات الأمور سعات

08) دع الجار ألزم من صديقٍ تودّه // فله واجبٍ سل عن جزاه قضاة

09) إلى ما جهل فيما مضى فارف فتقه // إلى ايقنت ما منه العقارب جات

10) تِدَرّ وخذ بالحلم طيشات جهله // ولِيّاك تاخذها عليه جنات

11) تراك الى جازيت جهلٍ بجهله // ندمت الى خلّى حماك وفات

12) إلى عاد ما يبدي لضدٍّ صداقه // وله في نهار الكاينات هْواة

13) نعم ابتدا نظم القوافي نصايح // لمن جاهلٍ حق الصديق وصاة

14) وهاض لما كنّيت شوفي فعايل // لدى ساعةٍ زرنا العدات فجاة

15) براي رميزانٍ ولو جا كريهه // عليها وطينا في هواه مضاة

16) أقمنا ببطن الحفر عشرين ليله // مِقيلٍ ومن بعد المقيل مبات

17) وشبّيت بالسرداب تسعين شمعه // بها نهتدي ليل الظلام فضات

18) فلما وصلنا الحفر أقمان خصمنا // دعيت من اولاد الفلاح صْطات

19) ناديت أولاد السعيدي فأقبلوا // مع الريع بيضان الوجيه صطات

20) تناخوا مع السرداب ما شفت واحد // تونّى كما ما قال هاك وهات

21) ولبسوا سرابيلٍ ووردوه جمله // وقالوا لمن جته المنيه مات

22) رجيت بهم الافراج واوزمت مهجتي // عليه ولمين اهتديته جات

23) نصوفٍ من اهل البيت تمشي وقابلت // جماي ونورٍ من وراي سراة

24) تناوشتها من قبل تبهي بصوتها // كما ناش ضرغام الفهود جدات

25) وقالت من ذا قلت من جا على النقا // شْريقٍ وكون الخاينين بيات

26) وفضنا على ربعٍ من اولاد راجح // غدوا بين أيدي السابقين شتات

27) فلين حق العرف فينا تهاربوا // طريدين ذهلين العقول شتات

28) ومعنا من اولاد المنيعي رفاقه // مناعير الى كيد العدو عصات

29) وقتلنا بها الاخوين أولاد راشد // ومنّاع ناشته الفوات وفات

30) ومع ذا ولا تنسى العديم ابن ناصر // أذقناه من كاس الممات فمات

31) وخلي خليفه بالمجال لكنه // بملقى مجال النايبات وقاة

32) واخذنا من الميلان شيٍّ حسابه // يكون ارتجى منه الفقير غناة

33) نكسنا بهم كرهٍ مَعَ وسط حفرنا // واموالهم بين اليدين شتات

34) أنا اخو رميزانٍ إلى الحرب أوقدت // ضواه فبي يرجي الصديق ضوات

35) جليت هموم القلب ما من حسافه // تقاضيت من منها عليه جنات

36) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما ذرت ريح الهبوب ذرات

الدلائل الشعرية تثبت جدارة رشيدان وأهمية وجوده إلى جانب أخيه رميزان. لذلك لا يستغرب أن يحاول رميزان، مستعينا بخاله جبر، توظيف مواهبهما الشعرية لإقناع رشيدان الذي كان قد التحق بآل حميد في الأحساء أن يعود إلى بلاده ليقف بجانب رميزان ضد المناوئين والمنافسين. وتقول الرواية الشعبية أن رشيدان ارتحل عن الروضة مغاضبا لأخيه الذي خدعه في زوجته الجميلة. لكننا لا نجد في المصادر التاريخية الموثوقة ولا في القصائد المتبادلة بين رميزان وجبر ورشيدان أي ذكر لمثل تلك الحادثة. ولو حدثت فما أقل من أن يقدم رميزان لأخيه اعتذارا أو تبريرا لما بدر منه. لكننا لا نجد أي لهجة اعتذارية في قصيدة رميزان. بل إنه يبدأ من البيت الواحد والعشرين يخاطبه قائلا إنه لا يوجد أي مبرر لنزوحه إلى الأحساء والتجائه لابن حميد. ثم يخاطبه ابتداء من البيت الثالث والثلاثين قائلا إنني، بخلاف ما فعلته أنت، لم أصغِ إلى نصائح المشيرين الذين زينوا لي أن أنحي جانبا طموحاتي وما تجلبه علي من متاعب ومخاطر وأن أركن إلى حياة الدعة والراحة:

01) كن للزمان على اي حالٍ صاحبا // فمن الزمان لأخى الزمان عجايبا

02) وعليك بالتقوى فما عاب الفتى // شيٍّ بأقبح منه ترك الواجبا

03) واور ابتسامٍ للعدا متدرّع // بالصبر منهوبٍ ومرٍّ ناهبا

04) أمضى من الأسد الهزبر إلى سطا // بالضيق مرتاحٍ لكنك شاربا

05) لا تشتكي نوب الخطوب او حادث // واحلم هديت ولا تجانف صاحبا

06) واستبق الادنى ما استطعت ولا تكن // حاشاك تبني بيت مجدٍ خاربا

07) مستقبلٍ عوجا الصديق بضدها // عفوٍ وبالحرمان منك وهايبا

08) لا خير فيمن لا يسر مصاحب // ويغيظ بالفعل الجميل محاربا

09) يابا قناع ان الأمور نتايج // بغدٍ وبعد غدٍ لهن عواقبا

10) واعرف مصادير الأمور ووردها // فالغالب ان هوى النفوس الغالبا

11) طب نفسا ان هوى النفوس إلى العلا // لو كان بين أسنّةٍ وقواضبا

12) وخلاف ذا ياغاديٍ مترحّل // للشرق من وادي سديرٍ راكبا

13) انقل وقيت رسالةٍ مكتوبة // فان الكتاب بيان عقل الكاتبا

14) إن جيت عنا لابةٍ دار العدا // يرعونها بمسارحٍ ومعازبا

15) أولاد بلاعٍ ذؤابة خالد // بيت الندى منها وملجا الهاربا

16) قومٍ إذا فزعت بهم شعث النضا // راحت لها اموال الحريب مكاسبا

17) من غمدها ان بزغت شموس سيوفهم // فلها على روس الملوك مغاربا

18) فعمهم لي بالسلام وخص لي // بيت الحجا منها وملفى الطالبا

19) برّاكٍ بن غرير امضى خالد // باس وأكرمها يدا ومناسبا

20) ثم انشده عن طارشٍ متغرّب // عنده وله عنا سنينٍ غايبا

21) لا سابقه جفوى ولا بهضيمة // ما غير مقدورٍ وما الله كاتبا

22) فإلى هداك فقل لمن لا يرعوي // بالجهل ما هذا الخمال بواجبا

23) إن فات في الدنيا مضرّة مبغض // وسرور ذا وِدٍّ فسعيك خايبا

24) وان كان جيته في البلاد مشمّر // لمراتبٍ ومراكبٍ ومطالبا

25) وان كان دفّاعٍ لنوبٍ حادث // لا باس يامروي الشجاع الضاربا

26) وان كان طربٍ للحروب وقربها // فاعمارنا بنوايبٍ وحرايبا

27) ياما عدينا بالحروب وكم لنا // فيهن من يومٍ كفينا الغايبا

28) وان كان من شان النقود وجمعها // ومتاجرٍ ما هي لنا بمطالبا

29) فِنْحِن على ساسٍ نفيد مفاخر // نحضى بها تحت العجاج الثاقبا

30) نبتاعها بفوايدٍ وفقايد // في مجد مسلوب الفوايد سالبا

31) وخيار الاشيا ما قضى نوب الفتى // فالدهر مغلوبٍ ونوبٍ غالبا

32) عش ما تعيش فكل حيٍّ ميت // وحش ما تحوش فكل شيٍّ ذاهبا

33) وحياة راسك قد عصيت مشاور // للنفس فيها صفو عيشٍ طايبا

34) وحبستها بعزيمة وعظيمة // كرهٍ وللفرج القريب ركايبا

35) واوزمتها غصص الحروب الين ازت // في سن عشرينٍ وراسي شايبا

36) وجررتها في نوب كل عظيمة // وانكرت مطموعٍ يجر معايبا

37) فاسمع وقيت وكن جواب رسالتي // واياك تجري يالغريب غرايبا

38) ثم الصلاة على النبي محمد // ما سار ليلٍ ساعيٍ أو راكبا

وفي رد رشيدان على قصيدة رميزان يبالغ في مدح أخيه ثم يذكره بشجاعته ومواقفه معه. ولا نلاحظ في القصيدتين أي أثر لسوء التفاهم بينهما، كما يزعم مقبل الذكير وكما تروجه الرواية الشعبية وبعض مخطوطات الشعر النبطي، بل نستشف أن السبب وراء مغادرته ليس إلا البحث عن فرص أفضل للعيش؛ وهذا ما وجده في الأحساء، على حد قوله، عند براك وأخيه محمد. يقول رشيدان:

01) قم من ربى عرصات هجرٍ ضاربا // درب الرشاد على سَناد الغاربا

02) حسنا الرديف سنامها متوخّر // نابٍ يشادي راس طعسٍ شاربا

03) منها الشداد هوى لكن بدوده // لدفوف مضرب حشوهنّ مضاربا

04) عوصا مدانات الخطى في سيرها // وتزول زول فريد ربدٍ هاربا

05) ذاره من الأزوال زولٍ ظاهر // للأنس بادٍ بالفجاج مقاربا

06) سرها ترى من بعد سيرك ليله // تصبح لك الصمان فيه مضاربا

07) فانقل عن القصّاص أثرها غير ما // هجينة وقت الصباح مواربا

08) للفرض ما عن ركعتين تتمّها // وانشر مقيلك في محل رباربا

09) أرضٍ من الدهنا تغاص خفافها // بالرمل وامراحك لأي مشاربا

10) فإلى لعت لاطيار وازا واضح // نور الصباح مشارقاً ومغاربا

11) فان بانت آناف الخشوم وقابلت // تشدي ركوم المزن والمضاربا

12) قورٍ من العرمه فكن متخلص // متكربٍ لانساع عنسك كاربا

13) وتلملمت عقب الرباخ فزمّها // قفلٍ يدع ما هو بعيدٍ قاربا

14) بعد العصير وأنت لاصبح شاهد // مثلك يدل صديد ماه الساربا

15) حفيظةٍ في ظل غار لطاطه // ظل التلال على شفاها ضاربا

16) ومخالف المسرى وتصبح باكر // جبل الثلام به الدروب ضواربا

17) سهل المفيض على رواج حماده // عبلا بياض اليوم وانت الداربا

18) وادي سديرٍ خص صبحا بالضحى // تلقى بها لي خلّةٍ وأقاربا

19) أولاد من ينتَب سعيدٍ باللقا // عز النزيل شقى الخصيم الحاربا

20) فاقر السلام جميعهم ولمن رقى // درج المعالي ما أحم الشاربا

21) أعني أخوي ازكى الانام وقل له // ليته لعلمه بالقوافي ذاربا

22) ما والذي سمك السماوات العلا // وله الدعا بمنابرٍ ومحاربا

23) بعت الديار مخافه إلا أنني // خبره على الأمر العظيم الكاربا

24) كم سامني لمهمةٍ وصدمتها // بعزيمةٍ ما طعت قول الزاربا

25) فإلى تظافرت الأمور اودعتها // فرَجٍ عليه وهم عليه عقاربا

26) فاسقيتها غصص الحروب تعمد // بالسيف حتى أولجت بالزاربا

27) تركتها واليوم في راس الشفا // عن ضيمها في صفو عيشٍ شاربا

28) في ضف برّاكٍ واخوه محمد // الصافط الساطي الشجاع الضاربا

29) هام العدا بالسيف حتى أطرقت // ارقاب يهرب عن لقاهم هاربا

30) في سوق معترك الكماة وإن لفت // تومي هجافٍ بالضيوف ركايبا

31) أشقوا بها اولاد الخديم على القسا // لنبيلها بالخد دهن ساربا

32) من سمن ما غذت الرعاة ولحمها // ورز الحسا فيها عتيدٍ قاربا

33) ياناصحي قولك أجي عن حيهم // أسمعت اصمٍّ من مدامٍ شاربا

34) ما ابيع انا أهل المروه والصخا // بسكون قصرٍ في سدير خاربا

35) أبيع براكٍ واخوه محمد // بقصير طينٍ في سديرٍ خاربا

36) شف ما تشوف فانا لحالي شايف // من باع هاك بهات كفّه تاربا

37) ثم الصلاة على النبي محمد // ما شيف نجمٍ في محلّه غاربا

وربما كان قول رشيدان في البيت الواحد والعشرين أعلاه مخاطبا أخاه "ليته لعلمه بالقوافي ذاربا" هو الذي أوهم الناس بأن هناك سوء تفاهم بين الإثنين. لكن رشيدان هنا يشير إلى بعض الأبيات الاستفزازية التي ضمنها رميزان قصيدته، وأسلوب المغاضبة والاستفزاز من الأساليب المتبعة في حث الغائب على الحضور، مثل استفزاز المشنق لحمد الوايلي في قصيدته التي بعث بها من حرمة إليه حينما كان منتزحا في حوران. ويبدو أن الخيال الشعبي هو المسؤول عن حكاية الخدعة التي دبرها رميزان لحمل أخيه رشيدان على تطليق زوجته الجميلة ليقترن بها بعده. وترد هذه الأسطورة على ألسنة الرواة الشعبيين في عدة روايات منها ما رواه لي المرحوم عبدالرحمن الربيعي الذي يقول إن رميزان كان يقيم داخل البلد بصفته الأمير بينما كان يقيم رشيدان في قصر لهم خارج البلد لحراسته. وفي أحد زيارات رميزان لأخيه رشيدان في ذلك القصر، وكان الأخير حديث عهد بعرس، لمح وجه عروسه فبهره جمالها. وبينما كان الأخوان يتعللان في الليل هم رشيدان بالنهوض فقال له رميزان ماكرا "وين يارشيدان؟ بدري، فرسٍ دبرا وليلةٍ غبرا" قاصدا بذلك خدش شرف عروسه فانخدع رشيدان وطلق عروسه في الحال فتزوجها رميزان بعد ذلك. ومن المؤكد أن شخصية رميزان أسمى وهمته أعلى من الهبوط إلى هذا المستوى الرخيص من التعامل ويغدر بأخيه. رميزان شخصية تاريخية لا أحد يشك في وجودها التاريخي. إلا أن ما يلف هذا الوجود التاريخي من غموض وشح في المعلومات مكن الرواية الشفهية من أن تحيل رميزان إلى شخصية تحاك حولها الأساطير والحكايات التي يصعب تصديقها. من هذه الحكايات، إضافة إلى خدعته لأخيه رشيدان، قصته مع الشريف زيد التي تدل على قوة الذاكرة وحضور البديهة. ويجد القارى نماذج من هذه الحكايات عند الجهيمان (1404، ج5: 315-324) والدامغ (1410: 19-21) والعريفي (1414: 37-43).

ولما لم يستجب رشيدان لأخيه رميزان استنجد الأخير بخالهما جبر الذي بعث له بقصيدة يخطئ الكثير من الرواة ويحسبونها هي قصيدة رميزان. والقصيدة تذكرنا في وزنها وقافيتها بقصيدة سبق أن أوردناها لأبي حمزة العامري في مدح الشريف الحارث بن محمد مما حمل الرواة على الخلط بين أبيات القصيدتين كما في البيت 34 من قصيدة أبي حمزة والبيت 54 من قصيدة جبر. وكان جبر أشد قسوة من رميزان على رشيدان وعنّفه قائلا بأنه لا يليق بمثله أن يكون خادما عند حاكم يتلو ملذة بطنه ويقعد عن طلب العلياء والزعامة. ويبالغ في وصف الملذات التي ينعم بها رشيدان عند آل حميد في الأحساء والقطيف ويشير في البيت الثاني والأربعين إلى ما يبدو أنه الزي الرسمي الذي يرتديه رشيدان بحكم رتبته وطبيعة وظيفته التي من المرجح أنها كانت وظيفة عسكرية، خصوصا وأنه في البيت الذي قبله يشير إلى قرع الطبول والمزامير التي عادة ما تصاحب المارشات العسكرية أو حالات الاستنفار الحربية. وفي الأبيات الثلاثة الأخيرة إشارة إلى تخلي جبر عن الإمارة وتفرغه للعبادة ودراسة مؤلفات ابن الجوزية، مما يعني تقدمه في السن. كما يصف رشيدان في البيتين الخامس والثلاثين والذي بعده بأن لحيته شمطاء غشاها الشيب. وفي البيت السادس والعشرين يشير جبر إلى تغلب بني خالد على قبائل قيس وطي والترك (الروم) ويشير في البيت التاسع والثلاثين إلى استيلائهم على القطيف. ونلاحظ أن جبراً في البيت الخامس والعشرين ينسب بني خالد، القبيلة التي ينتمي إليها آل غرير والتي ينتمي إليها جبر نفسه، إلى خالد بن الوليد، وهذه من الآراء المتداولة حول نسب هذه القبيلة. ولا شك أن إيراد جبر، الأمير والشاعر والمؤرخ والنسابة الذي ألف كراسة في التاريخ والأنساب، دليل على قوة الاعتقاد بهذا الرأي الذي أثبتت الأبحاث الحديثة عدم صحته. كما يسميهم في البيت نفسه "أولاد بلاع"، وهي تسمية شائعة يدل على ذلك استخدام رميزان لها في البيت الخامس عشر من قصيدته السابقة. قارن معنى البيت الثاني من قصيدة جبر بقول عنترة:

وكأن ربًّا أو كحيلاً معقدا // حش الوقود به جوانب قمقم

ينباع من ذِفْرَي غضوبٍ جسرةٍ // زيّافةٍ مثل الفنيق المُكدم

كذلك قارن معنى البيت السادس بقول الشاعر الفصيح عميرة بن طارق: كأن يديها إذ أجد نجاؤها//يدا معول خرقاء تسعد مأتما. ومن المواضيع التي استحدثها شعراء النبط، والتي لم تكن بيّنة الحضور في شعر الجاهلية وصدر الإسلام، موضوع النجّاب، أي الرسول الذي يحمل القصيدة من الشاعر إلى الشخص المعني وما يعترض هذا النجاب في طريقه عبر القفار الموحشة والموارد المجهولة من أهوال ومخاطر. وتحظى ذلول النجاب بقسط وافر من اهتمام الشاعر الذي يخصها بعدد من أبيات القصيدة في وصف سرعتها وقوتها وتدريبها. كما يبالغ الشاعر أحيانا في وصف جرأة النجاب وصبره وجلده على السهر والتعب وقوة ذاكرته وحفظه. وهذا ما يفعله جبر من البيت التاسع إلى السابع عشر في قصيدته التالية. وسوف نشاهد مثالا آخر في الأبيات من السابع إلى الحادي عشر في قصيدة أبي عنقا التي يبدأها بقوله: عضني ناب الزمان وقلت آه. يقول جبر مخاطبا رشيدان:

01) سِقها وسِرْها ليلها ونهارها // متعمّدٍ زراجها وغتارها

02) بنجير عالية الدماغ عثافر // كن الجراد مْقَذّفٍ بعذارها

03) مزبورة الفخذين افجٍّ صدرها // ما مسها حلابها وحوارها

04) موّارة الضبعين غلبا هارب // يدني زيازيم الحزوم سْطارها

05) كسّارةٍ للكور حين تمسّها // بالعقب لو كان الحديد وْسارها

06) طفّاحة الخرجين يومي راسها // شروى يدٍ أومى بها بذّارها

07) لكن أياطلها ضحى غب السرى // عرجونٍ انحى من قنا جبّارها

08) تشبه إلى اشتلّت يديها دانق // زجّه من اولام الرياح عْصارها

09) من فوقها مثل العقاب مهذّب // حلو القريض الى اعتلى باكوارها

10) بوّاج كل تنوفةٍ مجهولة // صحاصحٍ يشكل بها أمّارها

11) للبوم والفيوم فيها عوله // بحزومها وخشومها وظهارها

12) وثعالب وفراقدٍ في ربعها // وآدام ريمٍ راتعٍ بقفارها

13) والليل وام الليل فيها والصدى // وام النهار فطربةٍ بنهارها

14) وحرابلٍ بالقيظ تومي روسها // خوف اللظى ينجال عن مهمارها

15) لى حميت الرمضا مقايِلْها الحصا // شروى مطاوعةٍ بروس منارها

16) والجن ما تكتنّ في عرصاتها // وهجارسٍ ما تختفي باجحارها

17) يشفي بها نعم الدليل الى سرى // وغطّى النجوم من النشاص غْبارها

18) متقلّلٍ من ابا الهماج ميمّم // فلج اليمامه واضحٍ مصدارها

19) يمينك البكرات ورماح النقا // خلف وخزّه والفقي يسارها

20) والى خلاف الخمس جيت لديره // تدرج بجنّات النخيل انهارها

21) مَلْكٍ لروس قبيلةٍ تلقى بها // فضلٍ إلى ضم القرا جزارها

22) ذو همةٍ عليا وبذل كرامة // بالليل موضيها سوات نهارها

23) نهارها كالليل من دخانها // ما يعرف الوفّاد من أنفارها

24) مختلْطةٍ ما بين بوم ونادر // ما يعرف الوفّاد من صدّارها

25) أولاد بلاعٍ ذؤابة خالد // ابن الوليد ازكى سلامٍ زارها

26) قتلوا بها طيٍّ وقيس فاذعنت // أتراكها واروامها وامصارها

27) بذلوا بها مهج النفوس فأدركوا // لذّاتها ممزوجةٍ بامرارها

28) عفّوا جوانبها بضرب صوارم // ما سرّحت فيها القضاة اسطارها

29) وبمثل جلد النمر تتلي ميمر // وعجاجةٍ تغشى السما بغبارها

30) في راي منعورٍ حمى زلباتها // إن جلّلوا جرد الجياد شهارها

31) براكٍ بن غرير أمضى خالد // مولى مفاخرها سنا منوارها

32) براكٍ ابرك من نشا في جيله // للأقربين وللعدو ذْعارها

33) فعمهم لي بالسلام مضاعف // لشيوخها وكبارها وصغارها

34) واقر السلام وفيه خلط ملامة // يعرف مشاحي رمزها خبّارها

35) را شين يا دال الف نون ومن نشا // شمطاه ما حل الملام عْذارها

36) نبتت مكرمةٍ على بدع الثنا // لما ان علاها بالمشيب وقارها

37) صارت بعكس الحلم وامسى ضده // ياكل نضيد اثمارها بديارها

38) متلذّذٍ بالعيش عقب متوّج // يسقي العدا فيما عناك امرارها

39) الهاك عنا بالقطيف مواكل // ومواقعٍ يشظى الدماغ بْزارها

40) وفواكهٍ تنقل عليك مخافة // من عند كل قبيلةٍ باكوارها

41) متفرّشٍ غالى الحرير مضرّب // يضرب عليك الطار مع زمّارها

42) علياك جايعةٍ وبطنك ناعم // مع كسوةٍ تزهى عليك اشهارها

43) فان كنت تزعم أن في ذا مفتخر // مع رتبةٍ تزهى بها حضّارها

44) فاعلم تراها رتبةٍ مذمومة // ماشومةٍ بئس الفخار فخارها

45) ماقفك ذا يصلح لعبدٍ خايب // منتج قيانٍ من ضنا عشّارها

46) عفنٍ لحوحٍ كرف عبدٍ ماهر // بالوجه سلاك الحكى هذارها

47) ومقامك اللي تهتويه بديرة // لو فيها اكلت القد من إعسارها

48) تبني بها عليا الصديق وتلتقي // ناباتها وتزيد نور انوارها

49) تورد بها شرث الحديد وتارة // بمصاطم الهامات ترفا ثارها

50) أفٍّ لعيشٍ أنت فيه ونعمه // غدًا مع الفجار من كفّارها

51) واعرف ترى ماذا بقول عداوة // ولا تعنّيتك برد اشعارها

52) إلا محاماةٍ عليك وشايف // دنيا يخيف اقبالها وادبارها

53) والى بغيت قْضاي فاربع راسها // يدها إلى قلطت قصرت هجارها

54) ترى الجواد إذا تزايد جريها // خطر يخلص قينها مسمارها

55) واعلم تراي اليوم باحسن رتبه // عظما تزحزح عن فؤادي نارها

56) متبدل سرج الجواد بمنبر // وجماعةٍ تعكف علَيّ خيارها

57) بالصف معتكفٍ وأرجي توبه // من سيّدي وارجي نحطّ اوزارها

58) متقيّدٍ في خطبةٍ جوزيه // تجلى القلوب المصديه بانوارها

59) وختام قيلي بالصلاة على النبي // ما لعلع القمري بعالى اوكارها

وقد استدل ابن عقيل (1403: 81-86) من المراسلات الشعرية التي جرت بين رميزان ورشيدان أثناء التحاق الأخير بخدمة براك بن غرير في الأحساء أن براك استولى على الأحساء قبل وفاة رميزان سنة 1080هـ، ولقد صحح الأستاذ عبدالكريم المنيف الوهبي في كتابه بنو خالد وعلاقتهم بنجد هذا الوهم الذي وقع فيه ابن عقيل (1410: 175-177). وفي تحليله المتعمق لأحداث تلك الفترة والمسنود بالأدلة التاريخية يوضح الوهبي أنه قبل إجلاء العثمانيين نهائيا من الأحساء كانت لبراك وقبيلته الصولة والجولة واليد الطولى في المنطقة، وكان الوجود العثماني هناك ولعدة سنين قبل رحيلهم عنها نهائيا يكاد ينحصر في القلاع والحصون الموجودة داخل مدينتي الأحساء والقطيف. ومهما كان الأمر فإن الإشارات إلى براك وأخيه محمد وقبيلة بني خالد الواردة في المراسلات الشعرية المتبادلة بين رشيدان وأخيه رميزان وخاله جبر تبين أن هذه المراسلات قيلت في وقت بلغ فيه آل حميد أوج قوتهم وأنهم كانوا على وشك الاستيلاء كلية على المنطقة إن لم يكن ذلك قد حدث فعلا. والدليل على ذلك لا نجده في قصيدة رميزان وإنما في قصيدة جبر التي يذكر في البيت السادس والعشرين منها أن الترك أذعنوا لآل حميد وفي البيت التاسع والثلاثين الذي يذكر استيلاء براك على القطيف والذي تشير المصادر إلى أنه لم يتم إلا بعد استيلائه على الأحساء (الوهبي 1410: 177-181). ولا أريد أن أدخل هنا كطرف في الخلاف الدائر حول تزامن وفاة رميزان مع استيلاء براك على الأحساء وتأسيس دولة آل حميد، إنما الذي يعنيني هو تحديد تاريخ المراسلات التي تمت بين رميزان ورشيدان وموقعها كمحطة من محطات مسيرة رميزان نفسه وكحدث من أحداث تاريخه السياسي. وسواء جرت المراسلات بعيد أو قبيل استيلاء براك على الأحساء فإن هذا لا يهمنا بقدر ما يهمنا أن نعرف أنها جرت في هذا النطاق الزمني، مما يعني أنها جرت في أواخر أيام رميزان وبعد وفاة الشريف زيد بن عبدالمحسن. نستنتج من ذلك أنه بعد وفاة الشريف زيد بدأ رميزان يشعر بضعف موقفه الداخلي، خصوصا في ظل غياب أخيه وابتعاده عنه عند براك بن غرير. هذا ما دعاه إلى الاستنجاد بأخيه وحثه على القدوم إليه ومساعدته في تحمل أعباء الإمارة والتصدي للخصوم. لكن نستدل من فحوى القصائد المتبادلة بين رشيدان وأخيه رميزان وخاله جبر أن الأول كان يحظى بمكانة متميزة عند آل حميد، وهذا ما تؤيده الروايات الشعبية، مما جعل من الصعب عليه ترك ما هو فيه من رغد العيش والعودة إلى حياة الجوع والخوف في روضة سدير. ولا يستغرب أن يصل رشيدان إلى هذه المكانة عند آل حميد لأنه، كما تدل أشعاره وكما نستنتج من حرص رميزان على عودته إليه، كان رجلا فذا صاحب رأي وشجاعة.

ولا نعرف هل رد رشيدان على قصيدة خاله جبر أم أنه نفذ طلبه الوارد في البيت الثالث والخمسين بأن لا ينشغل بالرد بل يعود حالا. وتقول الرواية الشعبية إن براك سمح لرشيدان بالعودة قائلا "لو طلب رميزان خمسة من أولادي لكان أهون علي من التخلي عن رشيدان لكنني لا أريد أن أحول بين الأخ وأخيه". كما أن الرواية الشعبية تقول إن رشيدان كان وسيما افتتنت به نساء آل حميد فأوعزوا له بمغادرتهم بعدما ما منحوه حلة مسمومة ليرتديها ويموت فلا يفشي أسراره معهن. فعاد إلى الروضة ولما وصل مشارف البلد لبس حلته الجديدة فمات في الحال وتقطع لحمه من أثر السم؛ وهذا يذكرنا بمصير امرئ القيس. وعلى أية حال فإن عودة رشيدان، هذا إن كان عاد فعلا، جاءت متأخرة بعد فوات الأوان وبعد مقتل رميزان. ولا تتحدث المصادر التاريخية عن وفاة رشيدان عدا مقبل الذكير الذي يؤكد في تأريخه لأحداث سنة 1085هـ أن رشيدان بقي في الإحساء إلى ما بعد مقتل رميزان.

إضافة إلى رشيدان تشير مخطوطات الشعر النبطي إلى أن رميزان كان له أخ آخر اسمه محمد، حيث تورد المخطوطات قصيدة تنسبها لرميزان وتذكر أنه قالها في رثاء أخيه محمد الذي يتضح من أبيات القصيدة أنه توفي في طريق عودته من أداء فريضة الحج. وتتفق المخطوطات التي تورد هذه المرثية في نسبتها إلى رميزان إلا أن وصف الشخص المرثي بأنه سلطان عامر في البيت التاسع وورود ذكر عُقيل في البيت التاسع والعشرين يرمي بظلال من الشك حول هذه النسبة لأن تميم التي ينتسب إليها رميزان لا تنتمي إلى عامر ولا تدخل في تشكيلة عُقيل. ولو سلمنا بصحة نسبة القصيدة لرميزان وافترضنا أن الأبيات المتعلقة ببني عامر والعُقيليين أقحمت في القصيدة فإن مضمون القصيدة يشير إلى أنها قيلت في شخص على قدر كبير من الأهمية السياسية والاجتماعية، علما بأن المصادر الخطية والشفهية لا تذكر أن لرميزان أخا بهذا الحجم وهذه المكانة. والاستنتاج الذي نخرج به من قراءتنا للقصيدة، خصوصا الأبيات الأخيرة منها، أن المرثي كان أكبر سنا وأعلى مقاما من قائل القصيدة الذي يظهر أنه كان يعيش في كنفه وتحت ظله. ومما يؤيد كبر سن المتوفى أنه مات ميتة طبيعية، وهذا عادة يكون سببه تقدم العمر، وأنه مات وهو عائد من الحج، وكانت العادة في نجد قديما أن الناس يؤجلون أداء هذه الفريضة المقدسة حتى يتقدم بهم العمر ليتوبوا بعدها توبة نصوحا ويعيشوا حياة مستقيمة بعد أن تنطفئ فيهم كل نزوات الشباب التي قد تدفع بهم إلى ارتكاب المآثم. ومن الناحية النظرية فإنه من غير المستبعد أن يكون لرميزان أخ أكبر منه له نفوذ قوي في الروضة لأن رميزان حينما يتحدث عن أحقيته في السلطة فإنه يستند في ذلك، حسب ما يصرح به في أشعاره، إلى سوابق أسرية وجذور تاريخية قديمة لهذه السلطة. تقول القصيدة:

01) يد البين بالدنيا على الناس غاشمه // ولا هي لحيٍّ من فراقه بحاشمه

02) وعمر الفتى حصنٍ حصينٍ عماره // منيع القوى ما يشتفي منه رايمه

03) وله عدّةٍ ما يقتصر من حسابها // ولا زال عنها في مواذين حاكمه

04) ولا يدفع الماذون حيلٍ وحيله // ولا يقربه لقواك هولٍ تصادمه

05) فكم من مقيمٍ راحلٍ عن محله // وكاس المنايا شربةٍ منه لازمه

06) ودنياك يالمخلوق أسباب مكرها // نوايب ما هي للبرايا مسالمه

07) ولكن في بعض المصيبات هيّن // وفيها أمورٍ تقصم العظم قاصمه

08) واشد مصيبات البرايا مصيبتي // وأعظم أمرٍ قد جرى من عظايمه

09) حليف الثنا المعروف صلطان عامر // ذرى الجار عما يشتكي من هضايمه

10) حليف الثنا زين السجايا محمد // ومن شب زينات المعاني قسايمه

11) أخا عشت انا وايّاه بالعمر لو زرى // عليه لْساني فى القصا غير عازمه

12) شفيقي على عصر التصابي وشملنا // دماجٍ على طيب الليالي ملايمه

13) شعب لامنا البين المفاجي بغاره // أصاويبها في لاجي الروح واجمه

14) لكني نهار ألفى غدافٍ بعلمه // طعين الحشا أو عضني ناب كاظمه

15) من اعظم حيّاتٍ جرت في زماننا // لجى سمّها في واهج القلب ساعمه

16) وإلا فِكِنّي شاربٍ لي سلافه // مقرقفةٍ حمرا من الخمر خاتمه

17) واعتضت في لاماه بالهم والأسى // عليه وكبدي عن حلى الزاد واكمه

18) يحن فؤادي كلما حل ذكره // كعجما على فقدان الاولاف هايمه

19) فلكنني من خوف رمّاقة العدا // أكن الذي بالصدر وابات كاتمه

20) مخافة أمرٍ يطرب الواش ذكره // ولكن ذا أمرٍ من الله قاسمه

21) ألى واعضيدي بالليالي الى بدى // من الحرب ما يبحث كدا من يغارمه

22) أخا العون جالي كل همٍّ وحادث // وعني محا من صرف الايام آزمه

23) صديقٍ لمن لي من صديقٍ وناصح // ومن لي عدوٍّ بالبرايا مناقمه

24) مكفيني اشيا لو تقاسي أمورها // هل الأرض ملّوها هل الارض عامه

25) فلا واعضيدي بالملا واي ناصح // إلى قام من حرب المعادين قايمه

26) وتدراه أرباب العلا خوف باسه // كما خوفة المولى يداريه خادمه

27) وكم من عدوٍّ جا إلىه مخافه // ومن خاضعٍ مستبطنٍ داه كاتمه

28) فياما عفا زلات من جاه مجرم // وياما وطا راس المعادي بصارمه

29) أخا العون جا لي كل هم من اجله // صروف الليالي عن عقيل يوالمه

30) ذرى الجار والجانين عن كل مشكل // والاضداد تسعى خوفةٍ منه خادمه

31) فقلت ولو كان التمني سماجه // وكثر التمني للفتى ما يوالمه

32) بمن عشت انا واياه بالعمر مدّه // على طيب عيشٍ بالليالي ملايمه

33) فأمضى له الباري بماذون حكمه // وأمر القضا يجري بما راد حاكمه

34) فمن عاش بالدنيا ولو أدرك المنى // فصيّور ما يبقى له الموت خاتمه

35) فلا واذرى خيله إلى فضّ منعها // وعادت باهلها هشّة الروس عازمه

36) وهو منات الضيف لى نوّش الحيا // وحق الغلا واستلزم القحط لازمه

37) وقلته على بيت الجميلي فيصل // والامثال يرثاها من الناس فاهمه

38) يعد عن الفٍ بالملاقا وكم وكم // قرى الألف في عسرٍ من الدهر زاحمه

39) فلا والذي حج الحجيج لبيته // وله جملة الإسلام بالدين قايمه

40) ذكرته الا داخل القلب هاجس // مدى العمر ما تبرى جوارح هضايمه

41) عفى عنه غفار الخطايا ذنوبه // وعنه محى زلات ما كان عالمه

42) وانا أحمد الباري كما صار موته // بدرب الهدى لا في خطايا مظالمه

43) بعد ما سعى بالبيت واطّاف وادّعى // وأخلص بنيّاتٍ به الحج لازمه

44) فليته إلى جاني حمامي ومنيتي // وحق على روحي من الموت صارمه

45) يكون مماتي أطلب الله مثله // فالاقدام ما دام الجديدين قادمه

46) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما لعى في كل غصن حمايمه

وتثبت المخطوطات قصيدة لرشيدان يظهر من أبياتها الأخيرة أنها مرثية، لكن لا ندري فيمن قالها. ربما تكون مضاهاة لمرثية رميزان السابقة في أخيهما محمد، لو افترضنا صحة نسبتها، وربما تكون في رثاء رميزان نفسه:

01) هوى النفس في ميدانها يستميلها // وداخل داها من دواها دخيلها

02) والايام ياما أوردتها من مهالك // لى طاوعت عذّالها في حليلها

03) ولا شٍ عليها قط أدهى مصيبه // سوى قربها من صاحبٍ ما يجي لها

04) قريبٍ بعيدٍ لو بقى داني الحمى // مع سربها إن ساقها يستميلها

05) إلى ما تواعدن السرى صوب ملعب // ولبسن من خزّات التماري جميلها

06) ومرّن على غير الردى صوب ملعب // حداهن فاقت بالبها دون جيلها

07) عسى شفت منها عند الاقبال نظره // وأحباك باقفاها معنّى عبيلها

08) فإن كنت ياكسّاب الانفال شارب // هوى طفلةٍ تحسب قليلٍ مشيلها

09) فقل عنك كم في البيض من جوهريّه // ريى الحسن يسبا دلّها مستميلها

10) مزيّنةٍ ريّانةٍ حسنة الصبا // ليا قابلت شرّف بهاها قبيلها

11) وإن لمحت بالعين صِبٍّ رمت به // دخيلٍ ولا يبري سواها دخيلها

12) فدع لك دون الشوق سرٍّ فقد مضى // علي ليالٍ فاتت الا قليلها

13) وبعت الصبا لما ان قابلت شاره // يتيه بطامي موج ماها دليلها

14) مشيت بزمّات الصبا غبّة الهوى // إلى عاد ما لك حيلةٍ تستحيلها

15) فخذ حذرٍ مني لا تبدي نصيحه // وإلا فكن صعب الملاوى ثقيلها

16) من الشوق عطه المال إن جاك بالعطا // فما يبري اوجاع السقاما عويلها

17) وعامل كثر الصبر وابد الجلاده // فالصبر كم نال التمني عميلها

18) فكم طفلةٍ مهضومة الخصر عقبما // ولّعت به خلّيتها في سبيلها

19) تناسيت عنها بان شوفات خاطري // لدرب العلا بي شارةٍ ما أزيلها

20) إلى استبقوا النقّال في يوم عركه // غطى كدرها عن شوفها مستخيلها

21) بطيت حقك المناحي كريهه // يثاري على قتالها في قتيلها

22) ترى لي بها كسب النواميس عاده // مع الحي تحكى بالمحاري أحيلها

23) ازيد الجنايا لى شكا . . . // قريب الغيا من جادها مستحيلها

24) معَ نفرٍ ما يشتكى الضيم جارهم // سعيديةٍ ما ساق اهلها نزيلها

25) ترى بي على كود المعاني جلاده // وحمّال من زيم المعادي ثقيلها

26) فلا تشك لي يازين الانوا عشاقه // ودر فان في البيض العذارى بديلها

27) ولكن شكوى ما بقلبي هواجس // من اعلام ما ادري كذبها من صميلها

28) إلى الحي بالنادي رثاها ونابه // تجلّدت زفرات الحشا ما افضي لها

29) بالاعلام ياكسّاب الانفال فايت // حمى الدار جرّار السبايا دليلها

30) فتىً يبشم الضد المشاحي برايه // عن الدار عيلات المعادي مزيلها

31) وخلفني فيها لعضاد ربعها // تضمّنتها من ضيم الاعدا كفيلها

32) فإن كانت الأعلام صدقٍ وزاره // وكيلٍ بأرواح البرايا مزيلها

33) وفات فانا للقوم باقٍ كفايه // مناعيرها انسبها شفايا غليلها

34) وصلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى أزكى قريش دليلها

وإضافة إلى هذا الكم من القصائد التي قدمناها لرميزان في هذا الفصل تبقى له قصائد أخرى وجهها إلى خاله جبر في إطار المراسلات الشعرية بينهما، وهذا هو موضوع الفصل القادم. ويلاحظ على قصائده غلبة طابع الحكمة والفخر والحماسة والحث على طلب العلا والتمسك بمقومات الزعامة والتحلي بأخلاق الرجال النبلاء وغير ذلك من المعاني السامية. ويلعب الغزل دورا ثانويا في إنتاجه الشعري كأن يأتي على شكل مقدمة تقليدية أو أن يأتي كرمز أو مدخل لمواضيع أخرى كما في مراسلاته مع خاله جبر، وهذا ما سنتطرق له في الفصل اللاحق، أو أن يكون وسيلة فنية يلج من خلالها إلى موضوع الافتخار بالنفس وبقوة العزيمة واقتحام الأهوال وتخطي الصعاب للفوز بالمراد وتحقيق الهدف، كما في هذه القصيدة:

01) هلا ما همى وبل السما من شبارقه // أو ما تلالا في طها الغيم بارقه

02) أو ما تساقى واتّسى عقب ما نشا // بالاقدار والتج الطها من صواعقه

03) بمن زارني في حندسٍ بعد هجعه // يفوق على الشهد المصفّى مذاوقه

04) خليلٍ كد اوسع عقب لاما محبته // زمانين بمصافا الليالي مرافقه

05) جفاني على غير اختيارٍ وحروه // عليه ينهلّ البرد من مناطقه

06) تخطّى فلما كان بيني وبينه // سوى الثوب جابه غانم الحظ سايقه

07) تنبهت شفقٍ في وصاله إلىن ما // تناوشت طوقه مستقيمٍ معانقه

08) الالباب بالالباب والكف بالذرى // وسنّين في حم الشفاتين دانقه

09) على الساق يجري بيننا ما ذوابل // من الشهد وضّاح الثنايا مدافقه

10) وقعنا خلاف وقوفنا في ضرايب // من السندس الغالي لطافٍ طرايقه

11) سرى الليل خدني لي جضيعٍ ملابق // لما شعّ نور الصبح وانا ملابقه

12) بقيت التمس بابكار الافكار هاجس // من النيب ما يقطع من الفكر رامقه

13) على ما أبي وادنيت للبيد والمه // كاملة الاوما ما تعزّل طوارقه

14) دلوهٍ على قطع المسافات عرمس // بعيد مصدر زورها عن مرافقه

15) هروبٍ إلى اشتلّت بالاوما لكنها // قطاةٍ مع اول طافح الفرق خافقه

16) بالاولام تتلف جملة العيس بالقسا // من المقط مبرومٍ تحلّى مرافقه

17) عِفْيت حذا مجرود خرجٍ ومزهب // وموسر نجيرٍ طافحاتٍ علايقه

18) ورسن مناع وادهم العرض صارم // خطرٍ على راس المعادي يوافقه

19) يامن بها من للمخيفات جايز // لى عاد له دينٍ من الضد عالقه

20) قبّلتها تيها من البيد حندس // وسرينا بها ما تنظر الا تبارقه

21) ثمانين سترٍ في دجى مدلهمه // سريته وأحباب الكرى فيه غارقه

22) ثمانين يومٍ ما هوى الخد بطنها // ولا لجلجت عيناي بالنوم غارقه

23) بعيدٍ ودونه غلمةٍ ترهب العدا // بسردٍ وجردٍ ويل من هي توافقه

24) مغيبٍ وزرته في على راس محصن // تهافى النواظر عن مراعى طوايقه

25) فلمّا تحليت الذي له بحروه // تقلّدت ما يشفي من الغل شايقه

26) تقلّدت لي فردٍ بعزمٍ وهمه // وسيفٍ يجِبّ الراس عجلٍ تمارقه

27) كشفت الغطا عن من تعنّيت لاجلها // بهونٍ وعينه في كرى النوم غارقه

28) أضا لي سنا خدٍّ وجيدٍ ومبسم // وطوقٍ ومشروق الحلق في مفارقه

29) تنبّه وفزّ بلا ارتهابٍ وقلت له // نقيٍّ ومن جا بالنقا فوق سابقه

30) فلما استحق العرف لي قام بعدما // عن الأرض كزّ ونابي الردف عايقه

31) بقينا بغيٍّ والتماسٍ وطربه // من الغيّ زمّات الطرب في مفارقه

32) قضيت الهوى تسعين يومٍ ومثلهن // ليالٍ بتقطيف الجنى من حدايقه

33) ولا خير في رجلٍ إلى هام نيّه // يجيه من اسباب الردى ما يعاوقه

34) وصلوا على خير البرايا محمد // عدد ما رجا المخلوق من مَدّ خالقه

ووجدت في المخطوطات قصيدتين غزليتين لرميزان تغلب عليهما الغثاثة والركاكة نثبتهما هنا فقط من أجل استقصاء مجمل إنتاجه الشعري. لاحظ في القصيدة الأولى استخدام الأسلوب البلاغي الفصيح المسمى بالتشبيه التمثيلي في البيتين الثاني والعشرين والثالث والعشرين وفي الأبيات من التاسع والعشرين إلى الخامس والثلاثين التي تذكرنا بقول الأعشى:

ما روضة من رياض الحزن معشبة // خضراء جاد عليها مسبل هطل

يضاحك الشمس منها كوكب شرق // مؤزر بعميم النبت مكتهل

يوما بأطيب منها نشر رائحة // ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل

أو قول المرقش الأصغر:

وما قهوة صهباء كالمسك ريحها // تعلى على الناجود طورا وتقدح

ثوت في سباء الدن عشرين حجة // يطان عليه قرمد وتروح

بأطيب من فيها إذا جئت طارقا // من الليل بل فوها ألذ وأنصح

يقول رميزان:

01) يارب حي اليوم علمٍ لفى به // من الناس صدّاق الحكايا صميلها

02) . . . . . . . . . . وابتلى للشكايا تعزز // لعين قد ازرى بالمواقي هميلها

03) فقلت لمامون القصايا وقد طرى // على النفس شومٍ من شكايا خليلها

04) إن كنت بالإحساس راعي توجد // على كاعبٍ منك الحشا يشتهي لها

05) إن كنت مفتونٍ بها من حليله // أو ان كنت مصطادٍ لها في سبيلها

06) . . . . . . . . تبك وصل ثم انت تستمنه // فكدّرت اللي قد مضى من جميلها

07) . . . . . . . . ورد الما على الياس مطمع // لنفسك عن مشروبها تستميلها

08) وإن عدم شرب الما فترجي لو اغتلى // مسامٍ لدى اشيا ما يداوى غليلها

09) وإن كنت راعي بالقصايا تجلّد // فترّك تواسيل الرجا من هبيلها

10) وإن كنت مصيودٍ ولا من عزيمه // ولا ترتجي لك حيلةٍ تستحيلها

11) فخذها بسلمٍ إن الاجواد بالقسا // ملاذٍ إلى قل الجدا من بخيلها

12) وإن كان ماينها مع السلم حيله // وشفت جفاها واضحٍ من دليلها

13) فذر لك في عالي هواها معوضه // فربّة تلقى سلوةٍ في بديلها

14) فكم عند كل بالحمى من خريده // تصيد ولا تصطادها من حليلها

15) كعابٍ صموت الحجل ما زيد ثقلها // بخفٍّ ولا في خفّها من ثقيلها

16) لها سرفٍ بالحسن وان تكحّلت // فربّة أن يبري نباها قتيلها

17) إلى فاز شوف العين منها بنظره // فذيك له اقصى غايةٍ من ظويلها

18) يورّى على بالي فلا ادري حقيقه // من العين أو حيث انها تشتهي لها

19) تشهد بها من ريم حوصا قريضه // تذار وهي نعسانةٍ من مقيلها

20) وفرعٍ كما عصم الروايا قرونه // على الطيب يغذى ما لوى من جبينها

21) يحف كما بدرٍ أضا فوق مزنه // يفوت عزا مختالها من مخيلها

22) ولا نطفةٍ من بارد الما لمشفق // جرى به صدّاق الحيا من مسيلها

23) بأطيب من عذب الثنايا مذوقه // إلى نال غالي نيلها مستنيلها

24) لكن مجال الطوق منها إلى بقى // قد انجال ضافي مرطها عن ثليلها

25) كبيضة ربدا ليلة الدجن كنها // ظليمٍ وعدّى طلها عن مقيلها

26) تلوم الحشا برّاقة السن لو غلى // مسامٍ فبالغلبا لوالي جديلها

27) مثل القمر نقيان حوضا إلى سرى // يطل مع نسم الصبا من بليلها

28) إلى قابلت قرنٍ من الشمس رايق // كما راق باقي خلقها من مشيلها

29) ولا روضة بانوى السماكين جرّرت // بها مزنةٍ غرّا سبوعٍ شليلها

30) بقفرٍ عفى من مزنةٍ تستخيله // سوى عينها مع مقز في سليلها

31) يتالين في نو الثريا رسومه // بها قد كسى ريعانها من نسيلها

32) فلما علا نوّارها العود جادها // حميميةٍ يملى المغاني وشيلها

33) فعاد إلى ما حرِّكَتْها نسيمه // مع الفجر واستغرا بلومى طويلها

34) لكن جنان الخلد فيّاح ردنها // يغانيك من مسكٍ كثيرٍ قليلها

35) بأطيب منها نشر ريحٍ إلى اعلقت // يكون لرمّاق الهوى في قبيلها

36) نصد ونوريها الجفا ثم ننثني // بلا دعوى منها كفاها كفيلها

37) عليهن ياعذب السجايا مجوره // عن الظيم لى اوزا ظيمها من وكيلها

38) وصلوا على خير البرايا محمد // نبي الهدى أزكى قريشٍ دليلها

وهذه هي القصيدة الغزلية الأخرى:

01) زارت وكل العالمين هجوع // من لا اهتنى بُوْصالها ممنوع

02) في جنح ليلٍ والفيافي دونها // ومهامهٍ فيها الوحوش رتوع

03) قفرٍ سباريتٍ خْلِيٍ ما بها // إلا نجايب أو بها جربوع

04) . . . . . . . . . بها يهيا لها من حسنها // صافي جبينه كنه الشموع

05) ولواحظٍ فيهن سحرٍ واضح // من سحر بابيلٍ لها مجموع

06) ومورّداتٍ بينهن مورّق // أنفٍ كحد مهنّدٍ مشروع

07) ومناكبٍ عما يعلق بذنبها // جل الذي سوّى لهن خضوع

08) وترايبٍ مصقولةٍ من فوقهن // تفاحتينٍ توّهن طْلوع

09) ومهفهفٍ يتلي وشاحه ضامر // مطوي حشا ما قد طوي له جوع

10) إلى بغى ينوي القيام لحاجه // لكن من حَدّ الحشا مقطوع

11) مثل النقا لولا الثياب تلفّها // والدانيين اللي لذيك فزوع

12) يزهى الثياب وبالمراح الى دنا // في حليها عنه الغطا منزوع

13) ومقلّدٍ وموشّحٍ ومخلخل // لا بالطويل موازنٍ مربوع

14) فيه الملاحه والسماحه والبها // ما ذِكِر في سوق الغلا مبيوع

15) فان شافها راع الكتاب مطوّع // خلّى الكتاب من اجلها والطوع

16) فلو يراها زاهدٍ في خلوه // شفته على وجه الوطا مصروع

17) حوريةٍ تركيةٍ عربية // أوصافها تكمل بحسن طبوع

18) مياسةٍ نعاسةٍ مكياسة // ما للردي بجنابها مطموع

19) . . . . . . . . . . محشي بلطافه // ولا هبرةٍ تذكر ولا بطلوع

20) وإلى استتم البدر وابعد حسنه // غطّى جماله كنه المبلوع

21) ولو تطا صم الحصا باقدامه // اخضَرّ صوّان الحصا بزروع

22) قريت الم نشرح وذهني غايب // ما اظن يرجع غير عقب اسبوع

23) ثم الصلاة على النبي محمد // ما غنت الورقا بروس فروع



منقول من موقع د.سعد الصويان


ومن هذا يتبين لنا ان بعض الشعراء العرب في نجد كانوا يقولون الشعر بالفصحى اضافة الى النبطي







توقيع الطائر المهاجر
 
تفاعلك مع غيرك يشجعهم على التفاعل معك
  رد مع اقتباس
قديم 03-01-2019, 10:14 AM   رقم المشاركة : 17
داعي الشوق
سعود العتيبي /شاعر/نائب المشرف العام
 الصورة الرمزية داعي الشوق






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة : داعي الشوق متواجد حالياً

 

افتراضي رد: رميزان بن غشام


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطائر المهاجر مشاهدة المشاركة
ياجبر هو ضيم الليالي ينجلي = او هو يخيم في حشاي ويطولي


ياجبر هو ضيم الليالي ينجلي=أو هو يخيم بالحشا ويطولي
أعض أطراف البنان بناجدي=والدمع حرق وجنتي ويهلهلي
والعين كن الشب يجلا موقها=والنوم عني له زمان مطولي
ياجبر وأن بانت عيوبي للملا=تراه من فرقا غزال عندلي
حورية تجلا الظلام بعينها=سبع المثاني حرزها ماينطلي
ثيابها تشكي لضيم ردوفها=والوسط كشاخ الجديد معزلي
أليا مشت كن النعاس بعينها=من ثقل ردف مثل طعس معتلي
أن أشهد أن اللي خلقها قادر=لحيثه بخلق ردوفها متجزلي
ساعة نطحني يوم شفته مقبل=أغشي علي وطحت من يوم أقبلي
أن صد عني شفت بيض خدودها=يصد لامنه لحظني وأغفلي
ثم صابني ماخاف من والي السماء=من غير ذنب ياغزال العندلي
دنق علي وقال ذبحتني وثنيتني=ذبحت نفسي وأنت لست تحللي
له قلت لابيحك ولاأبري ذمتك=حسبي أذا كان الولي متوكلي
أنا حبيبك كان حبك صادق=والهقوة أنك ناكر متحيلي
قال أنا سقيتك وأبريت ذمتي=من كوثر بين الشفايا سلسلي
تعذرت ياجبر وأبدت عذرها=وأليا حلف بالله لازم تقبلي
يقول كان تهواني فأعلم ترى=أني وراكم ناشد وسايلي
ثم حكمت حبل المواصل بيننا=وشربت ريق كالنبات معسلي
وأصبحت في بحر الغرام مسمر=وبحر الهوى ياجبر غرق محملي
في حب ظبي له هوى في ظامري=ألك العنا ياعاذلي لاتعذلي
من لامني جعله يكوس من العمى=أعمى أصم مايقوم محرولي
أسريلها عقب العتيم بساعة=والكف من صنع الهنود مصقلي
أخاف من سبع الظلام يهومني=يبغي عساني منه أذل أو أجفلي
مالي صديق الأ السيف الصادق=يضحك أليا ماناش حد المفصلي
ياجبر حد السيف مفتاح الفرج=تراه لصعوب الرجال يذللي
لانامو الحساد والواشي سرى=وقامت عيون العاشقين تبهذلي
وهملت بأطراف البنان ردوفها=وأخفيلها أسمي ماأخافه تخجلي
وأقول لها أهلا وسهلا ياهلا=ويقول لي أهلا وسهلأ ياهلي
وسدتها زندي وصار وسادتي=زندلها لين النجوم تكملي
هاروت سحره ناشي في عينها=تودع قلوب العاشقين تبلبلي
هي سقم حالي هي شقاي وعلتي=وهي دواي أن ذر فوق المفصلي
ياجبر جاني بالصدود وعافني=من عقب ماهو مود لي مقبلي
نسى الجميل وبار في صويحبي=وأن شافني بالسوق دلأ يعجلي
أن قلت ويش السبب في ذا الجفا=أكثر عذاره قال خوف من هلي
ياجبر يوم الولف مايخشا هله=وأليا تباطا جيتيله دزلي
ياجبر ماتسعا بصلح بيننا=حتى تنول الخير وأنت محللي
ياجبر ماشافت عيوني مثلها=مصيونة ماوقفت في محفلي
ياجبر لو يرجعن عصور الصبا=يروق لقلب العليل الممحلي
عزيل قلب شارب كاس الهوى=والنوم عافه مع لذيذ الماكلي
ياجبر كان الجبال تزلزلت=رجيت حبه عن ظميري يرحلي
ماأعرف حب العذارى قبل ذا=ياجبر حب البيض أثره يقتلي
ياجبر حبه في ظميري عاقني=قد حط في رجلي حديد مقفلي
هو مقفي مني وأنا في ساقته=يسري وأنا يضحي الضحى في منزلي
مضى زمانك ياأبن حزمي عامر= وأنا زماني خارب متعطلي
قصيدة اسمعها من قديم

الله يرحمه شاعر كبير وقصيده جزل






توقيع داعي الشوق
 
  رد مع اقتباس
قديم 03-01-2019, 11:02 AM   رقم المشاركة : 18
الطامي
منصور المري/شاعر/نائب المشرف العام
 الصورة الرمزية الطامي





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الطامي غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: من رواد الشعر النبطي رميزان بن غشام


شاعر علم رحمه الله وغفر له
اكثر قصائده تعرفها الناس

شكرا دكتور على اتحافنا بها مرة اخرى
ولاهنت







توقيع الطامي
 
ماتعودنا على خضع الجماهي=غير للي خالق انسه وجِنه
الفعول اخير من حكي الفكاهي=وكل رجال بفعله فاح بِنه
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دراسه في الشعر النبطي عبد ربه القيسي حكم وامثال 15 16-12-2010 06:50 AM
خصائص الشعر النبطي الطائر المهاجر حكم وامثال 15 16-12-2010 06:50 AM
الشعر الحر ( لمن أراد ان يتعلم الشعر الحر ) مازن حجازي مرآة الأدب العربي 17 15-12-2010 11:58 AM


الساعة الآن 05:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الفطاحلة