عاودت أسواق الأسهم في دول الخليج العربية الصعود اليوم الخميس 16-3-2006 من أشد هبوط تشهده في سنوات بعد تدخل الحكومات ورجل الأعمال السعودي الملياردير الأمير الوليد بن طلال لإنقاذ آلاف المضاربين بعد التراجع الحاد الذي أصاب هذه البورصات يوم الثلاثاء الماضي.
وأنهى مؤشر الأسهم السعودية التعاملات الصباحية مرتفعا تقريبا بنسبة الـ5% المسموح بها خلال يوم إلى 16355.79 نقطة. وبعد بداية هادئة أغلق مؤشر سوق دبي المالي مرتفعا 3.95%، إلى 623 نقطة، بينما أغلق مؤشر سوق أبوظبي مرتفعا 3.4%. كما أغلق مؤشر الأسهم القطرية مرتفعا 2.82%.
ومع إغلاق بورصة الكويت كانت سوق البحرين وعمان أصغر سوقين هما الخاسرتين الوحيدتين، وأغلقتا على انخفاض طفيف.
تعهدات الحكومة
وجاء الصعود في أسواق دول الخليج العربية إثر تعهدات من حكومات تلك الدول بدعم أسواق الأسهم الإقليمية التي يهيمن على التعاملات فيها مستثمرون صغار جذبهم صعود بدأ العام الماضي للاستثمار في البورصة.
ففي السعودية صعدت الأسهم بعد إعلان وزارة المالية أن الملك عبد الله بن عبد العزيز أمر بدراسة تدابير لتعزيز السيولة، منها: السماح للأجانب المقيمين في المملكة بالاستثمار مباشرة في سوق الأسهم المحلية وخفض القيمة الاسمية للأسهم. وشدد العاهل السعودي على ضرورة إجراء الدراسة واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد بشكل عاجل.
وتقتصر ملكية الأسهم في السعودية حاليا على المواطنين السعوديين ومواطني دول الخليج العربية المجاورة رغم أن الأجانب يمكنهم الاستثمار في صناديق الأسهم السعودية.
مساهمة الوليد
وعقب بيان الوزارة مباشرة عزز الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال من المعنويات بإعلانه أن شركة المملكة القابضة التي يملكها ستضخ خلال الأيام القليلة المقبلة من 5 مليارات إلى 10 مليارات ريال (من 1.3 مليار إلى 2.7 مليار دولار) في البورصة السعودية المضطربة.
كما قالت صحيفة "الاقتصادية" السعودية إن الأمير ابن طلال ينوي طرح 30% من أسهم شركة المملكة القابضة للتداول في سوق الأسهم السعودية هذا العام.
وفي مقابلة مع قناة العربية الفضائية أكد الأمير الوليد أن اقتصاد السعودية، أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، لايزال قويا.
وأوضح أن ما شهدته السوق السعودية في الأشهر القليلة الماضية هو أن المضاربين الذين هيمنوا على السوق، تسببوا في "مأزق" سوق الأسهم بدفعهم أسهما ضعيفة للصعود إلى مستويات غير مبررة. وحذر من المضاربة لتحقيق مكاسب في المدى القصير.
ومن ناحية أخرى رحب الأمير الوليد باقتراحات وزارة المالية، معتبرا أن تجزئة الأسهم "ستفيد السوق" وأن السماح للمقيمين الأجانب بالاستثمار في البورصة يعتبر قرارا "جيدا جدا".
كما حث الأمير هيئة السوق المالية التي تتولى الإشراف على البورصة على تسريع إدراج الشركات لامتصاص السيولة الزائدة موضحا أن "السعودية بها سيولة وفيرة لكنها تفتقر إلى الفرص الاستثمارية الكافية".
وانتعشت الأسهم السعودية بنحو 4% إثر تعليقات وزارة المالية والأمير الوليد. وكانت حركة تصحيح مستمرة منذ أسبوعين قلصت القيمة السوقية لبورصة السعودية، التي تعد أكبر البورصات العربية، بأكثر من 31%.
استقبال حذر
واستقبل المحللون بحذر إعلان وزارة المالية السعودية وتصريحات الوليد. وقال عبد المنعم عداس من شركة أبو الخير للاستشارات المالية إن "الإجراءات المزمعة منحت الثقة للسوق لكن من الصعب التكهن إلى متى سيستمر تأثيرها".
وعلى العكس، اعتبر مصرفي بارز أن الحكومة كان يتعين عليها ألا تتدخل، وقال إن حجم الاستثمار الذي عرضه الوليد لا يصل إلى ربع متوسط قيمة التداولات اليومية قبل أن تضرب حركة التصحيح السوق.
وأوضح المصرفي بقوله: إن "البورصة كانت ستفقد 50% بدون هذه الإجراءات لكن تراجعا كهذا كان ضروريا حتما. وبتدخلها وضعت الحكومة مصداقيتها على المحك فيما يتعلق بالتقييمات المرتفعة للأسهم في البورصة".
وأضاف: "لقد سعت إلى مخرج عاطفي وسهل وهو أمر يصلح فقط لتهدئة الرأي العام وإطلاق فقاعة جديدة".
وقال مصرفي بارز في دولة الإمارات: "كان لهذا تأثير هائل على البورصة السعودية وسيخفف الضغط عن الأسواق الأخرى في المنطقة حيث يوجد الكثير من التأثير المتبادل بين السعودية والإمارات والكويت". وقال إنه "لولا ذلك لكانت الصورة أشد قتامة".
وأضاف: "لست متأكدا أن هذا التأثير سيطول أمده. إذا وقع تراجع آخر بالحد الأقصى في السعودية فستكون فوضى لأنه عندئذ لن يرفع أي شيء البورصة".
وتمثل سوق الأسهم السعودية نحو نصف القيمة السوقية لأسواق الأسهم في أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم وتحدد في معظم الأحيان اتجاه أسواق المنطقة.
الإمارات
وفي الإمارات قرر المسئولون تنظيم عمليات الطرح الأولي لأسهم الشركات للاكتتاب العام ورفع سقف قروض البنوك بضمان أسهم في محاولة لتعزيز السيولة ووقف التراجع الأخير في السوق.
وقال وضاح الطه رئيس وحدة الإستراتيجيات في "إعمار للخدمات المالية": إنه كان هناك بعض الدعم من صناديق حكومية أو شركات قابضة. وأضاف أن هناك حوافز حكومية غير مباشرة للصناديق الكبرى من أجل الشراء لكن الأمر لا يتعدى كونه حرفية فالأسعار "جذابة جدا".