كان بجواري أبن أخت لي
وهو شاعر صغير، قرأ أبيات
القصيدة ثم قال لي :
أيا خال : ماهو رأيك بها ؟
قلت له : رائعة كروعة صاحبها
ثم قال : تحبه يا خالي !؟
قلت : أنا لا أعرفه إلاّ من خلال القصائد
لهذا حبي له سوف يكون من خلالها أيضا
قال : ماذا تتمنى له ؟
قلت : أتمنى له أن تمتزج روحه مع روح
من يحب ثم تتصعّد في السـماء لتذوب فيما
بينهما فتهبط في الأرض مجتمعة في جسـد
واحد لا تعرف لمن فيهما!؟
قال لي : سوف أرحل وأتركك مع
هذا الصديق و قصيدته ،،،
فقبلته بين عينيه قبلة وداع الخال
المحب لأبن أخته !
* * * * *
* * * *
* * *
* *
*
لا تقفل الخط في وجهي.. وتحرقني = الله يخليك لاتحرمني أنفاسك
أبيك تبقى معي لو كنت تسرقني =بس المهم انتبه.. لا تجرح إحساسك
مطلع القصيدة رجاء في البيتين الأولين
وعدم الصـد في الوجه وخلق الوجـع
والحرقة في القلب ثم أتبع الرجاء برجاء
أقوى منه حينما ذكره بالرب بعدم حرمانه
الأنفاس وأي أنفاس تلك !
إنها أنفاس المحبوب التي كلها عطر وذوبان
ثم لا يزال مسلسل الرجاء متواصل من شاعرنا
العذب حينما باح صراحةً أن يبقى معه في الظاهر
أما الباطن فهو بلا شك باقي ودليل ذلك في عبارة
لو كنت تسـرقني أي أنك بالفعل سـارق لروحي
وهوائي وأتبع ذلك المسلسل بتنبيه وتحذير !!؟ بأن
لا يجرح إحساسك وهنا كلمة خطيرة أطلقها المبدع
نديم في ثنايا الأبيات وهي جرح الإحساس والمقصود
بها أنه أي أنت نصفي الآخر حينما تجرحني فأنت
تجرح إحساسك لأني أنا إحساسك أو العكس حينما
تجرح نفسك من جراء الغضب فأنت كمن يجرح
إحساسك وأنت يا نصفي هو أنا ذاتي إحساسك أو
من زاوية ثالثة لهذه الكلمة وهي أنك حينما تغضبني
فأنت بذلك كأنك تقوم بجرح إحساسك ألا وهو أنا !!
عموما لكل منا أن يقرأها كما يفهمها ولشاعرنا المبدع
تفسير مفهوم كل منا أيهم أصح !! لكن نقول في جميع
الحالات يبقى شاعرنا مبدع حينما يترك كذا مفهوم للكلمة
وربما يوجد مفهوم لم نتوصل له !
أسابق الوقت بأشواقي ويسبقني = قل لي وش اللي يدور اليوم في راسك
بكيت يمكن من دموعي تصدقني = لا قلت لك والله أني .. شارب كأسك
يؤؤؤؤؤؤؤؤه
يا نديم ما أجمل إحساسك وكبر حيرتك
يا صديقي !؟
مارثون سباق من نوع خاص أنه سباق
المشاعر والأحاسيس والأشواق الحارة
حينما يحب الإنسان بصدق تجد أشواقه
ومشاعره في حالة هيجان وثورة كبيرين
ها هو يسابق أشواقه أو أشواقه تسابقه أو
ربما تارة هذه تسبقه وتارة هو يسبقها !!
ثم بعد تلك حيرة !!
أمر محزن حينما تصل بك الحيرة وتجعلك
تسأل من المتسبب فيها صراحة وتطلب منه
أن يكون صريح ويقول ما يدور في رأسه و
في عمق تفكيره !!
ثم ينتقل شاعرنا الحسّاس ليبدي لمحبوبته حاله
وهو البكاء لعل وعسى أن تصدقه لأن الدموع
عنوان الندم ، الحزن ، الألم ، الحب أيضا وبعد
هذا كله يقول لعلك يا هذه تصدقيني أو بمعنى آخر
أولا تصدقيني بعد كل تلك التضحيات ومنها أن
الرجل من الصعوبة عليه بمكان أن يبكيه شيء
ماعـدا من يحق له أن يبكوه أو يبكي من أجلهم
ثم بعد هذا كله يتبع القسـم بالله أنه شارب كأس
الهوى والعشق يا من كنتي صاحبة الكأس فاحذري
أن ينكسر ذلك الكأس بيننا دون إكماله !
ويلاه من هم طول الليل.. يطرقني = لين أذن الصبح وأذني ترقب أجراسك
أيا ويلي يا نديم !!
سهر ليل ، هم !!؟
إن كانت واحدة تكفي أن تجلب لك
الحزن والتعاسة !
فما بالك أن تكون الاثنتان مجتمعه في
آن واحد !!
الأجراس هنا مقصود بها رنين الهاتف فلو
أننا ربطـنا هذه الكلمة بأول عبـارة في
القصيدة وهي ( لا تقفل الخط ) لعرفنا أنه
مقصود الترقب هنا هو ترقب سماع رنين
الهاتف التعيس !!
حقا .. أمر مؤلم حينما تشعر بإنسان يتلوى
ألماً وغماً ويسهر ليلا ثقيلا قاسيا حينها فقط
تقول : ربي فرّج عنه وأكشـف غمه وهمه
يا رب ويا رب حنّن قلبها عليه أو أرزقه قوة
استطاعة أن يهجرها ويهجر قسوتها إلى الأبد
ثم بعد ذلك آن لك أن تذهب إلى صلاتك بكل خشوع !
لو كان لي فيك حيله ما تفارقني = خليت الأخماس مني تضرب أسداسك
حيرة فأتبعها تعجب فدهشة ثم ذهول !!
حتى بلغ به أن يضرب كف اليد الواحدة
بالأخرى بل الأسوأ من ذلك كله أنه لا
يوجد حيلة أو طريقة أو وسيلة حتى لا
يفـارق هذا الحبيب لمن حبه بصدق وحاله
كله ألم و جراح لمفارقته له !!
قلت قبل ذلك وسوف أقول في كل مناسبة
الأنثى كلها خطورة وقمة خطورتها تكمن
في غيابها وقمة قـمـم الخطورة أن يكون
الغياب بدون مقدمات وما فوق كل تلك القمم
أن يكون الغياب لأسباب تافه !!
حينها فقط تشعر بخيبة الأمل والإحباط الشديد
وقسوة الزمن وجدران الأسى تحيط بك من كل
جانب !! ويصبح الكأس الذي كان بالأمس هوى
ليصبح اليوم علقم وحرمان ومرارة !!
مدري متى يا شقا حالي.. توافقني =الأمر بيديك والمقياس مقياسك
لا أدري يا نديم !؟
صدقني لا أدري هل سيوافقك أم لا !؟
سؤال المحتار المعذّب لمن كان شقاؤه
ليصبح هكذا حاله بل الأمرّ والأدهى أن
شاعرنا الحزين يطلب بعد كل هذا ليستطلع
رأي معذبه بقول هل توافقني أو تتفق معي
وكان سؤاله ليس للسؤال !! إنما هو إنباء أو
استطلاع وجس نبض الطرف الآخر لكي يرى
إلى أي مدي وصل الحال !؟ أو ما هو مقياس
الرجاء المتبقي عند الآخر !!
ثم ترى مرونة الرجل ولباقته حتى في ممارسة
الحب حينما يفوض أمره إلى سجّانه والمتسبب
في إيلامه حينما يقول له : خذ وبيديك أمري كله
وعليك وضع المقاس الذي تراه لأنه سوف يقوم
بلبسه وأين كان المقاس فمنك سوف أكون لك !!
ياشين الأشواق بعدك يوم تغرقني = أقول يا بنك صبري قرب إفلاسك
حزن وتأسف وندامة على إهدار الأشواق
بدون مستقبل لها وكأن حاله كله عبث ليس
إلاّ ، هكذا مطلع بيت شاعرنا يقول !
شاعرنا ذو المشاعر الجياشة والأحاسيس
المرهفة والأشواق المتدفقة والتي تغرقه
من كثرها وكأنها كالسيل العارم الذي يغرق
كل من يمر به !
ثم ينبئ الطرف المقابل أن بنكه من الصبر
والجلد ورباطة الجأش بدأ ينفذ وقرب إعلان
إفلاس هذا البنك التعيس الذي لم يودع به أي
رصيد لكنه دوما يُسحب منه دون مقابل يذكر!
تبي الصراحة؟!!! غرامك جد مرهقني = الله يخليك .. لاتحرمني أنفاسك
هنا انتهينا مع نهاية أخر بيت بالقصيدة !!
قيلت الصراحة فيها مدوية !!
غرام هذا الحبيب مزعج ، مؤلم ، موجع
ممل ، محير ، متعب ، إلى حد أنه وصل
إلى درجة الإرهاق ونتمنى أن لا يصل إلى
درجة الإعياء والمرض الشديد !!
ثم طلب أن لا يحرمه أنفاسه وروحه العطرة
ولا ندري بعد هذا كله ما مصير هذا الطلب
المقدم من شاعرنا لمحبوبته وهل نظرت فيه
أو أنه لم يزل وعليه المواصلة في سير قطار
الصبر والمعاناة !!
*
* *
* * *
* * * *
* * * * *
نديم الليالي
يا أبن أخي جرير وحفيد الفرزدق
لا أخالك بعد كل هذا النسب ، إلاّ
شبحا للشعر وعملاقا ذو مشاعر
متدفقة كتدفق شلالات الطائف
العذبة ونهر من الأحاسيس كنهر
الحب الخالد !!
أرجو أيها الشاعر الفنان شعرا
أن تعلم بأن صادق الإحساس يشعر
بك عن بعد ويتلمس جراحك عن
قرب ولا يملك سوى المؤازرة لك
معنوياً لكنه صادقا في الشعور !!
قصيدة شبح الشعر كلها رائعة
ومكمن روعتها أن بها من الحميمة
الشيء الكثير والكثير جدا !!
أنت .. خسارة فيمن لا تعرف قدر
إنسانيتك وعمق مشاعرك التي تصل
إلى عمق الروح بكل طهر وعفاف !
صح لسانك
أيها الصديق
لك
كل الود وجميع الورود
صادق الإحساس