( أثر الكلمة الطيبه )
كثير من الناس يجهلون تأثير الكلمة على الآخرين، فالكلمة الطيبة قد تكون سبباً في شفاء إنسان أو سعادة آخر، وقد تكون الكلمة الخبيثة سبباً في إيذاء الآخرين أكثر من الضرب! والذي دعاني لكتابة هذه المقالة بحث أجراه علماء أمريكيون حول تأثير الكلمة الخبيثة، ولكن قبل أن نتحدث عن نتائج هذه الدراسة التي تم نشرها الدراسة في جريدة العلوم النفسية، أود أن أتذكر معكم آية كريمة حول تأثير الكلمة.
يقول تبارك وتعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) [إبراهيم: 24-26].
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى عندما أخبر بأن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يدخل بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً!
وهذا يعني أن المؤمن ينبغي أن يكون دقيقاً في كلامه ويختار الكلمة الطيبة دائماً لأن الكلمة لها تأثير كبير على الإنسان، فقد ذكر باحثون أن مقولة "إن العصا والحجارة يمكن أن تكسر العظام في حين أن الكلمات لا تؤذي" غير صادقة. فالذكريات المؤلمة المرتبطة بالتجارب العاطفية أكثر إيلاما من تلك المتعلقة بالألم البدني.
وقال الباحثون في هذه الدراسة إن التغيرات التي تطرأ على المخ وتسمح لنا بالعمل في إطار جماعي أو مجتمعي يمكن أن تكون المفتاح لفهم هذا الأمر. وطلب في هذه الدراسة من عينة البحث، وهم متطوعون جميعهم من الطلاب، أن يكتبوا عن تجاربهم المؤلمة البدنية والعاطفية ثم يجرى لهم اختبار ذهني صعب بعد كتابة تلك التجارب بوقت قصير.
إن هناك جانباً في المخ قد يكون مسؤولاً عن التجارب والكلمات المؤلمة التي يتعرض لها الإنسان هو القشرة المخية التي تقوم بعمليات معقدة تشمل التفكير والإدراك واللغة. إن هذا الجزء من المخ يحسن قدرة الإنسان على التكيف مع الجماعات والثقافات كما أنه مسؤول عن رد الفعل على الألم الذي له علاقة بالجماعة.
إن الدراسات والتي يقوم بها أناس غير مسلمين تؤكد صدق ما جاءت به رسالة الإسلام، فالله تعالى أمرنا أن نختار كلماتنا بحيث لا نؤذي بها الآخرين، وأن نؤثر إيجابياً على الآخرين، وهذه الآيات تدل على ذلك.
يقول تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [البقرة: 263]. ويقول أيضاً: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [الحج: 30]. وقد أمرنا الله أن ندعو الناس بالتي هي أحسن وأن نجادلهم مجادلة طيبة ونختار الكلمة الأكثر تأثيراً بحيث نترك أثراً إيجابياً لديهم ليأخذوا فكرة صحيحة عن الإسلام، يقول تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125].
إن الأبحاث يجب أن تزيدنا يقيناً بمدى تأثير الكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة صدقة كما أخبر بذلك سيد البشر عليه الصلاة والسلام، وانظروا معي كيف قدَّم الله ذكر الكلمة الطيبة على الصلاة التي هي عماد الدين، في خطابه لبني إسرائيل: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ) [البقرة: 83].
كذلك يجب عليك أخي المؤمن أن تعلم أن كل كلمة تطلقها إنما تترك أثراً في دماغ المتلقي، وهذا الأثر لا يزول بمرور الأيام بل يبقى، لذلك احرص على أن تترك الأثر الطيب في دماغ وقلوب الآخرين، فلا تدري قد تكون كلمة تقولها سبباً في دخولك الجنة يوم لقاء الله!
القول المعروف والصدقة
أكد الإسلام كثيراً على أهمية الكلمة الطيبة واعتبرها بمثابة صدقة نتصدق بها على غيرنا، وسبحان الله وجد العلماء أن الكلمة الطيبة والصدقة لهما نفس الأثر على الدماغ!!....
بالكلمة الطيبة تستطيع أن:
- تنادي المدعو وتدعوه بأحب الأسماء إليه وأوقعها في نفسه؛ فهو أسلوب محبب إلى قلب المدعو.
- تدعو للمدعو الجديد بأن يهديه، ويشرح صدره إلى حب الخير والعمل به.
- تربط حياة المدعو بمعاني الإسلام قولاً وعملاً، من خلال العيش معه عيشاً جماعياً.
- تشكر كل من أسهم في نشر الخير وقدم للأمة فرصاً للعمل والإصلاح.
- تشوق المدعو إلى الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - من خلال ترغيبه في الخير وترهيبه من الشر.
- تشيع كل عمل إسلامي تراه أو تسمع به في جلساتك ولقاءاتك العامة أو الخاصة؛ فهو أسلوب لزرع الحس الإسلامي في نفوس الناس.
- تطرح مشروعات خيرية ودعوية في المجالس العامة والخاصة، ولك - إن شاء الله - أجر الدلالة على الخير والعمل به.
- تذكر المدعو بفضائل الأعمال الصالحة؛ فهي من أهم الحوافز إلى عمل الخير والاستزادة منه.
- تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
- تشجع كافة أعمال البر والخير، لا سيما في مجال الدعوة ونشر العلم.
- تكتب مقالاً في مجلة، أو جريدة، أو الإنترنت، أو غيره من الوسائل الحديثة.
- تقدم نصيحة إلى الآخرين ترجو بها وجه الله.
- تدعو كافراً إلى الإسلام.
- تبذل شفاعة حسنة، تكسب من ورائها أجراً وثواباً.
- تهدي ضالاً، وتعلم جاهلاً، وترشد تائهاً، وتذكر غافلاً.
- تقدم رأياً، وتقترح فكرة، وتخطط مشروعاً.
- تعلن عن محاضرة، أو كتاب، أو شريط مفيد.
- تحيي سنة مندثرة، وتنكر بدعة منتشرة.
- تنشر دعوة، وتنشط خاملاً، وتنمي موهبة.
- تلقي خطبة، وتبعث خطاباً.
- تروح عن قلب، وتنفس كربة.
- تستثمر همة الناس في خدمة الدعوة وعمل الخير.
- تحاور خصماً؛ بهدف إحقاق الحق والدفاع عنه، بالحجة والبرهان.
- تلقي موعظة أو درساً في المسجد، أو غيره من مجالس الخير.
تقتنص الفرصة بالكلمة الطيبة في الحالات التالية:
• رفيق في القطار أو الطائرة.
• اللقاء العابر على الوليمة أو أية مناسبة.
• جلسة استراحة في نادٍ أو مستشفى أو دائرة حكومية.
• جلسة المرافقة في الدراسة.
• مجال ارتباط في التجارة أو أي معاملة.
• عند الشراء، أو في حديقة عامة، أو في المسجد، أو عند التعارف مع الغير في السفر.
بهذه الوسائل للكلمة الطيبة: قد ينقذ الله تعالى بها قلوباً من السبات، وقد يخرج بها أمماً من عالم الأموات، وقد تنشئ دعوة، وقد تبني مؤسسة خيرية أو دعوية، وقد يتحول المجتمع بأكمله من الانحراف إلى الصلاح بإذن الله. (والداعية الموفق من وفقه الله لكلمة الخير التي تنتشر في الآفاق، فيكون له أجرها، وأجر من يعمل بها، إلى ما شاء الله).
الوسيلة والفرصة السادسة والثلاثون: الهدف الأسبوعي
المقصود من هذه الفكرة: أن يحدد الداعية له هدفاً يحققه خلال أسبوع، سواء كان هذا الهدف إيمانياً، أو فكرياً، أو دعوياً.
* نماذج تطبيقية:
قد يكون (هدف هذا الأسبوع) هو......
• المسارعة والحرص على الصف الأول في الصلاة.
• الدعاء للأهل والأرحام والإخوان وعامة المسلمين بظهر الغيب. (الفائدة من تحديد الهدف الأسبوعي).
• التعود على الالتزام بشيء معين خلال فترة زمنية محددة.
• تدريب النفس على الجد والاجتهاد.
• التعود على العمل والإنتاج والطاعة.
• المجاورة في المسجد بين صلاتي المغرب والعشاء.
• تعويد اللسان على ذكر الله، والحفاظ على أذكار الصباح والمساء.
• الحرص على الحضور المبكر لصلاة الجمعة.
• الحرص على سنة السواك.
• الإكثار من قول سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
• العيش مع الأحاديث والآيات الواردة في نعيم الجنة.
• تعويد اللسان على كثرة الاستغفار والتوبة.
• قراءة سيرة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب.
• الحفاظ على سنة ركعتي صلاة الضحى.
• الحرص على زيارة مريض والدعوة له بالشفاء.
* إذا جاء رمضان فينبغي أن يكون هدف الأسبوع:
التخطيط لاستقبال رمضان وكيفية الاستعداد له، وهكذا في كل مناسبة إسلامية.
• متابعة أخبار المسلمين وأحوالهم في العالم.
• ترتيب جدول يومي للاستماع إلى أشرطة إسلامية مختارة، لدروس ومحاضرات علمية وتربوية.
• ابتسم في وجه من تلقاه مع مبادرته السلام.
• اكسب أخاً جديداً.
• ممارسة الرياضة بشكل يومي ولمدة نصف ساعة يومياً.
- قال تعالى:{.. وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } المزمل:20.
- يفضل أن يكون في كل أسبوع هدف أو هدفان فقط، مع الجد في تحقيق ذلك.