بعض ملامح الغزو البرتغالي وتصدي بني خالد لهم
تصدي بني خالد للغزو البرتغالي _ الهرمزي عام 1521م
عندما تلقى السلطان مقرن بن زامل الجبري نبأ الهجوم البرتغالي الأول على البحرين, وكان في الحج بالحجاز , عاد مسرعاً بعد أداء الناسك , ليشرف بنفسه على الأستعدادات الازمه لمواجهة أي هجوم أخر مرتقب طالما بقي البرتغاليين في المياه القريبه من جزر البحرين , وطالما عملوا على انفاذ خططهم لا نتزاع البحرين من أيدي الجبور .
ولا نستبعد هنا أن السلطان مقرن كان يتوقع هجوماً برتغالياً على بلاده منذ فترة , ويبدو أن تلك الأستعدادات هي التي نجحت في صد الموجه الأولى من الغزو البرتغالي عام 1520م , وإلا فمن غير المنطقي أن تتم كل تلك الأستعدادات التي سنراها لاحقاً في الفتره التي سبقت غزو عام 1521م .
ومن تلك الأستعدادات مثلاً أنه قام (مقرن بن زامل) بتحصين بعض مناطق البحرين والقطيف وإعادة بناء سور القلعة الأسلامة التي بالبحرين , وإقامة العديد من الأستحكامات , والأهم من هذا أنه كان قد بدأ ببناء اسطزل بحري يتكون من عدة سفن وأستعان في بنائها بعاملين مهره من الترك والفرس والعرب وذلك بشهادة المصادر البرتغاليه نفسها , وقد جند السلطان مقرن مقاتلين يحسنزن الرمي بالسهام , وعمل جاهداً على تزويد قواته ببعض المدافع العثمانية والمقاتلين المدربين , ووضع على رأس كل قوة أحد القاده المدربين أيضاً (قادة ميدان) وبالأضافه إلأى لك فقد امر السلطان مقرن ببناء سور كبير من الطيب أمم الواجهه البحرية لمدينة المنامه (العاصمه انذاك) يمنع دخول العدو إليها . وكان عرض السور نحو (عشرة اشبار) وجعل واجهته من جذوع النخل بشكل عال جداً , وأمر السلطان مقرن بوضع المتاريس على طول الساحل البحريني الذي يقع أمام اسوار قلعة البحرين , وقد توقع اسلطان مقرن أن يكون الهجوم البرتغالي من ناحية المياه الضحله أمام القلعه حيث يسهل نزول الجنود وخوض المياه وصولاً للبر في وقت الجزر , وهذا في حد ذاته ينم عن عقلية عسكريه متميزه في دراسة المواقع العسكرية ,
وقد بنى السلطان مقرن خط الدفاع الثاني الأساسي قرب القلعة بجذوع النخل وجعل فيه فتحتين أو ثلاث مؤديه إلى البحر _ كمت تذكر المصادر البرتغالبه _ وقد تُغلق هذه الفتحات بمجرد رؤية البرتغاليين قادمينمن البحر بسفنهم . بالأضافه إلى ذلك فقد قسم السلطان مقرن الحائط المواجه للمنطقه التي يتوقع نزول العدو فيها , إلى ثلاث أقسام , وضع كل قسم تحت قيادة قائد وجعل معه أحد المدافع , وبجانب كل ذالك أقيمت موانع أخرى وخنادق حول السور (كما يقول المؤرخ البرتغالي باروس) وفعل السلطان مقرن كل هذا كرجل يعرف مايفعل , وكقائد عسكري وظابط كبير وهو وصف صادق لهذه الشخصية .
فعند الحديث عن قوات السلطان مقرن الجبري , تذكر المصادر البرتغاليه بأنها كانت تتكون من أكثر من أحد عشر ألف مقاتل مزودين بمختلف الأسلحة , إضافه إلى ثلاثمائة فارس عربي بخيولهم وأربعمائة من رُماة السهام من الفرس , وعشرين تركياً من حملة البنادق ((التفنكجية)) وكان هؤلاء العسكريون يدربون السكان على القتال باستخدام الأسلحة النارية والمدافع .
التحالف بين البرتغاليين وهرمز ضد الجبور :
صدرت الأوامر من قبل (ديو جو لوبيز دي سكويرا) الحتكم البرتغالي العام بالهند انذاك باحتلال البحرين وضمها إلى نفوذ مملكة هرمز . وكلف القائد ابن أخيه (انطونيو كوريا) بقيادة حملة غزو البحرين , قام (كوريا) على الفور بالأعداد للحمله في عام 1521م وحرص أن تكون هذه الحمله كبيره وقوية حتى لا تفشل كما حدث لحماة عام 1520م وقد تكون الجيش الذي أعد لهذا الغرض من قسمين:
1 قسم أعده البرتغاليين بأنفسهم وتكون من سبع سفن برتغاليه كبيره بمدفعها المدمره , ومعها أربعمائة محارب برتغالي بقيادة كوريا وأخيه
2 قسم اعده الهرمزيون بأنفسهم وتكون هذا القسم من مائتي مركب صغير عليها ثلاثة الاف محارب من الفرس والعرب التابعين لأمير هرمز وبعض رماة السهام وكان هذا القسم بقيادة وزير ملك هرمز (رئيس شرف الدين) وقد قامت هذه لحملة بكاملها في 15 يوليو 1521م بتجاه جزر البحرين
حاول البرتغاليين والهرامزه من النزل إلى ساحل البحرين ولكن تصدة لهم قوه متقدمه من الجبور وفشلت محاولت انطونيو الأولى
كان السلطان مقرن بن زامل يعلم أن الهدف من الحمله البرتغاليه ضد البحرين هو رأسه وكسر شوكة الجبور التي صارت توجع خاصرة البرتغاليين في الخليج العربي كثيرا , ولذا صمم أن يواجه الأله العسكريه البرتغاليه زمخططاتها في الخليج عامه والبحرين بشكل خاص حتى الرمق الأخير بدون استسلام . وحين حانت ساعة الصفر الحقيقية في 27 يوليو 1521م هاجمت القوات البرتغاليه مجتمعة في تشكيلات مختلفه السور الذي أقامه السلطان مقرن أمام الساحل المواجهه لجبهة القتال بعد أن ظلوا يدكون هذا السور لأيام بالمدافع قبل نزولهم إلى البر . خوفاً من خيانة جنود هرمز , فقد صدرت إليهم اوامر انطونيو , وقد نزلة القواة البرتغالية إلى البر أمام القلعه وتسلقت قوات انطونيو الحتئط الذي اقامه السلطان مقرن , وكان مع انطونيو حوالي مائه وسبعين فارساً وبجانبه خوه ومعه خمسين فارساً , عند ذالك انسحبت قوات السلطان مقرن ولجأت الى المدين هحسب مخطط مدروس من قبل كخدعه حربيه , وظن البرتغاليين أنهم انتصروا فعلاً , فأسرعوا نحو المدينه لمطاردة الجنود , فقامت قوات السلطان مقرن على إثر ذلك بهجوم مضاد وحاصرت البرتغاليين بين المدينه والحائط الخارجي للقلعه ودار قتال عنيف بين القوتين , وكان موقف البرتغاليين صباً جداُ بين فكي كماشة جنود السلطان مقرن من جهه والبحر من الجهه الثانيه .
وكانت هذه المعركه بالنسبه لأنطونيو حاسمه وصعبه وكان يطوف بين صفوف جنوده يشجعهم على الصمود في حرب المسلمين وأقتحام سور القلعة , وكان جنود البرتغال قد اصابهم السأم والتعب والأرهاق الشديد ذلك أن هذه المعركة جرت في هجير صيف الخليج الساخن واستمرت لأكثر من يوم , وكانت تتوقف أحياناً بسبب شدة الحرارة ثم يعود الطرفان للهجوم والهجوم المضاد .
كان السطان مقرن على رأس قواته , ومعه مساعده الشيخ حميد , ابن اخته , يحث الجنود على الصمود والأستبسال ويبث فيهم روح النخوه والشجاعه العربيه وهو يردد إما النصر او الشهاده
مع استمرار المعركه وطول مدتها , فقد فقد حصدت المدفعيه البرتغاليه عدداً كبراً من جنود السلطان مقرن , وكثر عدد الجرحى والقتلى , زمع ذلك واصل الصمود والقتال ومحاولة مقارعة أسلحة البرتغاليين الحديثه بالقليل من السلاح الذي توفر لهم
وعند توقف القتال بسبب الحرارة الشديدة , تقدم رئيس الهرامزه (شرف الدين ) بخطه تتضمن إعداد مائتي هرمزي من خيرة رماة السهام توكل اليهم مهمة وحيده وهي رمي ((قادة الميدان)) في جيش السلطان مقرن , حتى يؤثر ذلك على بقية لجيش والجنود المرتبطين بهؤلاء القادة , وفعلاً قامو بقتل قادة الجيش بمن فيهم القائد العام وقد تأثر السلطان مقرن لفقدان قادته من الجبور , ولكنه لم يستسلم ولا طلب الصلح , بل انه تولى بنفسه قيادة الجيش بكاملة وزادة ساعات القتال مما زاد في قلق الجنود البرتغاليين غير المعتادين على مثل هذا الطول في حروبهم مع العرب بالخليج , وزاد اضطرابهم عندما جرح قائدهم انطونيو كوريا بذراعه اليمنى , وكاد التعب والأرهاق أن يأخذ من الجنود البرتغاليين مأخذه ويجعلهم يطلبون الأستسلام كما كثر الجرحى بينهم , ولكن وقعة مفاجأة في معسكر السلطان الا وهي سقوط السلطان مقرن جريحاً بسبب وجوده في الصفوف الأماميه لقواته أثناء المعركه , فقد اصيب هو الأخر بطلق ناري في فخذه مما سبب له جرحاً بليغاً وربما كانت الأصابه جراء طلقه مدفع برتغالي من سفن الأصطول نقل السلطان مقرن على اثرها الى أحد المساجد خلف ميدان القتال , حيث ظل من هناك يقود المعركه عن طريق إصدار الأوامر للشيخ حميد طوال ستة ايام , ولم يمهله الوقت أكثر من ذلك حتى يكمل المعركه إلى نهايتها , فقد فاضت روحه متأثر بجراحه بعد تلك الأيام السته , وشاع خبر وفاة السلطان مقرن الجبري وسرى سريان النار في الهشيم وكأن الكل كان مرتبطاً بوجوده فالجنود البرتغال ارتفعت معنوياتهم القتاليه وشجعهم ذلك على مواصلة القتال بينما انهارت معنويات جنود المدافعين عن البحرين
ولم تتوقف المعارك بعد السلطان مقرن مباشره بسبب قيادة الشيخ حميد , ولكن نظراً لإنهيار الجنود المرتبطين بقا~دهم الأعلى بعد أن فقدوا قادة الميدان , وكثر الجرحى في معسكر الجبور , قرر الشيخ حميد سحب قوات الجبور المتبقيه إلى القطيف مؤقتا ريثما تستعد من هناك لطرد البرتغاليين مرة أخرى بعد أعادة تنظيم صفوفها من جديد
((الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج))
في الفتره مابين 1507- 1525م
تأليف : محمد حميد السليمان