سبحان الذى أنطق اللسان بسحر البيان والحمد لله والصلاة والسلام على خير الأنام
سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والســـلام 0
قال تعــالى ( وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض )
صدق الله العظيم
الشاعر المصرى الراحل/عبد القوى الأعلامى
سطــور مــن حيـاة الشـاعـر
نشـأتــه :
ولد عبد القوى عبد القوى عبد الرءوف أبو طالب فى 16 من يوليو عام 1931 م
وشهرته عبد القوى الأعلامى نسبة إلى مسقط رأسه قرية الأعلام بمحافظة
الفيوم وقد عشق الشاعر مراح طفولته وصباه وتعلق بها تعلق العاشق بمحبوبته رغم
إقامته بالمدينة منذ مرحلة الشباب وهو من عائلة أبو طالب فى الأعلام وكان والده من
علماء الأزهر الشريف وجده أبو طالب له مقام معروف بالقرية وحفظ الشاعر القرآن
الكريم قبل التحاقه للدراسة بالأزهر الشريف وقد نشأ الشاعر فى جو دينى يملؤه الود
والرحمة ووهبته القرية من جمال الطبيعة والفكر والتأمل ما ساعده على تفجر موهبته
الشعرية وقد بدأت هذه الموهبة فى الظهور بشكل واضح عندما بلغ من العمر السادسة
عشر فعندما توفى والده كان هذا الخطب الجلل أثره فى تفجير ملكته الشعرية 0
أسـرتــه :
نشأ الشاعر فى ظل والديه وعشرة من الأخوة والأخوات وكان ترتيبه التاسع بين
أخوته وكان ينال من حب والديه وأخوته ما هيأ له الاستقرار النفسى منذ الصغر وقد
بث والديه فيه حب الله والتقرب إليه وشق الشاعر طريقه فى الحياة بما تعلمه من
مثاليات حتى توفى فى 3 من مايو عام 2003 م 0
حياته المهنية :
درس الشاعر كما أسلفنا فى الأزهر الشريف ونهل من بحور علومه وعلمائه وبعد
تخرجه عمل مدرسا بمعهد (جمعية المحافظة على القرآن الكريم بالفيوم) ثم أمين أول
مكتبات الأزهر بالفيوم مما أتاح له فرصة أكبر للإطلاع على أمهات الكتب ثم سافر إلى
المملكة العربية السعودية عام 1983 م حيث عمل مدرساً بها وكان له نشاطاً مشهوداً
سواء على مستوى وزارة المعارف أو على مستوى المحافل الأدبية وعندما عاد إلى
مصر عام 1987 م تولى عمله كمفتش لشؤن القرآن الكريم على قطاع الفيوم وبنى
سويف والجيزة 0
حياته السياسية :
شارك الشاعر فى الحياة السياسية والاجتماعية وتفاعل مع أفراح وأحزان الشعب
العربي وعبر عنها بأشعاره ولم يقف إلى هذا الحد بل تخطى الساحة العربية والإقليمية
وتفاعل مع الأحداث العالمية والمشاكل الدولية وكأنها جزء منه ونجد ذلك واضحاً فى
قصيدة ( فيتنام ) حيث كان يدافع عنهم بوجدانه وكأنه منهم هكذا يكون الشاعر
بمشاعره ضد الظلم أينما كان يحارب بقلمه عن قضايا الإنسانية بغض النظر عن
الألوان أو الأجناس وقد كانت للشاعر مقولته الشهيرة بأن (الشعر حق لكل إنسان مثل
الخبز والصحة والتعليم ) ومن هذا المنطلق كانت البداية فقد شارك فى تأسيس النادى
الثقافى فى حى الذى كان يقطنه حين ذاك حتى يتسنى للمواطن البسيط
المشاركة فى الحركة الثقافية ومواكبتها 0 وقد شارك فى الحياة السياسية حيث كان من
الأعضاء الفاعلين فى (الإتحاد الإشتراكى) حيث كان يحاول أن يخدم مجتمعه المحيط
به من خلال تواجده بالاتحاد 0 ولكنه سرعان ما تقدم باستقالته عندما وجد أنه لن
يستطيع تحقيق كل ما عاهد عليه أبناء قريته وذلك لظروف خارجة عن إرادته وأن
العمل يستوجب مناخ سياسي أفضل من الذى كان موجوداً فى ذلك الوقت 0 حيث قال
بالحرف الواحد (أننى وجدت نفسي ترس فى آلة كبيرة تنتج ما تريده هى وليس ما
نريده نحن ) وأيضا كان عضو ( الهيئة الاستشارية لمنظمة الشباب ) بالفيوم 0
وكان عضواً (بالحزب الوطنى الديمقراطى ) 0 إلا أن آثر ترك العمل السياسي إلا من
قصائده التى كانت تنقد كل ما يراه خطراً على الدين والمجتمع والأمة وقد ترك الكثير
من القصائد التى نشرت له فى الصحف والمجلات فى نقد سلبيات المجتمع المحلى
والقومى والعالمى 0 ثم عضواً بمجلس إدارة قصر الثقافة بالفيوم حيث استطاع
هو ومجموعة الرواد فى تأسيس
( نادى أدباء الفيوم ) بقصر الثقافة وشارك فى تأسيس جمعية الفنون والآداب
ثم ( جمعية أصدقاء مسرح رمسيس نجيب ) بالفيوم وقد كان له دوره الأهم وذلك
عندما كانت تمر مصر والأمة العربية بأحلك فترات تاريخها وكان ذلك بعد حرب (67)
حيث كان يذهب إلى الجنود فى مواقعهم يحفزهم للنصر والثأر لشرف العروبة ليتخطى
بهم هذه المرحلة الصعبة وكان ذلك بدعوة من الشؤن المعنوية للجيش المصرى ومن
عجائب القدر أنه قد أسر إليه أحد القادة فى أذنه خبر وفاة الزعيم جمال عبد الناصر
وهو يلقى قصيدة له فى إحدى القواعد الجوية العسكرية المصرية فتحامل على نفسه
وأكمل القصيدة وكان الخبر فى هذه اللحظة فى طى الكتمان عن الجنود وخرج بسرعة
من القاعدة ليقع مغشياً عليه فى العربة العسكرية المنوطة بتوصيله هو وزملائه الأدباء
إلى منازلهم ولم يشعر بعد ذلك إلا وهو يكتب بغزارة فى رثاء جمال عبد الناصر وكأنه
يرثى نفسه وله أكثر من قصيدة بهذه المناسبة منها ما ورد فى الديوان السابق قصيدة
( أبا العروبة ) ومنها ما سينشر تباعاً مثل قصيدة ( نؤبن من ) التى تعدت التسعون
بيتاً 0
كما شارك الشاعر فى قوافل الثقافة الجماهيرية التى كانت تطوف قرى ونجوع
المحافظة لتثقيف الشعب المصرى وللوصول للمواطن أينما كان والأخذ بيده ليتعرف
على جميع القضايا المحيطة به وتوعيته صحياً وثقافياً وبيئياً وسياسياً وإعداده معنويا
لخوض معركة إسترداد الكرامة 0 كما كان منزله بمثابة صالوناً أدبياً يلتقى فيه الأدباء
رواد الحركة الأدبية فى الفيوم وباقى المحافظات حيث كانوا يتناقشون فى أمور الشعر
والأدب والثقافة والفنون والسياسة وكل مناحى الحياة منهم
على سبيل المثال وليس الحصر :-
الزجال الشيخ /محمد أبو مدينةالذى كان يرتجل الزجل حتى فى أحاديثه العادية وكان يشكل ظاهرة أدبية بلهجته البدوية
والأستاذ الذى كان من قمم الزجل الأديب/ ابن حنظل الذى كان يستضيف هذا الملتقى أيضاً فى دار النشر التى كان يمتلكها
والشاعر الزجال الأستاذ/ سيد باشا البغيض الذى كان الشاعر معجباً به لكونه ريفيا مثله وأزجاله التى كانت تعبر عن المصرى الأصيل
والشاعر الكبير/ أبو هولة الذى كان علامة من علامات الشعر بالفيوم
والدكتور الأديب الناقد/ محمد فايد هيكل الذى كان من أعز أصدقائه المقربين
أما إذا تحدثنا عن أشعاره
فكما ذكرنا من قبل في أنها متنوعة وعديدة إلا أننا لم نذكر أسماء الأوبرتات والملاحم
والمسرحيات الشعرية ومنها ( قصة الأجيال ) ، ( الملك المخدوع ) ،
( شعاع القصر )( شمعة وانطفت )
كما أذيعت له بعض الأغاني في المحطات العربية والمصرية
منها على سبيل المثال الأغنية الوطنية
( أزهى العهود ) بصوت المطرب العماني (حكم عائل ) بالتلفزيون العماني 0
أيضاً هناك ( فتافيت السكر ) ، ( زهر البساتين ) ( يا ساقية غني ) ( أنا فيومية )
بالإذاعة والتلفزيون المصري
كما كان دائم التواجد بأشعاره على صفحات الجرائد والمجلات وخاصة العربية منها
جريدة الجمهورية وجريدة الأهرام والوفد ومجلة الإذاعة والتلفزيون ومجلة المصور
كما كان دائم النشر فى العقيدة والوطن (العمانيتين) وعكاظ (السعودية) والجماهيرية
(الليبية) والعرب (القطرية) والوحدة (الظبيانية)0 وللشاعر الكثير من الدواوين
المخطوطة ومنها ديوان تحت الطبع خلاف ديوان ( حديث الناي ) الذي يتم الآن
طباعة الطبعة الثانية ،وديوان عاشق عمان ، وديوان الأستاذ
وقد حصل الشاعر على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الشعر سنه 1970م
وعلى شهادة شكر وتقدير من السيد وزير الثقافة سنة 1979 م وذلك لإثرائه الحركة
الثقافية، وحصل أيضاً على شهادة تقدير من وزارة المعارف السعودية وذلك لمشاركته
فى النشاط الأدبى الذى قدمه فى بعض مدارس المملكة وأنشطة الوزارة الأدبية أثناء
تواجده بالمملكة السعودية0 وهكذا نرجو أن نكون قد ألقينا بعض الضوء على جوانب
من حياة الشاعر ( عبد القوي عبد القوي عبد الرءوف ) الشهير ب (عبد القوي الأعلامي )
قالوا عن الشاعر:
الشيخ محمد متولى الشعراوى :-
( عبد القوى بحق شاعر يمتلك نواصى الشعر واللغة )
الشيخ محمد الغزالى :-
( أشعار عبد القوى الأعلامى عن الجهاد لا تبارى)
الأديب محسن الخياط :-
وذلك فى بداية حياة الشاعر الأدبية (نحن أمام موهبة واعدة)
لجنة التحكيم التى منحته المركز الأول :-
( تمتاز أشعار عبد القوى الأعلامى بأسلوب السهل الممتنع وتخلو من الزركشة اللفظية وتنم عن علم واسع باللغة ).
الشاعر والناقد الأدبى الأستاذ /بشير عياد:-
من حقه علينا أن يأتى بعد شوقى وحافظ
دكتور محمد مصطفى أستاذ الأدب العربى بكلية دار العلوم
( نحن أمام عبقرية شعرية لم نوليها حقها )
الشاعر محمد الجعيدى :-( له أبيات ترقى لمستوى أبى تمام )
الشاعر مصطفى البسيونى:- كان حدوته شعرية متفردة
المراحل التى مر بها الشاعر
إن ما يميز الشاعر أنه كتب المسرحيات الشعرية والأوبريت الغنائى وقصائد الفصحى
والزجلية الطويلة والقصيرة كما كتب فى جميع الأغراض
وذلك يتضح فى المراحل التى مر بها منها0
المرحلة الرومانسية :
وهذه المرحلة تبدأ مع بدء الشباب وهى تمثل الأحلام الرومانسية والعالم المثالى الذى
يصنعه الشاعر لنفسه ليعبر من خلاله عما يلج فى نفسه من مشاعر الحب والوجد
ويصف الشاعر المحبوبة بكل صفات الجمال ونجد أن الشاعر يبتعد عن المجون
ووصف الخيانة وتشهى المرأة لجسدها وتتسم عناوين قصائده بصفات تلك المرحلة
منها قصيدة ( أحبك ) ( أغار عليك ) ( شبيه الغزال ) 0
الكلاسيكية عند الشاعر :
تتمثل هذه الكلاسيكية عند الشاعر فى شعر المناسبات سواء الوطنية
أو الدينية أو الإجتماعية 0
المرحلة الواقعية : انصبت هذه المرحلة عند
الشاعر فى تصوير الأوضاع السياسية على الساحة العربية والعالمية ويرسم بخيال
الشاعر الوضع المثالى الذى يجب أن تكون عليه هذه الأوضاع ونجد أن الشاعر صور
نفسه جندياً فى ميدان المعركة ليجسد لنا ما سيفعله إن لم يتغير هذا وحاول أيضاً أن
يعمق شعور الإنتماء فى نفس كل عربى تجاه الأمة العربية والوحدة الوطنية مثل
قصيدة (صيحة الثأر) وقصيدة (صغيرى الشهيد ) ولم يكن الشاعر بمعزل عن المجتمع
بل تفاعل مع قضاياه ومحاولة معالجة هذه المشاكل الواقعية الموجودة بالمجتمع أو ما
نسميه الأمراض الاجتماعية منها الاقتصادية والفكرية
مثل قصيدة ( الموظف ) وقصيدة ( من أين هذا ) و ( العالم يغنى )
مصادر الشاعر التراثية
نجد أن الشاعر تأثر بالعديد من المصادر منها
أولاً : الموروث الدينى :
وذلك يرجع إلى نشأته ودراسته بالأزهر الشريف ونجد ذلك بشكل واضح فى بعض
قصائده مثل قصيدة ( شكراً أمريكا ) فهى تحتوى على ألفاظ قرآنية واستوحى من
الأحاديث الشريفة بعض القصائد منها قصيدة (هما فى النار مقتول وقاتل ) واستخدم
أيضاً شخصيات الأنبياء والمقدسات فى بعض قصائده
منها قصيدة ( إلى رسول الله ) و ( أقبل يوسف ) 0
ثانيا : الموروث التاريخى
استعان الشاعر بالأحداث التاريخية للربط بينها وبين الأحداث المعاصرة
منها قصيدة ( إلى البيت الحرام ) فربط بين اعتداء أبرهة على الكعبة المشرفة
وبين ما حدث من اعتداء على البيت الحرام عام 1980م
وأيضاً فى قصيدة ( صغيرى الشهيد) عندما ذكر قتلة الأنبياء
كما ذكر شخصية ( هرزل ) صاحب فكرة الدولة اليهودية
وأبو الصهيونية السياسية ومؤسس الهيستدروت الصهيونية العالمية فى إهداء ديوان
( حديث الناى )
ثالثاً : الموروث الأدبى
استعان الشاعر أيضا بأسماء الشخصيات الأدبية فى بعض قصائده
منها شخصية عنترة فى قصيدة ( تأذن للقيد أن ينكسر )
أما إذا تحدثنا عن خصائص الأسلوب عند الشاعر
نجد أن الحوار قد أتاح له قدراً كبيراً من حرية التعبير وذلك لتعدد
الأصوات فى الحوار ونجد ذلك فى بعض القصائد منها مع خنفس ) وهو الحوار الذى
دار بين الفتاة والشاب وقصيدة ( مع تلميذى ) ودار هذا الحوار بين الأستاذ والتلميذ
فعندما نقرأ هاتان القصيدتان نجد أن الحوار واقعى قد تناول القضايا الموجودة فى
المجتمع
بقلم ( أ.. عبير عبد القوي الأعلامي )
===========